الرقة تذبح بصمت
مع بداية عمليات السيطرة على مدينة الرقة، غيرت وحدات حماية الشعب YPG اسمها، لتصبح تحت رداء جديد باسم قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، والتي هي الشكل الجديد لـ YPG ذراع حزب العمال الكردستاني PKK المصنف دولياً على قوائم الإرهاب، حيث خُبرت تلك القوات للقاصي والداني في الرقة، بإجرامها وعنصريتها، وحملات التهجير القسري، والتجنيد الإجباري التي قامت بها في أرياف الرقة الخارجة عن سيطرة تنظيم داعش.
فالـ YPG هو داعش الأصفر كمان اطلق عليه أهل الرقة، إرهابٌ بمباركة دولية، حملت أحقادها ضد عرب الرقة، منفذة عمليات السلب والنهب، ثأراً لما قام به داعش في المناطق الكردية في الشمال السوري خلال الربع الأخير من عام ٢٠١٤، حيث سبقهم التنظيم بسرقة ممتلكات أهل تلك المناطق وبيعها في الأسواق التي خصصت لذلك أو توزيعها لمقاتليه، فعمدت بشكلها الجديد متمثلاً بقسد، في سلب ونهب ممتلكات عرب الرقة في الريف والمدينة، وهي التي تعلم أنّ انتقامها كان ممن غُلب على أمرهم، وعانوا من سيطرة داعش وظلمها قبل أنّ تعاني منه مناطقهم، فلم يكن لأهل الرقة يد فيما تعرضوا له، إلا أنّ الحقد أعمى.
فكانت أولى تلك السرقات لما تركه التنظيم، من حبوب ومحاصيل زراعية هي في أساسها لأهل الرقة، حتى تجاوز الأمر بهم إلى سرقة محاصيل المزارعين في أراضيهم في عدد كبير من قرى الريف الشمالي، ليتطور الأمر لاحقاً في ظل تهاون حليفهم الأمريكي، وتغاضيه عن جرائمهم، إلى نهب بلدتي سلوك وعين عيسى بشكل كامل، وصلت إلى حد فك وسرقة حتى الأسلاك الكهربائية وصنابير المياه والنوافذ، ناهيك عن المحال التجارية والأثاث المنزلي وكل ما طالته أيديهم، وبحسب أهالي المنطقة أنّه لو كان بإمكانهم فك الجدران لما توانوا عن ذلك، فيما يقدر عدد المتضررين من تلك العمليات بنحو ٥٠ ألف مدني تقريباً في مدينة تل أبيض وريفها.
وبعد اطلاق معركة السيطرة على مدينة الرقة، وتغير التسميات ودخول قسد بلونها الجديد على الخارطة العسكرية، جمع المسمى الجديد كل الكتائب سيئة السمعة في ريف حلب الشرقي سابقاً، واستقطبت كل المرتزقة في الشمال السوري، الذين أدركوا أنّ السرقة هي شعار وهدف للمرحلة الانتقامية، فمع كل تقدم لهم نحو ريف الرقة، يعاني سكان القرى من عمليات السرقة المنظمة، فقد عانت قرى “السويدية، السلحبية، اليرموك، ربيعة، الرشيد، الأنصار” وغيرها الكثير، من تلك السرقات، حيث تم إخلاء القرى من سكانها في البداية لتتم عملية سرقتها.
ومع البدء باقتحام عدد من أحياء المدينة، اتمت الوحدات المهاجمة إفراغ المنطقة الصناعية شرق المدينة، من كامل العدد الصناعية وقطع الغيار والسيارات، والتي تقدر بمئات ملايين الليرات السورية، والتي كانت سبباً بنشوب اقتتال بين تلك المليشيات حول توزيع غنائهم، تبعه طرد ما يسمى بقوات النخبة من المعركة لسرقتها من المسروقات قبل تقسيمها.
وكان لريف الرقة الشرقي “خط الكرامة”، نصيبه من تلك السرقات، فلا تزال عمليات نقل المسروقات عبر الشاحنات جارية إلى ريف الحسكة، التي غصت بما سُلب في معارك الرقة، حتى أضحى لصوص التحرير يسعون إلى فتح أسواق جديدة في ريف حلب الشرقي.
واليوم أضحت الرقة عاصمة التحرير سابقاً، التي فتحت بيوتها للنازحين من جميع أنحاء سوريا، وتقاسمت أثاثها معهم، مدينة خاوية على عروشها، لا رائحة فيها إلا رائحة الموت والبارود.