أحمد السخني
قبل نحو عام، تحوّلت مدينة الرقة من أول مركز محافظة يسقط في يد الثوار، إلى أول مركز محافظة أتمّ تنظيم داعش السيطرة عليه، مبعداً حلم السوريين بجعل هذه المدينة نموذجاً للحياة، ووجهًا مشرقًا لثورة دفع أبناء الرقة دماءهم في سبيل تحريرها وإسقاط تمثال “حافظ الأسد” المتربع في وسطها.
تحوّلت عاصمة التحرير الى عاصمة “الخلافة”، التي أذاقت سكان الرقة أبشع أنواع الظلم والوحشية من قبل عناصر تنظيم داعش.
يروي عدي حداد، أحد أعضاء “تجمع شباب الرقة الحر”، لـ”أخبار الآن”: “منذ عام كامل، لم ارَ مدينتي التي احتلها الغرباء، تغيّر فيها كل شيء، لم يعد للفرات طعم ولا للحياة معنى، فأنا في المغترب الذي فرض علي بسبب هذا التنظيم، كنا ضمن التجمعات المدنية التي تحاول قدر المستطاع أن تفعل شيئا لعاصمة الرشيد من تنظيف إلى تنظيم أمور الحياة، ومحاولة الارتقاء بالرقة، وأن نصبح نموذجاً يحتذى بها بالنسبة للمدن السورية الثائرة، ولكن بعد ظهور داعش وسلبهم لحريتنا لم يبقَ مكان للحلم بداخلي”.
بدورها، تقول زينة -ناشطة من الرقة: “كانت فرحة التحرير لا توصف، تماماً كصدمة خطف داعش لمدينتنا وتغطيتها بالسواد، فعلمت أن الرقة لم تعد كما كانت بعد ذلك اليوم الأسود الذي سيبقى راسخاً في ذهني، فلم أصمد أكثر من يومين داخل المحافظة، انتابني كبقية أبناء مدينتي شعوراً أننا غرباء في مدينتنا، فما كان مني الا الرحيل خوفاً من بطشهم”.
بدأ تنظيم داعش بالتخلص من ألوية الجيش الحر في الرقة، حيث بدأ بكتائب “الفاروق” وانتهى بـ”لواء ثوار الرقة”، لكي يستطيع فرض سيطرته الكاملة على المدينة دون مقاومة، وبعدها عمل على التخلص من الناشطين الذين كان لهم دور فعال في الحراك الثوري بالمدينة، من أمثال “رئيس المجلس المحلي عبد الله الخليل، وابراهيم الغازي، وفراس الحاج صالح، والدكتور اسماعيل الحامض”، وليس أخرهم اختطاف الأب باولو، والهدف من تلك العمليات هو إرهاب الأهالي وزرع الخوف في قلوبهم.
يقول عبد العزيز الحمزة، ناشط إعلامي من الرقة، لـ”أخبار الآن”: “بدأ تنظيم داعش بطمس معالم الثورة في المدينة، بتاريخ ١٢-١-٢٠١٤ لم تعد شوارع المدينة مألوفة، بل كانت مليئة بوحوش يرتدون الزي الأسود، ينصبون الحواجز، ويستوقفون المارة، وأي عنصر من الجيش الحر يقومون بإعدامه ميدانياً بلا شفقة أو رحمة، كانت كلمة الحرية لدى تنظيم داعش تؤول للكفر ومصيرها القصاص، ولهذا بدأ ثوار المدينة بالخروج من الرقة حفاظا على أرواحهم، بعد ذلك لم أعد أرى الابتسامة في وجوه الناس كل شيء تحول إلى سواد”.
وتنظر باقي المدن السورية التي لازالت تحت سيطرة قوات النظام إلى مدينة الرقة على أنها نموذجاً للثورة السورية، جعل داعش باقي المدن تفكر عشرات المرات خوفاً من المصير الذي آلت إليه الرقة، ما اعتبره البعض تنسيق غير مباشر بين داعش ونظام الأسد بغية إيقاف مد الثورة السورية نحو باقي المدن.
يروي محمد الحمد، ناشط من الرقة، لـ”أخبار الآن”: “لقد أصبت بخيبة امل كبيرة، حيث أن داعش اظهرت ثورتنا وإسلامنا بطريقة مشوهة للعالم، كما عملوا على مساعدة نظام الأسد بتشويههم لثورتنا، حاولنا جاهدين وعملنا على بناء مجتمع مدني متحضر بعيداً كل البعد عن إرهاب داعش، وحاولنا إيصال رسالتنا بشكل سلمي من خلال الكتابة والرسم على الجدران، ولكن داعش لم تترك لنا مجالاً بإكمال ما بدأناه، وإثبات أن ثورتنا سلمية منادية بالحرية والعدالة والكرامة وببناء الدولة المدنية التعددية الديمقراطية التي يكون فيها الإنسان محور الوطن وأساسه المتين لبناء المستقبل المشرق لسوريا حرة”.
المصدر : أخبار الآن