لا يزال فريق الاستجابة الأوليّة في محافظة الرقّة يقوم بانتشال الجثث في مناطق متفرّقة هناك، إذ تمكّن الفريق من اكتشاف مقبرة جماعيّة في منطقة الحمرات شرقيّ الرقّة حيث تمّ العثور على نحو 200 جثّة، كان أصحابها قد قضَوا في قصف التحالف على تنظيم داعش عامّ 2017 وتُعَد هذه المقبرة رقم 25 من ضمن المقابر التي يتمّ العثور عليها بشكلٍ يوميّ، هذا وكان قد عثر فريق الاستجابة منذ نحو شهرين على جثتين تمّ انتشالهما من منطقة الحديقة البيضاء، وجثّتين من أحد المنازل المدمّرة في منطقة الأمن العسكريّ غربيّ الرقّة.
إذ يتولّى الفريق في كلّ مرّة عمليّة توثيق الجتت ونقلها إلى مقابر مخصّصة، ليتمّ التعرّف عليها فيما بعد من قبل ذويها.
هذا وتحتوي المقابر الجماعيّة المُكتشَفة خلال العامين الأخيرين على 6 آلاف جثّة تعود غالبيّتها لمدنيين من محافظة الرقّة.
ولم تكن معظم المقابر نِتاج التحالف فقط، بل تنظيم داعش أيضًا الذي خلَّفَ وراءه مقابر جماعيّة تعود لمدنيين من أبناء الرقّة كان التنظيم قد أعدمَهم سواء بشكلٍ ميدانيّ في ساحات الرقّة او داخل سجونه، وكان أكثرهم من عناصر الجيش الحرّ، إذ كان قد أسرَهم خلال حربه معه في يناير 2014، أو حتّى ممّن تمّ إعدامهم بشكل فرديّ، وكان غالبيتهم من الذين كانوا رافضين لسياسة التنظيم القمعيّة، ويُضاف إليهم الأسرى والرهائن الأجانب من الصحفيين، أو العاملين في المجال الإنسانيّ.
وتأتي ظاهرة المقابر الجماعيّة من كون أنّ الأهالي لم يعُد بإمكانهم دفن موتاهم في الأماكن المخصّصة لدفن الموتى وذلك بسبب اشتداد وطأة الحرب آنذاك ، إذ اضطرّوا إلى دفنهم إمّا في فناءِ منازلهم، أو الحدائق العامّة، أو الساحات الكبيرة الخالية.
واليوم وبعد مرور أكثر من عامين على سيطرة ميليشيا” قسد” على الرقّة لا تزال الكثير من الجثث تحت الأنقاض، ورائحة الموت لا تزال تملأ المكان في ظلّ تباطؤ ما يُسمّى بالمجلس المدنيّ فكان لإهماله دورٌ في انتشار الأوبئة والأمراض، وتزايد ظاهرة الكلاب المسعورة والتي باتت تهدّد حياة المدنيين وذلك لتَغذّيها على بقايا الجثث.
يُذكر أنّ المجلس المدنيّ كان قد تلقّى دعمًا ولايزال، من دول التحالف بُغية رفع الأنقاض، وإزالة الألغام، وانتشال الجثث، إلّا أنّ استجابة المجلس لا تحرّك ساكناً.
ولايزال فريق الاستجابة الأوليّة يقوم بعمله في انتشال الجثث واستخراجها من المقابر الجماعيّة بشكل يوميّ في ظلّ ضعف الإمكانات، وهو فريقٌ مشكّل من 30 عاملًا، مزوّد بمعدّات وآلات، إلّا أنّ العمل لايزال في مرحلة متأخّرة، وأنّ هذا التأخير سيزيد من فرصة انتشار الأمراض الخطيرة والقاتلة كالطاعون، مع إمكانية انتقال مثل هذه الأمراض عن طريق الماء، في ظلّ واقعٍ طبّيّ صعب ومتردّي تعيشه المدينة المنكوبة.
وتوزّعت المقابر الجماعيّة في عدّة أماكن عامّة من مدينة الرقّة كالملعب البلديّ، والأزقة، البانوراما جنوب الرقّة والتي تعتبر أكبر المقابر الجماعيّة، حيث لايزال يتمّ انتشال الجثث واستخراجها بشكلٍ يوميّ، والتي وصل عددها إلى نحو أكثر من 3 آلاف جثّة حتّى اليوم، في منطقة البانوراما وحدها إذ يوجد ما يُقارب 1500 جثّة بحسب مصدر طبّيّ.