استهجن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان استمرار قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في ارتكاب فظائع بحق المدنيين في مدينة دير الزور شرقي سورية، معتبراً أن غارات التحالف أهملت مبدأَيْ التمييز والتناسب في القانون الدولي الإنساني، ما أسفر عن مقتل 118 مدنياً على الأقل خلال العشرة أيام الأخيرة، نصفهم من الأطفال، إثر القصف العشوائي والغارات التي شنها التحالف الدولي على معاقل تنظيم الدولة، والذي يسيطر على المدنية منذ منتصف العام 2014.
وشدد المرصد على أن الحرب على الإرهاب واستهداف مقاتلي تنظيم الدولة لا يمكن أن يكون مبرراً لاستهداف المدنيين وعائلات المقاتلين، لافتاً إلى أن غارات التحالف لا تزال مستمرة في إيقاع عشرات الضحايا من المدنيين من مواطنين سوريين وعراقيين، معظمهم من عائلات مقاتلي تنظيم الدول الإسلامية “داعش” الذين قدموا من العراق -بعد القضاء على التنظيم هناك- ويتواجدون في قرى وبلدات دير الزور ومحيطها.
وذكر المرصد في بيان صحفي أن الغارة الجوية الأكثر دموية بحق المدنيين وقعت (السبت 17 نوفمبر/ تشرين الثاني)، وذلك في قرية أبو الحسن القريبة من بلدة هجين في ريف دير الزور، حيث استهدفت الغارة عدداً من المنازل في محيط مسجد القرية، ما أسفر عن مقتل 36 شخصاً، بينهم 17 طفلاً و12 امرأة. وفيما أقرت قوات التحالف بقيامها ب19 غارة في المنطقة ليلة ويوم السبت، إلا أنها نفت مسؤوليتها عن الغارة التي أدت إلى سقوط مدنيين، مدعية أن التمشيط الذي كانت أجرته للمنطقة أثبت عدم وجود مدنيين فيها. غير أن شهود عيان أكدوا وقوع الغارة ومقتل المدنيين، فيما ذكر التحالف “رصده تنفيذ إجمالي 10 ضربات إضافية في المنطقة ذاتها لم يكن مصدرها التحالف أو القوات الشريكة”، داعياً ما سماهم ب “اللاعبين الآخرين” إلى التوقف عن إطلاق نيران بشكل غير منسق عبر نهر الفرات.
وقال الأورومتوسطي إن غارة مماثلة للتحالف وقعت يوم الأربعاء (14 نوفمبر/ تشرين الثاني) واستهدفت بقصف جوي منازل في بلدة السوسة شرق الفرات، ما أسفر عن مقتل 16 مدنياً (12 طفلاً وأربع نساء).
في حين قُتل يوم الأحد (11 نوفمبر/ تشرين الثاني) 32 مدنياً، بينهم 13 طفلاً، معظمهم أفراد عائلات مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش-. كما قُتل 8 مدنيين (5 أطفال و 3 نساء) يومي 8-9 نوفمبر/ تشرين الثاني في غارات استهدفت منازل حي في بلدة الشعفة بالريف الشرقي لدير الزور، وأسفرت غارات استهدفت بلدة هجين شرق مدينة دير الزور الجمعة 9 نوفمبر/ تشرين الثاني عن مقتل 26 مدنياً بينهم 13 طفلاً.
وشددت سارة بريتشيت، المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي، على أن استهداف المدنيين في دير الزور يمثل انتهاكاً جسيماً لقواعد القانون الدولي الإنساني، ولا سيما قاعدة التمييز، التي توجب على القوات المقاتلة التمييز بين المقاتلين والمدنيين، وقاعدة التناسب، التي تفرض على القوات عدم القيام بعملية عسكرية طالما التأثير السلبي على المدنيين سيفوق الميزة العسكرية المتوقعة من العملية، خصوصأ أن قوات التحالف تستطيع استهداف مقاتلي داعش بعيدأ عن عائلاتهم أثناء وجودهم في جبهات القتال أو التنسيق.
وقالت بريتشيت: “على الرغم من ادعاء قوات التحالف سعيها لتجنيب المدنيين آثار القتال، إلا أن العمليات العسكرية التي تنفذها تبدو عمياء حينما يتصل الأمر بحماية المدنيين”. وأضافت: “هذه الغارات التي استهدفت مدنيين ليست الأولى التي تنفذها قوات التحالف، حيث كانت ارتكبت مجزرتين بشعتين بحق المدنيين في الشهر الماضي، حيث استهدفت مسجدا مكتظاً بالمصلين أثناء تأديتهم صلاة الجمعة في بلدة السوسة بدير الزور في 19 أكتوبر/تشرين الأول، وقبلها بيوم قصفت مسجد عمار بن ياسر في البلدة نفسها، ما أسفر عن مقتل ما يقارب 66 شخصًا وقعوا تحت أنقاض المسجدين اللذينِ دمراً بشكل كامل”.
ودعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قيادة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة إلى تحييد السكان المدنيين عن عملياتها واتخاذ الاحتياطات اللازمة لإبعاد المدنيين عن العمليات العسكرية بشكل جدي وفاعل، مشدداً على أن استهداف عناصر تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” لا يمكن أن يبرر مقتل المدنيين.
وفي ذات السياق، طالب المرصد تنظيم الدولة الابتعاد عن المناطق السكنية وعدم الزج بالمدنيين خلال معاركه في دير الزور، معتبراً أن تواجده في مناطق المدنيين وتعريض حياتهم للخطر يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي الإنساني كذلك.
وحذّر المرصد الدولي من الأوضاع الخطيرة التي تعيشها مدينة دير الزور وريفها بسبب الغارات المتكررة من التحالف الدولي على مناطق متفرقة من المدينة، مؤكدًا على أن استمرار قصف البلدة سيدخلها في كارثة إنسانية.
ودعا الأورومتوسطي المجتمع الدولي إلى تحمل المسؤولية تجاه ما يحدث من انتهاكات قد ترقى إلى مستوى “جرائم حرب”، مطالبًا بالضغط على التحالف الدولي للالتزام بالقانون الدولي الإنساني.
المصدر : شبكة شام