لا يزال فريق الاستجابة الأوليّة في محافظة الرقّة يقوم بانتشال الجثث في مناطق متفرّقة هناك، إذ تمكّن الفريق هذا الأسبوع من انتشال جثّتين من منطقة الحديقة البيضاء، وجثّتين من أحد المنازل المدمّرة في منطقة الأمن العسكريّ غربيّ الرقّة.
هذا ويتولّى الفريق توثيق الجثث، ومن ثمّ نقلها إلى مقابر مُخصّصة في ضواحي الرقّة لأجل أن يتعرّف أهلها عليها.
ويبلغ عدد المقابر التي تمّ العثور عليها في الرقّة خلال العامين الماضيين أكثر من 23 مقبرة جماعيّة كانت تحتوي على 6 آلاف جثّة تعود غالبيّتها لمدنيين من محافظة الرقّة كانو قد قضَوا بقصف التحالف الدوليّ خلال حربه على تنظيم داعش في عامّ 2017.
ولم تكن معظم المقابر نِتاج التحالف فقط، بل تنظيم داعش أيضًا الذي خلَّفَ وراءه مقابر جماعيّة تعود لمدنيين من أبناء الرقّة كان التنظيم قد أعدمَهم سواء بشكلٍ ميدانيّ في ساحات الرقّة او داخل سجونه، وكان أكثرهم من عناصر الجيش الحرّ، إذ كان قد أسرَهم خلال حربه معه في يناير 2014، أو حتّى ممّن تمّ إعدامهم بشكل فرديّ، وكان غالبيتهم من الذين كانوا رافضين لسياسة التنظيم القمعيّة، ويُضاف إليهم الأسرى والرهائن الأجانب من الصحفيين، أو العاملين في المجال الإنسانيّ.
وتأتي ظاهرة المقابر الجماعيّة من كون أنّ الأهالي لم يعُد بإمكانهم دفن موتاهم في الأماكن المخصّصة لدفن الموتى وذلك بسبب اشتداد وطأة الحرب آنذاك، إذ اضطرّوا إلى دفنهم إمّا في فناءِ منازلهم، أو الحدائق العامّة، أو الساحات الكبيرة الخالية.
واليوم وبعد مرور أكثر من عامين على سيطرة ميليشيا” قسد” على الرقّة لا تزال الكثير من الجثث تحت الأنقاض، ورائحة الموت لا تزال تملأ المكان في ظلّ تباطؤ ما يُسمّى بالمجلس المدنيّ فكان لإهماله دورٌ في انتشار الأوبئة والأمراض، وتزايد ظاهرة الكلاب المسعورة والتي باتت تهدّد حياة المدنيين وذلك لتَغذّيها على بقايا الجثث.
يُذكر أنّ المجلس المدنيّ كان قد تلقّى دعمًا ولايزال، من دول التحالف بُغية رفع الأنقاض، وإزالة الألغام، وانتشال الجثث، إلّا أنّ استجابة المجلس لا تحرّك ساكناً.
ولايزال فريق الاستجابة الأوليّة يقوم بعمله في انتشال الجثث واستخراجها من المقابر الجماعيّة بشكل يوميّ في ظلّ ضعف الإمكانات، وهو فريقٌ مشكّل من 30 عاملًا، مزوّد بمعدّات وآلات، إلّا أنّ العمل لايزال في مرحلة متأخّرة، وأنّ هذا التأخير سيزيد من فرصة انتشار الأمراض الخطيرة والقاتلة كالطاعون، مع إمكانية انتقال مثل هذه الأمراض عن طريق الماء، في ظلّ واقعٍ طبّيّ صعب ومتردّي تعيشه المدينة المنكوبة.
وتوزّعت المقابر الجماعيّة في عدّة أماكن عامّة من مدينة الرقّة كالملعب البلديّ، والأزقة، البانوراما جنوب الرقّة والتي تعتبر أكبر المقابر الجماعيّة، حيث لايزال يتمّ انتشال الجثث واستخراجها بشكلٍ يوميّ، والتي وصل عددها إلى نحو أكثر من 3 آلاف جثّة حتّى اليوم، في منطقة البانوراما وحدها إذ يوجد ما يُقارب 1500 جثّة بحسب مصدر طبّيّ.