قانون قيصر، انهيار اللّيرة، معاناةٌ تلو الأُخرى تطرق أبواب السوريين، ولكن مُعاناةٌ تُضاف إلى ما سبقها ترمي بثقلِها على المزارعين في منطقة الجزيرة السوريّة عمومًا ومحافظة الرقّة على وجه الخصوص، فبعد أن طالت الحرائق مساحات واسعة من المحاصيل في ريف الرقّة الشماليّ ومناطق من الريف الشرقيّ، والتي تحدث كلّ يومٍ بفعل فاعل.
فاليوم يواجه المزارعون في محافظة الرقّة مشكلةً في بيع وتصريف محصول القمح، وذلك بعد أن أقرّت الإدارة الذاتيّة التابعة لميليشيا ” قسد” بسعر الكيلو غرام الواحد لسعر القمح، وشرائه باللّيرة السوريّة التي بدأت تتهاوى أمام الدولار الأميركيّ منذ مطلع شهر حَزيران/يونيو حيث قدَّرَت الإدارة سعر الكيلو غرام ب 225 ل.س( أي ما يُعادل نحو 17 سنتًا أميركيًّا) كحدٍّ أدنى، حيث يرتفع السعر بارتفاع المواصفات الخاصّة بالعيِّنة المأخوذة من القمح، وفي أفضل حال قد يصل سعر الكيلو إلى 315 ل.س، في مقابل تسعيرة النظام والتي بلغت 400 ل.س ليصبح الفارق بين التسعيرتين 90 ل.س، وبناءً على التسعيرة التي حدَّدها النظام بادرت “قسد” بالتهديد والوعيد في حال تمّ توريد القمح إلى مناطق النظام.
كما وقامت الميليشيا ياتّخاذ إجراءات تعسفيّة ضدّ المزارعين واتّهامهم بأنّ القمح يحتوي على نسبة 22% من الشعير، ليُعيد المزارعون عمليّة اختبار القمح والتي بيّنت أخطاء الاختبارات التي تجريها لجان الإدارة الذاتيّة التي تهدف من خلال هذه المضايقات هو كسر سعر المحصول والذي لايتساوى مع تكلفة زراعته وحصاده.
هذا وكان النظام قد اعتمد تسعة مراكز لاستلام الحبوب موزّعة بين القامشلي والحسكة ، بينما تستحوذ “قسد” على 24 صومعة تتوزّع في مناطق سيطرتها شمال شرقيّ سوريا.
- حرائق للعامّ الثانيّ على التوالي:
هذا وقد شهدت محاصيل الرقّة حرائق للعامّ الثاني على التوالي كانت قد أتت على مساحات واسعة طالت عشرات الهكتارات في ريف الرقّة الشمالي بالإضافة إلى حرائق متفرّقة في “رقّة سمرة” شرقيّ المدينة، هذا وكانت الحرائق قد أتت العامّ الماضي على أكثر من 5 آلاف هكتار من الأراضيّ الزراعيّة إذ قُدِّرت الخسائر بنحو 10 مليار ليرة سوريّة، وسط اتّهاماتٍ مُتبادلة بين ميليشيا قسد ونظام الأسد.
وتُعدّ محافظة الرقّة الثانية بعد الحسكة في إنتاج القمح المرويّ، وسلّة سوريا الغذائيّة في إنتاج الخضار و توريدها نحو باقي المحافظات السوريّة، ولكنّها أصبحت تعاني في آخر خمس سنوات وذلك عقب سيطرة تنظيم “داعش” و ميليشيا ” قسد” من بعده وذلك بسبب إلغاء الدعم المُقدّم للمزارعين مثل البذار والأدوية، واحتكار غِلال المواسم الزراعيّة.
إذ تُعدُّ الزراعة مصدر رزق لكثير من أهالي الرقّة، حيث تُشكّل نسبة الأراضي القابلة للزراعة نخو 42% من أراضي المحافظة، إضافة إلى الثروة الحيوانيّة.
وعلى الَّرغم بما تتمتّع به الرقّة من ثروة زراعيّة وحيوانيّة، وأنّها محافظة مُكتفية ذاتيًّا من هذا القبيل إلّا أنّ آخر عامين يعيش أهلها في فتكِ العوَز و الجوع وشظف العيش، نتيجة السياسة التي تتّبعها ميليشيا ” قسد” بحقّ الأهالي في الرقّة.