الرقة تذبج بصمت
لم يشفع مرور نهر الفرات في محافظة الرقّة من أن ينعمَ أهلها بمياه نظيفة صالحة للشرب، وغيرها من الاستخدامات الحياتيّة اليوميّة، فقد سُجِّلت مطلع الأسبوع الحاليّ أكثر من مائة حالة تسمُّم معظمها في حيّ الثكنة، نتيجة تلوُّث مياه الشرب واختلاطها بمياه الصرف الصحّيّ، إذ تمّ على إثرها إسعاف المرضى إلى مشفى الفرات لتلقّي العلاج اللّازم.
وقد انتشر في الآونة الأخيرة مرض التيفوئيد أو “لحمّى التيفيّة”، وبالتزامن مع انتشار الأوبئة الناتجة عن تلوّث المياه نشرت حملة الرقّة تُذبح بصمت بروشوراً يوضّح فيه أعراض التسمّم بالمياه الملوّثة، وطرق الوقاية، ونذكر من الأَعْرَاض: الإسهال الشديد، إعياء وتعب، وتشنّج في الأمعاء، وإقياء حادّ،وجفاف، وحُمّى.
أمّا الوقاية: فهو تحرّي المياه المعقّمة إن وُجِدت، غلي الماء جيّداً ممّا يُساعد على قتل البكتريا، الغسل الجيّد للخضار والفواكة، واستخدام فلاتر للحدّ من إمكانيّة التعرّض للتلوّث.كما وبيّنت الحملة طريقة لتنقية المياه منزليّاً عبر:
1-ترسيب المياه في وعاء لمدة لا تقلّ عن ساعة.
2-استخدام طريقة الترشيح باستخدام ورق الترشيح، أو قطعة قماش.
3-غلي الماء واستخدام البخار المُقطّر.
هذا ويضطرُّ الأهالي إلى شراء المياه من الصهاريج التابعة لما يُسمّى بـ “مجلس الرقّة المدنيّ” التابع لميليشيا قسد، إذ في نفس الوقت تفتقد لتأمين مياه صالحة للشرب حيث يتمّ تزويدها من روافد الفرات، وبالتالي فهي مياه غير صالحة للاستهلاك البشريّ أساساً.
وفي شكوى سابقة للأهالي بيّنوا بأنّهم يعانون من أعراض مرضية غير مفسرة، وأنّ المياه لونها مائل للحُمرة، وذلك بسبب وجود الأتربة، والديدان، ويأتي من يخبرك من شبيحة سلطة الأمر الواقع بأنّ:”المي بلورة” في إشارة إلي نقاء المياه، -لم نختلف، ولكن بلّلورة تفتّت أمعاء الأهالي- هذا عدا عن شرائها بسعر مرتفع إذ يتراوح سعر البرميل الواحد من 200-100 ليرة سوريّة، كما وأنّ عدد الصهاريج لايتكافئ و عدد سكّان المدينة الذين وصل عددهم إلى أكثر من مائة ألف نسمة في ظلّ عودةٍ خجولة لهم.
ومع مرور أكثر من عشرة أشهر على سيطرة ميليشيا قسد على الرقّة، إلّا أنّ سعيها في إصلاح شبكة المياه وخطوطها الواصلة للمدينة والمنازل، والتي تمّ تدميرها بفعل طيران التحالف، والعمليّات العسكريّة على الأرض ضدّ تنظيم داعش، لا تزال بطيئة وضعيفة، رغم ادّعاء بعض المسؤولين في المجلس المدنيّ عكس ذلك.
هذا وقد عانت الرقّة على مدى السنوات الخمس الماضية من انقطاع متواصل لخطوط المياه المؤدّية لها، وذلك منذ سيطرة الجيش الحرّ عامّ 2013، إذ قام طيران النظام بقصفها أكثر من مرّة، ليتمّ إصلاحها بما يتوافر وجهود العاملين في مؤسسة المياه آنذاك.
ويُذكر أنّ مكتب الأمم المتّحدة في سوريا قرّر إرسال عدد من المهندسين خلال الأيّام القادمة، لحلّ مشكلة تلوّث المياه في الرقّة، بالتزامن مع حالات تسمّم جديدة نتيجة ضخّ المياه على مدينة الرقّة حتّى لحظة إعداد هذا التقرير.