أين اختفى أكثر من ألف معتقل كانوا في سجون داعش بالرقة عند طرد التنظيم منها؟
“أكثرمن 4 أعوام لم أرَ ابني إلا بالمنام.. قلبي حاسنني أنه عايش وقلب الأم ما يكذب”.. بهذه الكلمات تحدثت أم إبراهيم عن ابنها الذي اعتقله تنظيم داعش على طريق “حلب – الرقة”، في صيف 2015 خلال عودته من تقديم الامتحانات بكلية الآداب بجامعة حلب.
تقول أم إبراهيم لراديو الكل: “كنا ننتظر وصوله بفرح بعد غياب طويل، إلا أن اتصالاً هاتفياً غيَّر المشهد، بعدما أخبرنا قريب لنا، أنه اعتقل برفقة نحو 7 شباب آخرين، بتهمة التعامل مع نظام الأسد، وبعد وساطات علمنا أنه في معتقل بمدينة الرقة، وتمكن والده من لقائه لدقيقة، كان منهكاً ونحيلاً”.
وتضيف: “جرى تحويله لاحقاً إلى سجن الملعب الأسود، حيث بدأت معركة الرقة، ومن هناك اختفى أثره ولم نعلم عنه شيئاً، كنا نأمل أن يعود لنا بعد إخراج داعش، لكن قوات سوريا الديمقراطية لم تطلق سراحهم، هو وكثير من أمثاله”.
وتتابع أم إبراهيم: “مصدر من قوات سوريا الديمقراطية أخبرنا أن ولدي عايش وموجود في سجن للتحالف قرب المالكية بريف الحسكة، دفعنا مبالغ مالية هناك لكن من دون جدوى، إذ تنكر قوات سوريا الديمقراطية وجوده لديها، أريد أن أعرف إن كان ابني حياً أو ميتاً”.
أم عيسى هي الأخرى، اعتقل ابنها في عام 2015، تقول لراديو الكل: “متأكدة أنه عايش لكن لا أعرف مكانه، كان عمره 17 عاماً عندما اعتقلته داعش بتهم مختلفة منها تهريب الدخان، نُقِلَ إلى سجن شكري بوظان في الرقة الذي قصف جزء منه خلال الاشتباكات، وأصيب بقدمه إثر ذلك، بحسب صورة تم تسريبها، ثم نقل مع آخرين إلى الملعب الأسود، ووصلتنا صورة له من هناك”.
وتتابع: “بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، لم يطلقوا سراح المعتقلين من الملعب بحجة أن بينهم عناصر من داعش يرتدون ثياب المساجين، ثم نقلوهم إلى عين عيسى، حيث تمكن خاله من زيارته هناك، ومنذ ذلك الوقت لم نعرف عنه شيئ، وتأتينا أخبار حالياً أنه في سجن في المالكية بريف الحسكة”.
“والله العظيم أنا مستعدة أبيع كل شيء من أجل ابني، ما يحرق قلبي أننا نسأل عنه قوات سوريا الديمقراطية، وينكرون أنه معتقل لديهم، أريد أن أعرف أين ابني”، تضيف أم عيسى بغصة، وتؤكد أن حالها يمثل حال نحو عشرين امرأة تعرفهن، اختفى أبناؤهن في سجون قوات سوريا الديمقراطية.
أكثر من ألف معتقل في الرقة لا يُعرف مصيرهم
رائد إعلامي سابق عمل مع قوات سوريا الديمقراطية -التي تشكل الوحدات الكردية عموده الفقري- خلال المعارك في الرقة، يقول لراديو الكل: “بحكم عملي السابق كإعلامي مع سوريا الديمقراطية، وردتنا مئات الشكاوى، عن اعتقال نساء ورجال بتهم من دون أدلة، ولا حتى إثباتات، واختفوا، ولا يستطيع أحد أن يسأل عنهم، لأن ذلك يتم بإشراف الوحدات الكردية ي ب ك”.
ويضيف: “ولذلك تسجل الاعتقالات بتهم ضد مجهولين، كمجموعات مجهولة إرهابية خطفت مدنيين أو خلايا داعش، وهناك معتقلون أخرجوهم من سجن العايظ بالطبقة ومن سجن الرقة والسجن المركزي وسجن الملعب الأسود وسجن في قصر المحافظة وغيرهم، شاهدناهم بأعيننا”.
ويتابع: “حجة نقل هؤلاء من سجون داعش إلى سجون الاستخبارات الكردية، أن عناصر داعش من الممكن أن يكونوا تخفوا بين المعتقلين وجلسوا معهم في السجون”.
تصريحات رائد أكدها، لراديو الكل، مصدر أمني في الرقة وقال: “إن عدد المعتقلين الذين قدمت شكاوى مسجلة بفقدانهم ضمن محافظة الرقة يتراوح ما بين 1100 و 1300 معتقل، فقدوا منذ خروج داعش من الرقة”.
أين هم المعتقلون؟
مصادر عسكرية متطابقة من قوات سوريا الديمقراطية، أكدت لراديو الكل، أن المعتقلين موزعون، في قاعدة “تل البيدر” كبرى قواعد التحالف الدولي، وسجن عين عيسى، وسجن المالكية التابع للتحالف الدولي بريف الحسكة.
ويعتقد أهالي المعتقلين، أن أبناءهم موجودون في سجن المالكية، بعد أن اختفى أثرهم من بقية السجون.
ومن أشهر السجون في الرقة، سجن عين عيسى شمالي المحافظة، أنشئ بدعم من التحالف ويخصص لمعتقلي داعش الأجانب غالباً، أو السوريين ذوي المناصب المهمة، ويضم حالياً نحو 600 معتقل، بحسب ما ذكرت مصادر من السجن لراديو الكل.
كما يوجد سجن عايد في الطبقة، وسجن الرقة العام ويقع شمال مركز المدينة، ويضم أصحاب الجرائم و”الأعمال الإرهابية”، وهناك 3 سجون أخرى داخل الرقة ليست على قدر من الأهمية.وسيطرت قوات سوريا الديمقراطية، بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، على مدينة الرقة، في تشرين الأول 2017، بعد قصف ومعارك شرسة مع تنظيم داعش، أسفرت عن وقوع مئات القتلى والجرحى.
المصدر : راديو الكل