أتمَّت اليوم 15 آذار الثورة السوريّة عامَها العاشر، والتي انطلقت بعفويّة ، ولتتحوّل هذه العفويّة إلى نطاق واسع يطالب بالحريّة السياسيّة للشعب السوريّ، تحوّلٌ ثوريّ شعاره “ثورة حتّى النصر” والذي رافق انطلاقة الثورة السوريّة في عامّ 2011 ثورة محليّة عالميّة: ما إن انطلقت الشرارة من محافظة درعا “مهد الثورة” حتّى بدأت تنتقل إلى باقي المحافظات السوريّة، ليصل صداها جميع أنحاء العالم، وتتلقّى دعمًا دوليًّا، وكما كان هناك خذلانٌ محلّيّ وعربيّ، كان هناك خذلانٌ دوليّ، ولكن كلّ هذا لم يخذل الثوّار والأحرار السوريين، ولم يثنهم عن التأكيد على دوام واستمراريّة الثورة، مُصرِّين على تحقيق أهدافها، ونيل الحريّة المنشودة، والتخلّص من نظام الأسد الطاغية، والعيش في سوريا حرّة.
بين البدايات والاستمراريّة: صورٌ كثيرة ترسّخت مع بداية الثورة السوريّة والتي كان أوّلها أطفال مدينة درعا، إذ لا تزال كتاباتهم على الحائط ذكرى شاهِدة وموثّقة ودالّة على مطالب السوريين.
صورةٌ أُخرى ظهرت لتُوسّع الحراك أكثر وأكثر ألا وهي استشهاد الطفل حمزة الخطيب. أمّا صورة “الشعب السوريّ واحد” جعل جيش الأسد العقائديّ يتحرّك ليبدأ بإسكات الجموع الثوريّة المطالبة بنيل الحريّة، فبدأ بقصف عاصمة الثورة حمص العَديّة، وأحالها إلى خراب، لتعقبها حلب الشرقيّة، وتتبعها دير الزور، مدنٌ محرّرة واحدة تلوَ الأُخرى، وتُعلَن الرقّة عاصمة التحرير، وما هي إلّا أيّام حتّى بسطَ تنظيم داعش يده على المناطق المحرّرة وإعلان الرقّة عاصمة الخلافة، ومن بعده قسد التي أخذت بالبحث عمّا ليس له وجودٌ بالأصل، وهو إقامة كنتون كرديّ مزعوم، وبالتالي انتهت البدايات بنهاياتٍ غير متوقّعة.
رحلة البرّ والبحر: بعد أنْ حوّل النظام الأسديّ الجزء الأكبر من سوريا إلى دمار، وجزء آخر إلى مدن محاصرة، و أجزاءٌ ليست بيده، قام بنشر المجموعات الإرهابيّة في المناطق المحرّرة التي مهمّتها سرقة الثورة، مصوّرًا الثورة على أنّها ثورة إرهاب وتطرّف، وهنا في هذه المرحلة بدأت ملاحقة الأحرار، والمستضعفين من أبناء المناطق المُحرّرة ليجدوا أنفسهم لاجئين في دول الجوار، أو يركبون البحر، في دوّاماته المجهولة لتنقلهم إلى دول أوروبا، حيث شهدت السنوات الخمس الأخيرة حركة لجوء غير مسبوقة نحو القارّة العجوز، ولم يكن نصيب البحر في أرواح السوريين بأقلّ ممّا للأسد وعصاباته، ومن لم يمت بالبحر، والقصف، مات بتأثير الكيماويّ الذي ألقاه النظام على مناطق الشمال السوريّ. وتبقى صورة المغيّبين في السجون حاضرةً حضور الثورة في القلوب والذاكرة.
عشر سنوات كانت كفيلة بتحصيل ذاكرة مليئة بملايين الصور التي أصبحت ارشيفًا على رفوف المنظّمات الإنسانيّة، إلّا أنّها راسخة في ذاكرة الثورة وأبنائها وإن تقادم العهد في عقد .