الرقة تذبح بصمت
شهدت الأيام القليلة الماضية حالة من الهدوء، وتوقف إطلاق النار بين تنظيم داعش ومليشيا قوات سوريا الديمقراطية “قسد” المدعومة من التحالف الدولي، فيما تزامن هذا الهدوء المريب مع نشر معرفات مليشيا قسد الإلكترونية، عن قرب انهاء معركة الرقة خلال الأيام القليلة المقبلة، كما تم الترويج عن موعد المعركة الأخيرة في الأحياء الواقعة تحت سيطرة التنظيم يوم الأحد الماضي، هذا وقد ترافق توارد الأخبار مع سحب ترخيص وسائل الإعلام للمراسلين الأجانب المرافقين للقوات المهاجمة وإخراجهم من المدينة.
وبحسب مصادر على الأرض، لم تصل أي تعزيزات عسكرية إلى مليشيا قسد خلال الأسبوعين الماضيين، وأنّ ما توارد عن وصول تلك التعزيزات كان من باب التمويه عن صفقة بين التنظيم من جهة وقوات قسد من جهة أخرى برعاية عشائرية، كما حصل سابقاً في كل من الطبقة والمنصورة والكرامة، والتي تم إخراج داعش منها بصفقات غير معلنة رسمياً.
وفي سياق متصل، كان الشخص المسؤول عن التفاوض الجاري هو المحامي “إبراهيم السلامة” من ريف الرقة الغربي، والمسؤول سابقاً عن الصفقات التي جرت في الطبقة والمنصورة، ويعتبر ثقة لكلا الطرفين، وتربطه صلة قربة مع المدعو “أبو صهيب” أحد شرعيي تنظيم داعش في الطبقة سابقاً وزوج أخته، هذا وقد جرت المفاوضات في بلدة عين عيسى مركز عمليات قوات التحالف ومليشيا قسد، شمال الرقة، بحضور كل من، المدعو “قهرمان” القائد العسكري لمعركة الرقة لقوات قسد، والجنرال “مظلوم” قائد مليشيا قسد في الرقة، رئيس الاستخبارات في مليشيا وحدات حماية الشعب YPG، وعدد من مشايخ العشائر منهم “دهام الجربا”، وتركزت المفاوضات عن آلية انسحاب التنظيم وتسليم عناصره أنفسهم، وتسهيل طريق من يود الخروج من المدينة.
فيما نفت قسد وجود أي نوع من المفاوضات مع التنظيم، وبث الأخبار عن استمرار العمليات العسكرية داخل المدينة ضده، عن طريق المتحدث الرسمي باسم المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية “مصطفى بالي”، والذي نشر على الصفحة الرسمية للمركز: ” بخصوص ما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي و بعض وسائل الإعلام حول مزاعم اتفاق بين قواتنا ، قوات سوريا الديمقراطية و بين مرتزقة داعش في الرقة، نؤكد أنها أخبار لا صحة لها ، بيد أنه هناك وساطة من قبل شيوخ و وجهاء العشائر و بالتنسيق من
المجلس المدني للرقة لإجلاء المدنيين العالقين داخل الرقة و قواتنا تتعامل بإيجابية مع هذه المبادرة الإنسانية”، في حين امتنعت الناطقة باسم حملة غضب الفرات |جيهان شيخ أحمد” عن التعليق عن هذا الموضوع.
وكان التحالف الدولي قد أصدر بيان يوم أمس 10 أكتوبر 2017 جاء فيه “إن مجلس الرقة المدني وبالتنسيق مع شيوخ الشعائر العربية المحلية يولي اهتماماً خاصاً بحماية المدنيين ومنع حدوث أزمة إنسانية كبيرة مع اقتراب سقوط عاصمة الخلافة الإسلامية المزعومة في الرقة
ويقود مجلس الرقة المدني المحادثات لتحديد أفضل طريقة لتمكين المدنيين المحاصرين من قبل داعش للخروج من المدينة حيث يحتجز الإرهابيون بعض المدنيين ويستخدمونهم كدروع بشرية، وسيتم تسليم أولئك الذين قاتلوا في صفوف داعش وممن غادرو الرقة إلى السلطات المحلية لينالوا القصاص وفق القانون”، وبحسب العميد جوناثان براغا في البيان “إن مسؤوليتنا تكمن في القضاء على داعش مع الحفاظ على أرواح المدنيين إلى أقصى حد ممكن، وعلينا أنّ لا نخطأ بالقول أنه لا يزال ينتظرنا الكثير من القتال الشاق ونحن ملتزمون بهزيمة داعش الأبدية”.
هذا وقد تم في وقت سابق، إخلاء أكثر من دفعة من المدنيين المحاصرين في الرقة، ويقدر عددهم بنحو ٨٠٠٠ مدني متبقي، كما تم اخراج عدد من مقاتلي التنظيم وعائلاتهم، ومنهم المدعو “أبو سيف” مصري الجنسية، إضافة لـ ١٥ عائلة من عوائل عناصر التنظيم، معظمهم من جنسيات أجنبية، ومن بينهم فتاة تدعى “ليلى أكران” تحمل الجنسية التركية ووالدتها أمريكية الأصل.
ويرجح أن يتم إتمام الصفقة بالكامل خلال الساعات القليلة القادمة ليتبعها التحضر لإعلان مليشيات قسد والتحالف الدولي عن عمليات عسكرية وهمية ضد عناصر لم يسلموا أنفسهم لتنتهي مسرحية محاربة الإرهاب في الرقة التي أفضت إلى تدمير المدينة وقتل الآلاف من المدنيين فيها.