الرقة تذبح بصمت
في ظلّ تزاحم القوّات الدوليّة والمحليّة أيضاً على أراضي محافظة الرقّة بحجّة تخليصها من الإرهاب المُفتعل من قِبَلِها لفرض وطرح الحجج التي تؤيّد وتُجيز تواجدهم هناك، فلم يكن السبب الرئيس لتواجد تلك القوّات من أميركيّة وتركيّة وميليشيا قسد وحتّى النظّام السوريّ من أجل تحرير الرقّة وتخليصها من الإرهاب بقدر ما تتطلّع إليه للاستفادة من ما تنتجه أرض الرقّة سواء من نفط أو زراعة خاصّةً مع توافر المناخ والثروات المائيّة وغيرها، فلماذا الرقّة دون غيرها من المحافظات السوريّة؟ هل على اعتبار أنّ لا ثروات فيها غير الزيتون والفستق الحلبيّ الذي تتقاسمه القوّات العسكريّة المُتأسلمة هناك؟ أم أنّ الرقّة اختصرت ثروات سوريا بأكملها؟.
منذ سيطرة تنظيم “داعش” على الرقّة، وثروات الرقّة في حالة استنزاف، وهي التي لطالما عُرفت باقتصادها المتنوّع إذ كانت مُساهماً في الاقتصاد السوريّ المحلّي سواء في مجال الزراعة والثروة الحيوانيّة أو النفط.
فقد بدّل التنظيم حال اقتصاد الرقّة الذي أخذ بالتدهور، إذ عمل داعش على استنزافها واستنفاد جميع مواردها بعدما وجّه أنظاره إلى منطقة الجزيرة طمعاً بالنفط الذي سيكون داعماً لإقامة دولته المزعومة.
وعلى الرغم من صعوبة تحديد ما كان يكسب تنظيم داعش من النفط السوريّ إلّا أنّها قُدّرت بين مليون وثلاثة ملايين دولار يوميّاً آنذاك أي ما يعادل 5000 برميل بينها 1600 برميل من الرقّة وحدها، وهي أرقام خياليّة تطرح التساؤل عن وجهة هذا النفط، وهويّة الدول المستفيدة منه، والتي على ما يبدو باتت واضحة اليوم؟! خاصّة وأنّ النظام السوريّ كان لا يزال يحصل على النفط على الرغم من أنّ الآبار في منطقة الجزيرة كانت تحت سيطرة التنظيم آنذاك.
حتّى أنّ الدعم النفطيّ الإيرانيّ ما كان يسدّ حاجة النظام السوريّ، وهو ما يشير إلى أنّ وجود صفقات بين النظام والتنظيم كانت تُسيّر للأخير شراء النفط.
ومالم تُخفيه المعلومات بأنّ والي الرقّة وقتها أبو لقمان وهو عرّاب النفط بين داعش والنظام كان يعمل على تأمين الاحتياجات اليوميّة للنظام من النفط والغاز، فيما كان يبيع الفائض منها إلى تركيا، وذلك إمّا من أجل تقارب ودّي لتسيير عمليّات شراء أسلحة وعبور مقاتلين، أو من أجل الحصول على بعض المعلومات الاستخباراتيّة.
تعتبر حقول الحباري غربي الطبقة، وحقول الثورة من أهمّ الحقول النفطيّة التابعة لمحافظة الرقّة والتي عادت في عام 2013 بالنفع على أهالي المنطقة مع انتشار ظاهرة( الحرّاقات) والتي تعتمد على استخراج النفط وتكريره بطريقة تقليديّة، وهو ما ساعد على رفع مستوى الرقّة الاقتصاديّ، فيما يعيش أبناؤها اليوم حالة اقتصاديّة، وظروف معيشيّة متردّية، وبعد توجيه التحالف الدوليّ ضربات قاصمة للتنظيم في صيف 2014 أخذ إنتاجه للنفط بالتراجع.
لتأتي ميليشيا قسد بعد ذلك وتؤمِّن على النفط المتواجد في الرقّة لصالح الولايات المتّحدة الأميركيّة، لتبيّن الأخيرة أنّها لم تكن بصدد حماية هذه الميليشيات بقدر ما هي تتطلّع لحماية النفط، والذي أعطى الضوء الأخضر لتركيا لشنّ عمليّة نبع السلام التي تقودها تركيا ضدّ ميليشيا قسد الارهابية المتواجدة على أرض الرقّة، فحماية النفط جاءت بالحرف على لسان الرئيس الاميركيّ دونالد ترامب بأنّه أبقى على بعض جنوده لحماية النفط، كما حمَوا نفط من سبق في العراق وليبيا وغيرها.