الرقة تذبح بصمت
في تصريحٍ مثير للجدل أعلن الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب عن قرب انسحاب القوات الامريكيّة من سوريا خلال وقتٍ قريبٍ جداً، وأنَّ تلك القوات ستترك مواقعها لقوة أخرى أكثر أهتمامًا بهذا الشأن في إشار إلى تركيا.
وأكَّد الرئيس الأمريكيّ أنَّ تلك القوات ستغادر الأراضي السورية، بعد تحقيق القوات الامريكيّة والقِوى المتحالفة معها النصر على تنظيم داعش بنسبة ١٠٠٪.
هذا وأشار الرئيس الأمريكيّ في تصريحاته؛ على أنَّ الولايات المتحدة أنفقت في الشرق الأوسط ٧ ترليون دولار خلال السنوات الماضية، قسمٌ منها كان في بناء منشآت هناك والتي تدمَّرت سابقاً “بسبب القوّة المتطرِّفة”، في حين أنّه إذا أرادت الإدارة الامريكيّة بناء تلك المنشآت داخل الولايات المتحدة الامريكية فإنَّ هنالك صعوبة في تأمين الأموال.
لكنَّ المُستغرَب هو قيام الخارجيّة الامريكيّة بنفي تلك التصريحات التي أطلقها الرئيس الأمريكيّ، حيث أكدت المتحدِّثة باسم الخارجيَّة الامريكيَّة “هيلز نويرت”، أنَّ واشنطن لا تفكر في سحب قواتها من سوريا في الوقت الحالي.
يُشار إلى أنَّ نحو ألفي عسكري أمريكيّ منتشرين في سوريا بعدد من القواعد العسكريّة في الجزيرة السوريّة “الرقّة، الحسكة، دير الزور، ريف حلب الشرقيّ”، بالإضافة إلى قاعدة عسكريّة على الحدود السوريّة العراقيّة بمنطقة التنف، إضافة الى قوات فرنسيَّة وأُخرى بريطانيّة منتشرة في ذات القواعد.
وللوقف على التصريحات وفهمها أكثر وخلفياتها، فإنَّ الولايات المتّحدة كانت قد طلبت في وقتٍ سابق من الدول الخليجيّة مبلغ ٤ مليارات دولار أمريكي لصرفها على مشاريع إعادة الاستقرار في المناطق التي سيطرت عليها في سوريا، والتي يبدو أنَّه قد دار الحديث عن تلك الأموال خصوصاً في زيارة وليّ العهد السعوديّ محّمد بن سلمان إلى واشنطن مؤخّرًا، ليفهم أنّ هذه التصريحات هي من باب الضغط على دول الخليج من أجل التمويل وإلّا فإنَّ الموقف سيكون الانسحاب لصالح الأتراك الذي تحاول كلًّا من “السعوديّة والإمارات”، منازعة تركيا في تلك المنطقة والتي كانت واضحة من خلال العلاقات التي بدأت مؤخّراً بين دول الخليج و مليشيات الـ YPG، التي لطالما اعتبرتها تركيا قوّةً إرهابيَّة معادية، لها وتسعى تركيا للقضاء عليها على طول شريطها الحدوديّ .
فمن الواضح أنَّ الأمريكان خلال هذه المرحلة يمسكون العصا من المنتصف بين دول الخليج وتركيا، في محاولة ٍمنهم للموازنة في الأمور، والتي يدفع مقاتلو مليشيات الـ YPG ثمنها من خلال وجهة النظر الامريكيّة تجاههم، ومشاريعهم على أنَّهم بندقية مُستأجرة يتخلّى عنها الأمريكيّ متى شاء، وبحسب العرض والطلب من قبل دول المنطقة.