الرقة تذبح بصمت
وثقت العديد من الشهادات الميدانية من داخل مدينة الرقة حجم الدمار الهائل بنسب كبيرة تصل حتى ٨٠٪ من مجموع أبنية المدينة وبناها التحتية، فيما يحاول الإعلام الموالي لمليشيا قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، وبعض الصحف الأجنبية، تصدير صورة مخالفة للواقع والحقيقة عن المدينة المدمرة.
حيث تركز هذه الجهات على تصوير العائدين إلى الرقة، والهاربين من ذل المخيمات الفاقدة لأبسط أساسيات العيش، على أنها عودة للحياة في شوارع الرقة وأحيائها، بعد طرد تنظيم داعش الإرهابي منها، وأنّ الحياة الجديدة رغم الدمار ما هي إلا نعمة من نعم ديمقراطية قسد المزعومة، المزينة بشعاراتها الرنانة عن “أخوة الشعوب” و”التعايش المشترك”، فيما لا يرى معظم سكان المدينة المدمرة اختلافاً كبيراً بين كلمتي “بشراكم” و “هربجي”، فالإرهاب لايزال يسيطر على مدينتهم بشكله الجديد وأفكاره البعيدة عن طبيعة المنطقة.
وبعد قرابة أربعة أشهر من خروج عناصر تنظيم داعش، بباصات مكيفة، محملة بالمال والسلاح والطعام، لاتزال أنقاض الرقة قائمة على جثث أبنائها الذين قضوا في القصف الوحشي العشوائي الذي تعرضت له المدينة طيلة أشهر، فيما تتعمد مليشيا قسد، تصوير الأحياء التي لم تشهد دماراً كبيراً “المشلب، سيف الدولة” على أنها الوضع القائم حالياً، وعدداً من الفعاليات الترفيهية التي تقيمها المنظمات العاملة في ريف الرقة، مغيبة عن العالم الصور المؤلمة للأحياء الغربية، والتي لم يتعرف عليها سكانها بمشاهدتها في بعض الصفحات الإخبارية.
واليوم وبعد مرور أشهر على سيطرة قسد على المدينة المدمرة، لا تظهر بوادر حقيقية من قبل المجالس المدنية المشكلة، لإحداث تغيير ملموس في الواقع، فجهود إزالة الألغام أو الركام أو حتى إخراج الجثث من تحت الأنقاض تسير بوتيرة منخفضة جداً، فيما تنشغل تلك المجالس بإقامة حلقات الدبكة وحفلات الغناء وإلقاء الخطابات الممجدة للإرهابي عبد الله أوجلان، ومليشيا قسد في نصب الكمائن واعتقال الشباب وزجهم في معسكرات التجنيد الإجباري، وأهالي الرقة قابعين في مخيمات اللجوء، دون ماء أو دواء.