الرقة تذبح بصمت
كباقي القِطاعات الخدميّة الأُخرى في محافظة الرقة، لا زال يعاني قِطاع الكهرباء من عمليّات سرقة للآليات، وقِطع الغيار، وتوقُّف صيانة الشبكات، ولعدم توفُّر المَعدّات أصبح أيّ عطل في المحطّات أو شبكة التحويل كارثة كبيرة، على الرغم من الجهود التي يبذلها موظّفو المنظمات الخدمية، من خلال ما يُتاح لهم من إمكانيّات، ويحصل هذا منذ عامّ 2013 وهو العامّ الذي خرجت منه الرقّة عن سيطرة نظام الأسد، الذي لم يتوانَ في كلّ مرّة عن قصف المنشآت الخدميّة ومنها الكهربائيّة، وبقيَت تلك الحال لما بعد سيطرة تنظيم داعش عامّ 2014 على المحافظة، والذي أحكم قبضته الأمنيّة على سدّ الفرات المُغذّي والمنتج الأكبر للطاقة والكهرباء ليس للرقّة فحسب، بل ولعدّة محافظات ومدن مجاورة مثل الحسكة وحماة، واللّتان كانت الكهرباء تذهب إليهما خلال حكم التنظيم عن طريق صفقة بينه وبين نظام الأسد، فيما كانت الرقّة تعُدُّ وتحسب ساعات التقنين الطويلة، والتي كانت تتجاوز الـ 15ساعة يومياً، ليتمّ استبدال الكهرباء بمولِدات كبيرة تعمل على الديزل، أو ما يُعرَف (بالأمبيرات)، حيث كان يبلغ سعر الأمبير الواحد ٨٠٠ ليرة سوريّة، والتي كانت مصروفاً إضافيّاً على المصاريف اليومية لسكان الرقة، إذ وجد التنظيم في مولِّدات الأمبيرات استثماراً مربحاً يضيفه إلى ميزانيته، ناهيك عن بقيّة الموارد الطبيعيّة الأُخرى من ماء، وزراعة ونفط وزراعة والتي سنتأتي عليها تباعاً.
ولم يختلف اليوم عن الأمس بالنسبة لوضع الكهرباء في الرقة مع تواجد قوّات “قسد” وعلى الرغم من امتلاك الرقّة لأكبر جسم لتوليد الطاقة الكهربائيّة ألا وهو سدُّ الفرات، فإنّها لا تزال تعاني من حرمان الكهرباء، فهناك أحياء كثيرة لم تصلها منذ أن شنّت قوّات التحالف حملتها على الرقّة ضدّ تنظيم داعش والتي لها اليد فيما وصلت له الرقّة من دمار اليوم، لتعود ظاهرة مولّدات الديزيل “الأمبيرات” للظهور من جديد، مع مضاعفة لسعره، إذ يبلغ سعر الأمبير الواحد اليوم 800 ليرة سوريّة أسبوعياً، وتزايد السعر مع عدد الأمبيرات، مُضاعِفاً بذلك سوء الحال الماديّة للأهالي، هذا ويتمّ تشغيلها ثمانِ ساعات في اليوم، على مرحلتين زمنيتين.
ولم يكن الحال أفضل بالنسبة لريف الرقّة الغربيّ والذي كان يعيش أيّاماً في النعيم على حدِّ وصف الأهالي هناك، حيث كانت تتوافر لديهم ساعات طويلة خلال اليوم، والآن يعيشون في ظلِّ انقطاع متكررّ لها ،ويمتدُّ الريف الغربيّ وصولاً لمدينة الطبقة التي لا تُعتبر المدينة المُدلّلة نظراً لوقوعها على البحيرة خلف سدّ الفرات، فهي كباقي مناطق الرقّة تعاني من عدم وصول الكهرباء لها إلّا ساعاتٍ قليلة ومتفاوتة.
وعن حال وضع الكهرباء في الرقّة، وانقطاع الكهرباء المتكرِّر في الريف الغربيّ ،تمّ التواصل مع أحد فنِّييّ الكهرباء في محافظة الرقّة أفادنا، بأنّه تمّت تغذية تلك القرى من محطّة (بير الهشم) والتي تُقدَّر استطاعتها
بـ KVA 20، وهذه استطاعة ضعيفة جداً، إذ تؤدّي تغذية تلك القرى إلى حمولة زائدة عن مخرج الحديد الشبكيّ، الذي يسبّب بدوره قطع المياه أيضاً كون المضخّة تعمل على الكهرباء، علماً بأنّ المياه هي الأُخرى مقطوعة منذ أكثر من أسبوع، وتابع الفنّيّ: “بأنّ سياسة دمج عدّة قُرى بمحطّة تغذية ضعيفة تؤدِّي لخروج هذه المحطّة عن الخدمة نهائيّاً”.
ويُذكر أنّ بعض القرى والمزارع التي يُقيم فيها مسؤولون في ما يُسمّى “مجلس الرقّة المدنيّ” ومنهم المدعو “نوّاف الموح”، مسؤول الكهرباء في الريف، إذ تتغذّى هذه القرى على محطّات ذات استطاعة عالية، ما يعني عدم انقطاع عنها مطلقاً.
ولا يسعنا القول: إلّا أنّ الكهرباء تتوافر أينما تواجد مسؤولو سلطة الأمر الواقع.