براء موسى – حقوقي سوري – daraj.com
أربعون سنة لم أكبر فيها يوماً واحداً… كيف نجوت؟ نجوت مما أتى وما هو آتٍ، يا سادتي… بأنني أيضاً مثل رفاقي حينذاك قُتِلْتْ…
- مرّ أربعون عاماً على مجزرة سجن تدمر السوري الذي كان أكبر معتقلات النظام السوري في حينه، ويومها أقدم النظام السوري بقيادة رفعت الأسد على تصفية نحو ألف معتقل. هنا رواية الكاتب عن شقيقه (نزار الموسى) الذي كان حدثاً بعمر 16 عاماً ومسجوناً في تدمر وأفرج عنه بعد المجزرة بسنوات.
أنا الناجي:
نجَوت… نعم نجَوت… ولا علاقة مباشرة لأكرم الذي أراد قتلي بنجاتي آنذاك، لم أعرف حتى اليوم دافعه لقتلي، فقد كان بالكاد يبلغ الثامنة عشرة، ما أتذكره اليوم، وقد كتمت السرّ في صدري لأربعين عاماً، هو أنني نجوت، وآخر ما علق بذاكرتي حينذاك هو صوت التكبيرات الهادرة على أرواحنا، الله أكبر… الله أكبر… الله أكبر!
أنا بلال الحبشي:
من العجيب أن لا يعرف السوريون ضريحي في دمشق، و بعد خمسة وثلاثين عاماً سيخبرنا فاروق الشرع في مذكراته (الرواية المفقودة) أنّ رئيس النيجر حسين كونتشي في زيارته لدمشق قبل المذبحة بيوم 26/6/1980 طلب زيارة قبري، ووقف أمامه بخشوع صوفيّ، سيخبرنا أيضاً أنّه دُهش كبقية السوريين بأنّ قبري هنا في دمشق، الله أكبر، في هذا اليوم تعرّض حافظ الأسد لمحاولة اغتيالٍ بقنبلتين تدريبيتين رماهما الشرطي أحمد الدامور عليه. سيتجاهل الشرع ذكر اسم ذلك العنصر من الحراسة الشخصية للرئيس، وهو مات عندما رماه كبير الحرّاس خالد الحسين على القنبلة الأولى، بينما ألقى خالد بجسده الضخم فوق الرئيس ليحميه… الله أكبر…
ما لم يخبرنا به الشرع أنّ الضابط حسين كونتشي رئيس النيجر جاء إلى رأس هرم السلطة في بلده بانقلابٍ، تماماً مثلما حافظ الأسد الذي نصّب نفسه رئيساً على البلاد والعباد عام 1970 ليكمل رحلة الخراب الرهيب للبلد بعد “حزب البعث”، كما سيتضّح بكلّ جلاءٍ بعد نصف قرن في عهد وريثه الكيماوي بشار الأسد، الله أكبر.
أنا الناجي… ولست الوحيد الذي نجا:
يُفترض في هذا اليوم 27/6/1980، يوم المذبحة، أن أكون في امتحان مادّة التشريح في كلّية الطب البشري، في سنتي الثالثة، لكنّ المخابرات اعتقلتني من الكلّية في السنة الماضية عندما كنت في السنة الثانية من دراستي الجامعية، لأشهد اليوم درساً بليغاً في فنّ التشريح على أصوله، تقول التخمينات عن عدد السجناء الذين قُتلوا في هذا اليوم في زنازينهم أنّه يتجاوز الألف ضحيّة، بينما يدّعي القتَلَة أنّ العدد بحدود 600 كما يقدّر أكرم.
أنا العريف أكرم بيشاني:
التحقت متطوّعاً في سرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد وأنا في السادسة عشرة من عمري، وحصلت على رتبة عريف لأنني حاصل على الشهادة الابتدائية، أنا اليوم أخدم في مفرزة الحراسة الخاصة لسيدي الرائد معين ناصيف قائد اللواء 40 في سرايا الدفاع، وزوج ابنة سيادة العقيد رفعت الأسد السيدة تماضر، وها أنا اليوم في مطار تدمر في المجموعة الاحتياطية التي تنتظر الزملاء من المجموعة التي داهمت الزنازين في سجن تدمر ليقتلوا أولئك السجناء المارقين.
لا أعرف لماذا جاء حظي أن أبقى في المطار احتياطياً لحراسة المروحيات التسعةالتي جاءت بنا فجراً من مطار المزة في دمشق، فأنا لا أقلّ شجاعة عن زملائي، لا أقلّ عن العريف ناصر عبد اللطيف أو غسان شحادة وطاهر زوباري وحسين عيسى… ولا أيضاً عن ابراهيم يونس وعلي صالحة وعبد الرحمن هدلان وبشير قلّو، ربما براءة وجهي وطيبة ملامحه هما السبب في عدم اختياري بين أكثر من 80 من زملائي الذين نفّذوا العملية داخل السجن، لكن القيادة ستعرف مدى شجاعتي عندما انتدبتني بعد سنة في مهمة خارجية لاغتيال مضر بدران رئيس وزراء الأردن.
أنا الذي نجَوت:
صحيح أنني كنت أدرس الطب البشري، ولكنني مولَع كأستاذي الأديب ابراهيم عاصي بالأدب والفنون، وهو قُتل أيضاً في هذه المذبحة.
قبل سجني كنت دائم النقاش مع أخي الطبيب في الأفكار والفلسفة والسياسة، كان أخي ذا ميول يسارية بينما كنت أميل إلى اليمين، لكنّ ذلك الاختلاف في الأفكار والعقيدة لم يفسدا لودّ الأخوة قضيّة، وهو أكمل حياته بعدي بأفكاره وميوله وعلمه بكل نجاح. كان متفوقاً في دراسته، أنا كنت كذلك أيضاً، على رغم اختلافنا وافتراقنا ما زلت أكنّ له كلّ الحب الأخوي الصادق، بالضبط كما أكنّه لأخويّ اللذين قتلتهما نيران الوحدات الخاصة وسرايا الدفاع عندما هاجما مدينتنا قبل شهور فقط من مجزرة السجن الصحراوي الذي كنت أنا فيه سجيناً عندما نجَوت.
أنا الرقيب أول صلاح إبراهيم:
كنت المسؤول الأول في مفرزة الحراسة لسيدي الرائد معين ناصيف قائد اللواء 40 في سرايا الدفاع، قد تسألونني همساً: “كيف يكون قائد لواء برتبة رائد؟”… سأجيب بهمسٍ أيضاً: “في دولة الأسد والبعث لا علاقة لهذه الشكليّات التراتبيّة في توزيع المهمات الثقيلة للقيادة، فالمهم هنا الجدارة والولاء”، ستقولون: “ولكنّ معلمك صهر القائد العقيد رفعت”، سأجيب: “وها أنا ذا أستلم زمام الأمور هنا في المفرزة على رغم ثقل الحمل الذي يحتاج على الأقل إلى رتبة ملازم أو نقيب، أين الخطأ إن اجتمعت القرابة والكفاءة؟”.
في المهمة الوطنية التي قتلنا فيها سجناء تدمر من عصابة الإخوان المسلمين العميلة، كان نصيبي كالكثيرين منهم، ربما أكثر من الرقباء نزيه بلول وهمام أحمد وطلال محيي الدين أحمد، لا بل أكثر من الرقيب علي محمد موسى الذي خرج وثيابه ملطخة بدماء السجناء المجرمين، وربما أيضاً أكثر من العريف ابراهيم مكنا الذي كان يتأكد من جثث الاخوان ويقوم مع الملازم رئيف بتصفية أيٍّ منهم بحالة الشك أنّ فيه نفَس. زميلنا الشهيد الرقيب اسكندر أحمد تمّ الغدر به عندما غافله أحد المساجين، وكان مختبئاً في دورة المياه، اخذ منه بارودته وقتله وجرح اثنين من جماعتنا، ولكن زميلي الرقيب محمد عمار استدرك الموقف وقتله بمخزن رصاص كامل.
أنا الذي نجا:
تركتْ أختي الكبرى المدرسة باكراً، ولكنّها كانت شعلة ذكاءٍ متّقدة، فعدا أنها تقارعنا الأفكار الفلسفية والمعرفة في الآداب والفنون، فقد حصلت على الشهادة الإعدادية وكذلك الثانوية بجهدها الفردي في بيتنا الصغير دونما مدرسة، لكنها لم تستطع الالتحاق بالجامعة مثلنا لفقرنا المدقع بشكل أساسي. لا أنكر أن للعادات والتقاليد في بلدنا تأثيراً في مصيرها الدراسي، لكن الحزن الشديد على مصير إخوتها كان كاوياً إلى حدّ الانكماش وانعدام الثقل. سيعيش صديقي الذي كان يدرس معي في تلك الغرفة الصغيرة في بيتنا ليبكي عندما يتذكّر حنّيتها علينا عندما كنّا ندرس معاً، آهٍ كم اشتقت إليها.
أنا الملازم رئيف عبد الله:
بعدما قتلنا السجناء داخل زنازينهم، كنت الأكثر حرصاً من زملائي الملازمين الذين شاركوا في العملية في التأكد من الجثث وقتل من بقي منهم حيّاً. لن أذكر هنا المشاركين معنا من اللواء 138 الذي كان بإمرة اللواء علي ديب، فأنا من اللواء 40 وأفتخر بذلك… كان معنا من اللواء ذاته من الضبّاط الشجعان الملازم منير درويش والملازم أول ياسر باكير… زعلت قليلاً عندما عدنا من تدمر إلى قاعة السينما في مقرّ لوائنا وأوصانا ياسر بأن لا نُفصح لسيادة الرائد معين ناصيف، أنّ أحد السجناء الجبناء قام بقتل الرقيب البطل اسكندر أحمد، كنت أرغب أن أتكلّم أنا ولو أنني أخفض برتبة، كنت سأقول بملء حقدي على الاخوان المجرمين الذين قتلوا منّا أكثر من 30 تلميذاً ضابطاً في كلية المدفعية بحلب السنة الفائتة أننا انتقمنا بعشرات الأضعاف، بكلّ الأحوال سأظلّ مثابراً في ولائي للقيادة الحكيمة أبد الدهر، ريثما أحصل على التقدير المناسب لكفاءتي.
أنا أبو جهل:
بعد 39 عاماً سيحدّثنا خالد العقلة، وهو معتقل من جماعة البعث اليميني/الموالي لبعث العراق، وقد أمضى 27 سنة في المعتقلات السورية، وعاصر المذبحة عندما كان هو أيضاً في سجن تدمر. قال في برنامج تلفزيوني أنّه رأى من ثقب في باب المهجع الذي كان فيه كيف رآني من نافذة المهجع المظلم وأنا أقوم بمهمتي في التأكد من جثث القتلى قبل إرسالهم إلى الدفن في الصحراء، كنت أغرز السيخ الحديدي في بطن كل جثة يضعها عناصر البلدية أمامي، أليست تلك المهمة مسليّة؟
كنت مساعداً من ملاك سجن تدمر، لكنني كنت فعليّاً المدير الأكبر بعد نائب رئيس السجن النقيب بركات العش ورئيس السجن المقدم فيصل غانم.
أنا الذي نجَوت حقّاً:
من الحكايا التي تداولها سجناء تدمر وأهاليهم، أنّه في يوم المجزرة غاب رئيس السجن فيصل غانم، وناب عنه نائبه بركات العش في تهيئة المقتلة، لا أحد يعلم تفاصيل ذلك الترتيب للأمر، لكن ما يُذكر عن أمّ فيصل غانم أنّها كانت تأخذ من الأهالي الذين يودون معرفة مصير أبنائهم ذهباً، وحدة القياس لديها ليس الغرامات كما هو دارج في أوزان الذهب، بل الكيلو غرام، ورغم ذلك، القلّة فقط استطاعوا زيارة أبنائهم لبضع دقائق فقط.
بعدما قتلنا السجناء داخل زنازينهم، كنت الأكثر حرصاً من زملائي الملازمين الذين شاركوا في العملية في التأكد من الجثث وقتل من بقي منهم حيّاً.
سيدفع أهلي الفقراء ما فوقهم وما تحتهم من الرشى لأمّ المقدم فيصل فقط ليعرفوا إن بقيت على قيد الحياة أم لا، مثل الآلاف غيري… لكنني سأبقى الوحيد الذي أعرف أنني نجوت.
أنا المقدّم سليمان مصطفى:
أنا قائد أركان اللواء 138 في سرايا الدفاع، الذراع الضاربة لسيدي قائد اللواء علي ديب، عندما نفّذنا عمليّة الانتقام لمحاولة اغتيال سيادة الرئيس المفدّى حافظ الأسد. كان برفقتي من الضبّاط محمد ياسمين ونور الصباح، لكنني تفردّت بالقيادة لما عرف قادتي عني من الحكمة والشجاعة، فلقد حرصت مثلاً على إجراء تفقّد السجناء بنفسي صباح الجمعة يوم العملية، على رغم أنّ التفقّد الاعتيادي الدوري هناك كان يجري ظهراً، وعزلت بعض السجناء هناك ممن تهمتهم غير الإخوان، ثمّ أجهزنا على المجرمين في زنازينهم خلال زمن قياسيّ، ولو كانت موسوعة غينيس حينها فعّالة يومها لكنت حصلت على وسامٍ إضافي في حياتي المهنية، لقد صفّيتا قرابة الألف بني آدم في نصف ساعة فقط.
أنا مَن نجا:
من أصدقائي في المذبحة عبد الحكيم ربيع. لن أستغرب إن كان هناك ممن قُتلوا على رغم كونهم أحداثاً مثله، فهو اعتقل عندما كان طالباً في الثانوية، قُتل وهو بالكاد في السابعة عشرة. كان يحبّ الشعر والأدب مثلي، لكنني كنت غالباً ما أتفوق عليه في المبارزات الشعرية. سأفصح الآن عن سرٍّ كتمته طويلا أيضاً، ففي آخر أيامنا معاً تركته يفوز عليّ بكل محبّة وود ما جعله سعيداً لبعض الوقت، على رغم التعذيب الشديد الذي كنّا نلقاه في محنتنا، كنت أحفظ من أبيات الشعر التي تبدأ بحرف الضاد أكثر من عشرة أبيات على الأقل، وعندما نازلني في المرّة الأخيرة كان يقارعني بأبيات قصيدة لحطان بن المعلى البادئة بالبيت: أنزلني الدهر على حكمه… من شامخٍ عالٍ إلى خفض. رددت عليه ثلاث مرّات فقط بأبيات تبدأ بحرف الضاد، وعند المرّة الرابعة اصطنعت التفكير والتذكّر ثمّ أعلنت هزيمتي بهذا الحرف. لا بل كنت أتعمّد الردّ عليه ببيت شعر أعرف أنّه سيستغل حرفه النهائيّ ليأتي ببيت من القصيدة ذاتها، قبل أن أرفع له الراية البيضاء معلناً استسلامي أمامه… رحمه الله، شعر بنشوة عارمة، وأخفيت أنا سعادتي الغامرة، فمن ذا الذي يجعل حدثاً مراهقاً ينتشي قُبيل إعدامه بأيام قليلة؟
أنا الرائد معين ناصيف:
أنا رائد في قيادة لواء، أفلا يكفي هذا للتعريف بي؟ إذا كان اللواء علي ديب قائد اللواء 138 قد أشرك عناصره معنا في عملية التطهير لأكبر وكر للإخوان، فليس ذلك لأنّه يبزّني في القيادة، وإنّما لحكمةٍ يعلمها الله والقائد العقيد رفعت الأسد وسيادة الرئيس العظيم الفريق حافظ الأسد. هذه العملية لا شيء يذكر من سجلّ بطولاتي وأوسمتي، وعلى رغم التنافس مع اللواء علي ديب وآخرين بعد أقل من سنتين في مدينة حماة التي مسحناها تقريباً عن الوجود، فلي الفضل الأكبر في الولاء للقيادة والدولة، وما شذرات بطولاتي في حلب وجسر الشغور قبل العملية بأشهر سوى بعض فضائلي. سيأتي بعد نحو ثلث قرن وزير خارجية أبله اسمه وليد المعلم ليقول بجملة إنشائيّة إنّنا سنمسح أوروبا من الخارطة العالميّة… بربّكم… أيُقارَن ذلك بمسحنا مدينة حماة مع 40 ألفاً من إرهابيّيها وعائلاتهم؟!
بعد عودة عناصري من العملية البطولية في سجن تدمر حرصت على العدالة بينهم، ودفعت 200 ليرة سورية لكلّ مشارك منهم سواء كان في المجموعة التنفيذية أو الذين بقوا في حراسة المروحيات في مطار تدمر العسكري، ولو أنّ العدالة تفترض أن يأخذ منفذو عملية الإعدام الجماعي أكثر… لنقل مثلاً 50 ليرة على الرأس.
أنا الناجي مرّة أخرى:
لا أريد عندما أتخرّج من كليّة الطب أن أتخصّص كأخي الكبير في جراحة القلب، أرغب باختصاص أذن أنف حنجرة، الأذن للاستماع إلى الموسيقى والشعر، والأنف لشمّ رائحة الربيع في بلادنا المنكوبة بشيءٍ من حلمٍ وأمل، والحنجرة لتهذيب صوت القلوب الدافقة… مهلاً… سأتخصص في الدماغ البشري، لعلّني أعرف يوماً ما مصدر اللذة في قراءة رواية ستصدر بعد عشرين عاماً لأورهان باموق: اسمي أحمر، أو سأتخصص في الطب النفسي لأحلل اللاوعي الذي جعلني أقتبس من باموق شيئاً من أسلوبه في تلك الرواية هنا في هذا النص. كنت أفكّر بكلّ ذلك قبل أيامٍ من المجزرة عندما انزلقت على الأرضية الممتلئة بالزّفَر والجرذان في مهمتي كسخرة لجلب الطعام من المدخل الخلفي للسجن، سأعرف بعد المجزرة أنّ السيارة ذاتها التي تجلب الطعام للسجن ستُستَخدم في نقل الجثث لتدفنها في مكان ما في الصحراء، وسيستمرّ الحال طوال أكثر من عقد لجثث المشانق يومين أسبوعيّاً، آلاف من الجثث نقلتها سيارة الإطعام إلى المقابر الجماعية مجهولة المكان حتى تاريخ اليوم، ثمّ تأتينا بالطعام… وأحياناً يتضمّن الطعام شيئاً من اللحوم.
الفضل لله لأنّ عناصر السجن سيسرقون اللحم من الطعام الذي بالكاد يصلنا منه ما يسد رمق الاستمرار في العيش بأدنى حدوده مع أعلى قدرٍ من تعذيبنا وإذلالنا وهواننا.
لا… لن أكمل دراسة الطب، بل سأتفرّغ لديني والجهاد في سبيل الله.
أنا رفعت الأسد:
لا عدالة في هذا الكوكب، في 17/6/2020 صدر حكم بمصادرة أملاكي في فرنسا، وجزء منها في لندن وهذا حرام… هذا لا يجوز. ظلمني أخي حافظ عندما نفاني من وطني الذي سقيته عرَقاً ودماً، صحيح أنّ الصحراء السوريّة لم تخضرّ على رغم تسميدها، ذلك لأنّ نظريتي العصماء في العنف الثوري لم تُطبّق كما يجب. ابن أخي بشار فشل في إدارة الأزمة التي ينسبها البعض للربيع العربيّ المشؤوم. لقد تراخى في مكافحة الإرهاب ومحاسبة الفاسدين، وهذا لا يجوز… هذا حرام. المسؤولون في بلدنا أو الدول العربية الأخرى يدركون تماماً أنّ حجّة الإخوان ليست سوى مشجب لتعليق بعض أخطائنا في الحزم تجاه البيئة الحاضنة لهم، فستالين العظيم أنهى حياة 10 ملايين إنسان في سبيل الثورة.
قبل 39 عاماً خرج علينا التلفزيون الأردني يتهمنا بمحاولة اغتيال رئيس وزرائه مضر بدران، ودعّم ذلك باعترافات ملفّقة لعنصرين من عناصرنا آنذاك في سرايا الدفاع، الرقيب عيسى فياض والعريف أكرم بيشاني ليقولا كلاماً عنّا لا ناقة لنا فيه ولا بعير، ثمّ سيتهمنا الخونة السوريون بتدمير حماة ويا للعجب. ريبال، ابني الصغير سيدحض هذه الاتهامات كلّها، بالقليل من الكلام فقط.
أبلغ من العمر 83 سنة أمضيتها في خدمة الوطن والسوريين، ثمّ يقاضيني خونة سوريون، ليحاكمني الغرب بأربع سنوات سجن أيضاً! هذا حرام… هذا لا يجوز، لا عدالة على هذه الأرض!
سأقول أخيراً كيف نجوتُ:
تقول تخمينات أرقام المذبحة في ذلك اليوم وحده عدا ما استتبعه من إعدامات على مدى 10 سنوات، ليقترب العدد الإجمالي من 20 ألفاً بالمجمل في ذلك السجن الصحراوي الرهيب، حكم على معظمهم إعداماً قاضٍ بعثيٍّ يُدعى سليمان الخطيب، ضحايا المجزرة وحدها يتراوح عددهم بين 800 و1200، ولا توثيق شافياً لفضول المعرفة على الأقل حتى اليوم في ذكراها الأربعين.
40 سنة لم أكبر فيها يوماً واحداً… كيف نجوت؟ نجوت مما أتى وما هو آتٍ، يا سادتي… بأنني أيضاً مثل رفاقي حينذاك قُتِلْتْ.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.