نشرت صحيفة “الموندو” الإسبانية تقريرا بينت فيه أن سقوط تنظيم الدولة في الرقة لا يعني زوال الخطر الذي يشكله على منطقة الشرق الأوسط، والعالم ككل.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته “عربي21″، إن العديد من المحللين ومتابعي عمليات الإرهاب، يؤكدون تواصل خطر تنظيم الدولة رغم سقوط رايته في سوريا والعراق. كما أكد المحللون أن فشل دولة الخلافة في العراق وسوريا لا يعني نهاية التنظيم، وإنما هي بداية مرحلة جديدة تعتمد على العودة إلى التمرد وتكثيف عمليات التجنيد، لتنفيذ عمليات إرهابية في العالم بأسره.
وذكرت الصحيفة أن 275 مقاتلا من التنظيم سلموا أنفسهم خلال الساعات الأخيرة من المعارك، مما عجّل في هزيمة ما بقي من عناصر التنظيم. ويذكر أن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، نقلت هؤلاء المحاربين مع عائلاتهم على متن حافلات إلى محافظة دير الزور، مع العلم أنه يوجد فيها أكثر من ستة آلاف من المرتزقة التابعين لتنظيم الدولة. وحسب أحد الصحفيين، فإنه “ليس من الواضح ما إذا كان للتنظيم استراتيجية لشن هجوم مضاد، أو إنها النهاية المنشودة للخلافة”.
وبينت الصحيفة أن تنظيم الدولة لم يقاتل كما كان متوقعا واقتصرت تحركاته على الانسحاب والاختباء في المناطق الصحراوية، وذلك حسب ما أفاد به الخبير العسكري عمر أبو ليلى. فقد خسر التنظيم خلال بضعة أسابيع عاصمته في سوريا على أيدي قوات سوريا الديمقراطية، بينما انتزعت منه القوات الموالية للنظام السوري بدعم من روسيا وإيران مدينتي دير الزور والميادين.
والجدير بالذكر أن المنطقة الصحراوية التي ذكرها أبو ليلى، هي أرض قاحلة بالوسط الشرقي للبلاد، تغطي 130 ألف كلم مربع. وقد كانت فيما مضى مركز عمليات تابعا لتنظيم القاعدة في العراق. ومن هذا الموقع، نفذ أبو مصعب الزرقاوي العديد من العمليات الإرهابية في العراق انطلاقا، في ظل عدم اكتراث نظام بشار الأسد أنداك.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحلل العسكري أبو ليلى، يرى “أن تنظيم الدولة يترك للنظام فرص السيطرة على الأراضي، ولكنه سيعود ليظهر قوته من جديد. مما لا شك فيه، سيندس مقاتلوه بين المدنيين لجمع المعلومات حول أهدافه المحتملة، ثم ينفذ عمليات تفجير السيارات المفخخة في المناطق المزدحمة بالمدنيين، ناهيك عن مهاجمة مراكز قيادة تابعة للنظام السوري أو للجيش الروسي انطلاقا من ريف دير الزور.
وفي هذا السياق، أوضح الكاتب حسن حسن في مقال نشرته صحيفة “ذا ناشيونال” أن “التحول الذي شهده التنظيم من شبه دولة إلى تمرد بدأ فعليا في الأشهر الأولى من السنة الماضية”. فقد ازداد اعتماده على أساليب وتقنيات التمرد شيئا فشيئا، حتى في عمليات إرهابية نفذها بعيدا عن المناطق التي كانت تحت سيطرته، حتى عندما كان في أوج قوته في صائفة 2014.
وأضافت الصحيفة أنه على الرغم من كل التحذيرات، إلا أن الولايات المتحدة بقيت متشبثة بالتفاؤل. ولعل هذا ما أكده الناطق الرسمي باسم التحالف الدولي، ريان ديلون، الذي أورد أن “التنظيم بصدد خسارة كل شيء، فقد قضينا على كل شبكاته وقياداته. كما أضعفنا قدرته على تمويل عملياته بقطع سبل تمويله بنسبة 90 بالمائة”.
ونوهت الصحيفة إلى أن الكثيرين ينتقدون قصر نظر الولايات المتحدة في محاربة تنظيم الدولة. فالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية المدعومة بالمليشيات الكردية المحسوبة على حزب العمال الكردستاني، الذي تعده الولايات المتحدة إرهابيا، من شأنه أن يعيد التنظيم من جديد إلى المنطقة إن بقي الحكم بأيدي الأغلبية من الأصول العربية في مدن كالرقة ودير الزور.
وأوضحت الصحيفة أن خسارة الرقة جعلت التنظيم يفقد الكثير من قدراته، وقد انعكس ذلك على مستوى عمليات التجنيد وتقلص منظومته الدعائية. فحسب الباحث شارلي ونتر، أنتجت المنظمة الإرهابية في شهر أيلول/ سبتمبر ثلث الدعاية التي روجت لها في آب/ أغسطس من سنة 2015. كما أن الدعاية تفتقد إلى رسائلها الطوباوية الداعية إلى العودة إلى الأندلس واحتلال روما.
وحذرت الصحيفة من بروز خطر جديد ألا وهو “الخلافة الافتراضية”. فالتنظيم لازال موجودا بكثرة على منابر الحوار الإلكترونية، التي يواصل من خلالها بث ونشر رسائله والدعوة المتواصلة للجهاد. وخير دليل على ذلك تواصل إنشاء الإمارات الإسلامية من الجزائر إلى الفلبين، ناهيك عن تواتر العمليات الإرهابية التي بلغت ذروتها في ليبيا بنحو 138 عملية.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن خطر تعرض الغرب لعمليات إرهابية أصبح أكثر حدة من ذي قبل، لأن العمليات الإرهابية التي شهدتها مدن مثل نيس وبرشلونة كانت عمليات منفردة. في المقابل، يكمن الخطر الحقيقي في الجهاديين العائدين إلى بلدانهم والقادمين من سوريا والعراق بعد كل التدريبات التي تلقوها في كيفية التعامل مع الأسلحة والمتفجرات.
المصدر : عربي 21