بعد مرور عام على سيطرة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفه المحلي قوات سوريا الديمقراطية «قسد» على الرقة «عاصمة تنظيم الدولة» في سوريا، لا يبدو المشهد اليوم كالأمس، فالسياسة الحربية التي اتبعت لانتزاع المدينة من تنظيم «الدولة» كانت باهظة الثمن على ابنائها.
إذ وثق فريق الاستجابة الأولية انتشال عناصره خلال تسعة أشهر لجثامين 2600 مدني قضوا خلال المعركة، في حين تعيش «قسد» مؤخراً حرباً من نوع آخر، محورها هجمات سريعة تقوم بها جهات مجهولة ضد القوات الكردية ومسؤوليها، فيما يرجح أن الهجمات يقودها تنظيم الدولة المطرود منها قبل عام.
وفي التفاصيل، أقدم مسلحون مجهولون، السبت، على تنفيذ هجوم ضد حاجز عسكري يتبع «قسد»، غربي مدينة الرقة، مما أدى إلى مقتل عدد من عناصر الوحدات الكردية، وجرح آخرين، في حين تعيش المدينة حالة من التخبط، جراء كثرة الهجمات المماثلة التي تستهدف مجموعات القوات الكردية والمتعاونين المحليين معها.
الرقة، شهدت خلال الأسابيع الأخيرة، وفق ما أكدته مصادر محلية، تصاعداً في وتيرة الهجمات التي كانت بغالبيتها هجمات ناجحة التنفيذ، إذ بعد تلك الهجمات استهدفت قيادات بارزة في «قسد» ، بينما يعتبر المدنيون المحليون بأن هذه الضربات تهدد المشهد الأمني، فيما يبدو أن ذلك يعد تحدياً أمنياً يلاحق الوحدات الكردية التي تشكل العصب المؤسس لقوات «قسد».
على صعيد التكاليف المدنية التي تكبدها ابناء الرقة على يد التحالف الدولي خلال عملية السيطرة عليها، فعلى ما يبدو بأن السياسة الحربية التي اتبعت إبان المعارك، كانت وفق الاحصائيات الأخيرة لا تفرق بين مدني ومسلح، إذ نقلت شبكة «الرقة تذبح بصمت»، عن فريق الاستجابة الأولية، انتشال الأخير لجثامين 2600 مدني، خلال التسعة أشهر الماضية، غالبية الضحايا وفق المصدر، هم من النساء والأطفال، قضوا بقصف مقاتلات التحالف الدولي، ومدفعية قوات سوريا الديمقراطية.
التحالف، وفق المصادر، نفذ خلال عملية السيطرة على الرقة أكثر من 3800 غارة جوية، هجمات تبدو عشوائية، حولت حممها الأحياء والشوارع والمباني إلى مقابر جماعية لأهلها، ضمت رفات المئات، ولا زال المئات منهم حتى اليوم مدفونين تحت ركام منازلهم، كما تم انتشال بعض الجثث التي تعود لعناصر من تنظيم الدولة كانوا قد قضوا خلال المعارك التي دارت في المدينة.
في المدينة ذاتها، قالت وسائل إعلامية سورية معارضة، أمس الأحد، إن المستشارية الإيرانية في دمشق، قامت بافتتاح مدرسة إيرانية تُدرس اللغة الفارسية في مدينة «معدان» الواقعة شرقي مدينة الرقة.
وبعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مدينة الرقّة وأريافها الشماليّ، والجنوبيّ، والغربيّ، ومرور عامّ على سيطرتها فإنّها لاتزال، وفق «الرقة تذبح بصمت» تصدر قرارات متلاحقة بين الفينة والأُخرى تفرض فيها التجنيد على أبناء الرقّة والتي كان آخرها منذ قرابة الشهر، حيث قامت قوّات الأمن الأسايش التابعة للإدارة الذاتيّة الكرديّة باعتقال عشرات الشباب من أبناء قُرى الكرامة وحمرة بلاسم والذين قُدِّر عددهم بنحو 43 شاباً، وقد قُوبِل هذا الاعتقال باحتجاجات الأهالي والتنديد بتجنيد الشباب ضمن ميليشيا قِوى «قسد»، وغيرها من القرارات التعسفيّة التي تصدرها الميليشيا يوميّاً، والتي باتت ترهق الأهالي.
المصدر : القدس العربي