سؤال يطرح نفسه بعد سلسلة الأحداث والهجمات التي شهدتها باريس وضواحيها في الأيام الأخيرة، هل حصل تنسيق بين تنظيمي “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” لضرب فرنسا؟ ذلك علما أن الأخوة كواشي أكدا انتماءهما “لقاعدة اليمن” ومن ناحيته كوليبالي أكد ولاءه لتنظيم “الدولة الإسلامية”. فكيف يمكن تفسير ذلك؟
منذ اليوم الأول للهجوم على مجلة “شارلي إيبدو” الساخرة واغتيال أشهر رساميها، بدت بصمات القاعدة واضحة وجلية لعدة أسباب. أبرزها المجلة نفسها حيث هي هدف للقاعدة منذ سنوات عدة، بسبب نشرها لرسوم ساخرة من النبي محمد ، حتى أن شارب، وهو أحد الرسامين الذين قتلوا في الهجوم، كان على لائحة “الأشخاص المطلوبين” من قبل التنظيم وظهرت صورته في مجلة “إنسباير” وهي الجريدة الرسمية التي تصدر باللغة الإنكليزية باسم القاعدة.
حتى أن الأخوة كواشي قالوا للصحافية التي فتحت لهم باب المجلة أنهما يتبعان لقاعدة اليمن، وهذا ما عاد وأكده السائق الذي سلبوه سيارته خلال فرارهما من باريس. ثم أحد الأخوين صرح بذلك لقناة تلفزيونية فرنسية، حيث قال أنه تم تكويناهما وتجهيزهما من قبل “قاعدة اليمن” وبإيعاز من الشيخ أنور العولقي الداعية الأمريكي اليمني الذي تم قتله وابنه بطائرة من دون طيار أمريكية عام 2011.
وقالت السلطات الأمريكية لنظيرتها الفرنسية أن أحد الأخوين كواشي زار اليمن، فيما قالت المخابرات اليمنية أن أحد الأخوة التقى العولقي. ولدى سؤالنا لمصادر مقربة من التنظيم أكدت هذه المصادر أن أحد الأخوين فعلا كان في اليمن والتقى بأشخاص من “القاعدة” إلا أنهم لم يؤكدوا لقاءه بالعولقي.
وما لبث تنظيم “القاعدة” إلا وأن خرج بإصدار تنويه بالأخوين كواشي بلسان الشيخ النظاري وهو أحد أهم قياداته. وحصلت فرانس24 كما “أسوشيتد برس” على بيان يتبنى فيه التنظيم العملية الإرهابية ضد “شارلي إيبدو” إعدادا وتنفيذا جملة وتفصيلا.
من ناحية أخرى تحرك كوليبالي كما قال بتنسيق مع الأخوة كواشي، وهذا يأتي لسببين أولا العلاقة الوطيدة بينه وبين الأخوين، حيث أنه أمضى فترة من السجن مع أحدهما، ثانيا وبحكم هذه العلاقة المعروفة من الأجهزة الفرنسية لو تأخر كوليبالي بالتحرك لكان وقع بسرعة في قبضة السلطات الفرنسية.
وكوليبالي لم تطأ قدماه لا سوريا ولا العراق وهو تحرك من باب نصرته وتأييده لتنظيم “الدولة الإسلامية” مؤكدا أنه بايع التنظيم منذ إعلان الخلافة أي في 29 يونيو/حزيران 2014 وهذا ما كرره في الفيديو الذي خرج غداة مقتله. ومن الواضح أنه صور الفيديو بعد قتله للشرطية وقبل احتجازه للرهائن وقتل عدد منهم في متجر الأغذية اليهودي. كما أنه لا يستبعد أن يكون صور الفيديو بنفسه، حتى وإن تمت إعادة إخراجه وترتيبه خارج فرنسا. علما أن الفيديو المذكور لم يصدر عن أية قناة رسمية لتنظيم “الدولة الإسلامية”.
نهاية نذكر أنه غداة هجوم “شارلي إيبدو”، أي يوم الخميس الفائت، غطت إذاعة البيان التابعة لتنظيم “الدولة الإسلامية” الخبر بطريقة سريعة لم تتجاوز25 ثانية. فضلا عن اختيار الإذاعة لكلمة “جهاديين” بوصفها للأخوين كواشي وليس “المجاهدين” ما يضع نوعا من المسافة مع العملية حتى وإن تم التنويه بها. علما أنه حتى الساعة لم يصدر أي شيء رسمي عن تنظيم “الدولة الإسلامية” في هذا الخصوص.
المصدر : فرانس 24