أحداث ومُعطيات متسارعة مع بدء عمليّة ” نبع السلام” التي تقودها تركيا ضدّ التنظيمات الإرهابيّة وعلى رأسها تنظيمي PKK وPYD في حملة تطهير للشمال السوريّ منها، وتأمين الحدود الجنوبيّة لتركيا حسب التصريحات الرسمية التركية، فما إن بدأت العمليّة حتّى شهد أسبوعها الأوّل سيطرةً على أهم مدن الشمال السوريّ تلّ أبيض والطريق الدوليّ واجزاء واسعة من مدينة رأس العين.
كلّ ذلك جعل ميليشيا ” قسد” تتخبّط حِيال ما يجري ضدّها فأصبحت إمّا أن تستصرخ طالبةً تدخّل الولايات المتّحدة التي سحبت يدها من دعم الفصائل الكرديّة من جهة، ووضعتها في يد تركيا لشنّ الحملة العسكريّة على تلك الفصائل، ومن جهةٍ أُخرى أصبحت تعرض على النظام السوريّ تسليمه لمناطق تسيطر عليها الميليشيات مثل عين عيسى، الطبقة، ومنبج حيث اعتبرت تركيا الأخيرة منطقة لأعمالها العسكريّة، كلّ ذلك دفع الفصائل الكرديّة لحملة انتقاميّة طالت بها الشباب من أبناء الرقّة وزجّهم في حروبها التي أخذت تنحسر شيئًا فشيئًا تحت ضربات الجيش التركيّ، فقد بدأت الميليشيا حملتها من خلال احتجاز الشباب من على الحواجز وخاصّة الحاجز 18 شمال الرقّة، وحاجز المشلب شرقًا، حيث يتمّ يوميّاً سوق العشرات من الشبان إلى معسكرات التدريب التابعة لها وزجّهم في حروبها في الشمال، وقد أتت هذه الحملة بعد التزام العشرات من عناصر “قسد” ورفض الالتحاق بقوّاتها شمالاً، ممّا دفع ” قسد” لممارسة الضغط على الأهالي والشباب، ونشرها لحواجز غرب في مناطق غرب الرقّة بحثاً عمّن تخلّفوا عن القتال، و عن التابعين لصفوف الميليشيا والبالغ عددهم نحو 700 عنصر يتبعون لقسد ( مجلس الطبقة العسكريّ).
وتذكّرنا حالة التخبّط التي تعيشها الفصائل الكرديّة بتلك التي عايشها تنظيم ” داعش” خلال الحملة الدوليّة ضدّ التنظيم، إذ اتّبع الأخير نفس العمليّة التي تتّبعها ” قسد” اليوم من حملة اعتقالات بحقّ الشباب من أبناء محافظة الرقّة والزجّ بهم في حروب خاسرة لا فائدة منها سوى إزهاقاً للأرواح، وتسييراً لأجندة لتحقيق مآربها، كلّ ذلك خلقَ دفعاً للشباب إمّا للهجرة خارج سوريا، أو الهروب إلى مناطق سيطرة النظام والذي لا يختلف عن سياسة ” قسد” و”داعش” أو أن يكون مصيرهم الموت في حال رفضهم الانضمام في صفوفهم.