تعتزم الإدارة الذاتية لشمال وشرقي سوريا إجراء انتخابات البلديات في 11 حزيران/يونيو الجاري، وهي خطوة مثيرة للجدل تُنذر بتصعيد التوترات السياسية والعسكرية في المنطقة. تتزامن هذه الانتخابات مع ظروف غير مواتية، حيث يشهد الشمال الشرقي من سوريا تفاعلات دولية وإقليمية معقدة. يرى العديد من المحللين أن هذه الانتخابات ليست سوى خطوة جديدة نحو تكريس سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وفرض واقع سياسي جديد يهدد وحدة الأراضي السورية.
فرض السيطرة الكاملة لحزب الاتحاد الديمقراطي: تبدو هذه الانتخابات محاولة واضحة من حزب الاتحاد الديمقراطي لتعزيز قبضته على المنطقة وفرض هيمنته السياسية. منذ بداية الثورة السورية، سعى الحزب إلى تأسيس كيان سياسي مستقل تحت مسمى الإدارة الذاتية، مستغلاً الفوضى والانهيار الذي شهده النظام السوري ومناطق سيطرة المعارضة، ومع المصادقة على العقد الاجتماعي الجديد، يحاول الحزب الآن من خلال هذه الانتخابات تأكيد سيطرته وترسيخ نفوذه، مما يُثير مخاوف من خطوات مستقبلية نحو إعلان انفصال فعلي.
بداية عملية التقسيم: تُعد هذه الانتخابات خطوة باتجاه تقسيم سوريا. الإدارة الذاتية، التي يهيمن عليها حزب الاتحاد الديمقراطي، تسعى إلى تأسيس كيان سياسي مستقل، وهو ما يتعارض مع وحدة الأراضي السورية وسيادتها. تُشكّل هذه الخطوة تهديدًا كبيرًا للسلامة الإقليمية لسوريا وتُعزز من سيناريو التقسيم الذي يخشاه الجميع. هذا السيناريو لا يُعد فقط تهديدًا لسوريا بل أيضًا لأمن المنطقة بأكملها، حيث أن تقسيم سوريا يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار إقليمي واسع النطاق.
المواقف الدولية والإقليمية: تواجه الانتخابات رفضًا واسعًا من عدة أطراف دولية وإقليمية. الولايات المتحدة، على سبيل المثال، رفضت هذه الانتخابات واعتبرتها غير شرعية وغير شفافة، مشيرة إلى أن الظروف الحالية لا تتيح إجراء انتخابات حرة ونزيهة. تركيا أيضًا أعربت عن قلقها الشديد من هذه الانتخابات، معتبرة إياها خطوة تهدف إلى تقسيم سوريا وتهديد أمنها القومي. التصريحات التركية تشير إلى استعداد أنقرة للتدخل عسكريًا إذا لزم الأمر لمنع فرض واقع جديد على الأرض.
موقف نظام الأسد: نظام الديكتاتور بشار الأسد لم يصدر تعليقًا رسميًا، لكن وسائل إعلامه هاجمت الانتخابات واعتبرتها خطوة انفصالية وغير شرعية. يعتبر النظام أن هذه الانتخابات تعزز من سلطة قوات سوريا الديمقراطية وتُضعف من قدرته على إعادة بسط سيطرته على جميع الأراضي السورية.
من منظور نقدي، تُعد هذه الانتخابات خطوة غير محسوبة النتائج من قبل الإدارة الذاتية. فبدلاً من تعزيز الاستقرار، قد تؤدي إلى تفاقم التوترات الداخلية والخارجية. المضي قدمًا في هذه الانتخابات دون توافق وطني ودولي يعكس سياسة فرض الأمر الواقع التي تتبعها الإدارة الذاتية، وهي سياسة قد تضر بمستقبل المنطقة بأكملها. الانتخابات في ظروف كهذه، حيث تفتقر إلى الاعتراف الدولي والإقليمي، تضعف من شرعية الإدارة الذاتية وتُعزز من صورة الحزب كقوة انفصالية تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب الوحدة الوطنية.
تُعد الانتخابات المزمع إجراؤها في شمال وشرقي سوريا خطوة تتسم بالكثير من المخاطر والتحديات. بدلاً من تعزيز الاستقرار والتشاركية، قد تكون بداية لعملية تقسيم فعلي للبلاد وتعميق التوترات الإقليمية والدولية.