يستقبل المسلمون حول العالم شهر رمضان المبارك في ظلّ ظروفٍ تترافق وانتشار فيروس “كورونا” الذي تسبّب في تعطيل أجواء الشهر الفضيل وما يُرافقه من عادات تحتفي ببركة شهر رمضان وفضله. هذا بالنسبة لرمضان حول العالم.
أمّا بالنسبة لرمضان في سوريا فالوضع يختلف تمامًا بالإضافة إلى فيروس كورونا لا يزال السوريون يُقاسون ما مرَّ عليهم طِوَال العشر سنوات الماضية وما سبّبته الحرب التي شنَّها النظام السوريّ وميليشياته التي ترافقه في عمليّات إجرامه والتي قطّعت أوصال الشعب والأرض، ومن سوريا عمومًا إلى الرقّة على وجه الخصوص والتي تُقاسي منذ عامّ 2014 بسيطرة تنظيم داعش وما تركه من ندبة سوداء في قلب الرقّة، وما جرّه عليها من احتلالٍ آخر ألا وهو ميليشيا ” قسد” يُعايش أهالي الرقّة رمضانهم السادس على التوالي في ظلّ ظروفٍ اقتصاديّةٍ وأمنيّةٍ وصحيّةٍ قاسية،
فلا يزال أهالي الرقّة يُقاسون أشدّ أنواع القهر والظلم والموت والدمار، ومع دخول شهر الخير والبركة يستنزل الرقّيون رحمة ربّ السماء، رحمةً تمسحُ أوجاعهم المتجدّدة دومًا على أمل أن يكون رمضان القادم أفضل حالًا ممّا هم فيه، فشوارع الرقّة مقفرةٌ من ساكنيها اليوم بسبب الوباء، ومقفِرةٌ من أبنيتها التي حالَت دمارًا بسبب الحرب التي شنّتها قِوَى التحالف، فلم تعُد البيوت كما السابق، بيوتٌ مُجتزءَة ليس فقط من حجارتها بل ومن ساكنيها الذين أصحبوا مُشتّتين في جميع أصقاع الأرض أو ممّن اختارهم القدَر إلى صفِه، لتُفرغ أيضًا من الروحانيّات التي تحملها نفحات رمضان.
حتّى المحلّات وإن كانت تتوافر فيها البضائع والمواد الغذائيّة، أو حتّى الأطعمة التي تتناسب وأجواء رمضان إلّا أنّ ارتفاع الأسعار من جهة، وقِلّة ذات اليد من جهةٍ حالَ دون حصول الأهالي عليها فأصبحوا يأخذون إلّا ما لزمَ منها وبقلَّة.
ولكن كلّ ما تمرّ به الرقّة من ظروف يحاول أهلها التعايش مع أجواء الشهر من خلال إقامة موائد الإفطار، وحملَات “إطعام صائم” و المطابخ الخيريّة والتي يأتي دعمها من قِبَل أبنائها المهجّرين في العالم، ليُساعدوا ما استطاعوا في إرضاء نفوسٍ عزيزة.