جثث تحترق وأبنية تتساقط
بعد مرور حوالي 70 يوماً على بدء معركة الرقة، تزداد ضراوة المعارك في المدينة، التي يدفع فيها المدنيون الفاتورة الأكبر، حيث شهد الأسبوع الماضي غارات وقصفاً عنيفاً أدى إلى مقتل المئات من المدنيين، في وقت يواصل فيه النظام السوري محاولاته التقدم في ريف الرقة الجنوبي، واغتنام المزيد من حقول النفط التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.
وتتركز المعارك في الرقة حالياً في المدينة القديمة التي أصبحت قوات سورية الديمقراطية “قسد” تسيطر على حوالي 70 % منها، بالإضافة إلى حيي الدرعية والبريد غرباً، وأطراف حي المرور في وسط المدينة، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقالت وكالة “أعماق” الناطقة باسم تنظيم الدولة: «إن 15 عنصراً من ميليشيا “قسد” قتلوا، جراء استهداف تجمع لهم بعربة مفخخة، بالقرب من الجامع القديم في الجهة الشرقية لمدينة الرقة، أعقب هذا التفجير مواجهات عنيفة بين الجانبين».
كما أفادت الوكالة أن «تنظيم “الدولة” سيطر على قرية الأسدية شمالي مركز مدينة الرقة، بعد هجوم واسع لعناصره على محيط الفرقة الـ 17»، ما أدى إلى مقتل عدد من قياديي ميليشيات “قسد” بينهم جنود أمريكان، تزامن ذلك مع غارات مكثفة للتحالف على منطقة الفرقة 17.
“قسد” تسيطر على 55% من الرقة
وفي سياق متصل قال المتحدث باسم التحالف الدولي ضد التنظيم رايان ديلون: «إن قسد تسيطر على 55 % من الرقة، فيما تقلص عدد مقاتلي التنظيم في المدينة إلى أقل من 2500».
وأضاف ديلون في حديث عبر الهاتف مع مراسلي وزارة الدفاع الأميركية مباشرة من مقره في بغداد «تواصل قوات سورية الديمقراطية التقدم والضغط على تنظيم الدولة على الرغم من كثافة السكان والعبوات الناسفة التي زرعها التنظيم في أنفاق تحت الأرض وفي الأبنية المرتفعة في المدينة».
مجازر بحق المدنيين وتدمير إحدى الكنائس
ويواصل التحالف الدولي ارتكاب المجازر بحق المدنيين، في ظل القصف العنيف الذي يسعى من خلاله إلى فتح المجال لعناصر “قسد” لتسهيل تقدمهم، حيث قتل نحو 26 مدنياً بينهم أطفال ونساء، 13 منهم قضوا في قصف لطائرات التحالف على شارع المعتز في مدينة الرقة، فيما قتل 13 مدنياً في أحد الأبنية ضمن الحي، والتي انهارت فوق أصحابها وفق ما أفادت شبكة شام الإخبارية.
كما قتل 14 مدنياً، بقصف جوي ومدفعي للتحالف على حارتي البدو والثكنة في مدينة الرقة، فضلاً عن عشرات المصابين، بينما قتل تسعة مدنيين، ثمانية منهم من عائلة واحدة وأصيب آخرون، جراء قصف جوي لطائرات التحالف استهدف منزلاً يتجمعون فيه، بالقرب من الملعب الأسود في المدينة، حيث توفوا تحت ركامه.
وبث ناشطون صوراً لجثث أطفال وهي تحترق نتيجة شدة القصف، في ظل تعذر القيام بعمليات الإسعاف مع ضعف الامكانيات الطبية، وتدمير جميع مشافي المدينة.
وفي سياق متصل قالت حملة “الرقة تذبح بصمت: «إن كنيسة سيدة البشارة في حي الثكنة بمدينة الرقة دُمرت تماماً، جراء الضربات الجوية من قبل طيران التحالف».
ولم يعلّق التحالف على تدمير الكنيسة، إلا أنه اعترف في الأشهر الماضية بعشرات الاستهدافات الخاطئة التي طالت المدنيين والأحياء السكنية بشكل مركز.
الرقة هي الأسوأ في سوريا
وفي ظل تصاعد المجازر والقصف على المدنيين، كشفت الأمم المتحدة، أن الأراضي التي ماتزال تحت سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” في محافظة الرقة هي “أسوأ مكان” في سوريا. يأتي ذلك مع ورود تقارير بأن الغارات الجوية التي يشنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة توقع مزيداً من القتلى المدنيين.
وقال مسؤول الامم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا يان إيغلاند، للصحفيين في جنيف: «أسوأ مكان في سوريا اليوم، هو الجزء الذي ماتزال داعش تسيطر عليه في الرقة».
وأضاف «إن المدنيين محاصرون من قبل قوات سورية الديمقراطية، ويستخدمهم تنظيم داعش دروعاً بشرية»، وتابع: «لذلك نحن ندعو التحالف وقوات سورية الديمقراطية الذين يمكننا التعامل معهم، إلى السماح للناس بالفرار بالقدر المستطاع».
وتقدر الامم المتحدة بأن حوالي 25 ألف مدني ما زالوا محاصرين في الرقة، وأوضح إيغلاند أن «موظفي الاغاثة يعتقدون أن الوضع هو الأسوأ بالنسبة إلى النساء والأطفال والمدنيين الواقعين في مرمى النيران».
حقول جديدة بيد إيران
من جهة أخرى سيطرت قوات النظام وميليشيات إيران على معمل غاز توينان، وحقل ومحطة توينان، وحقل الأكرم، وحقل غرب الحسين، وحقل الغدير، إضافةً إلى قرى تل الأصفر، وظهور المملحة، ورسم العمالي، ورجم الشيح، وسوح الديلج، وقربة ووادي الأوج بريف الرقة الجنوبي، وفق شبكة شام.
في حين تمكن تنظيم “الدولة” بهجمات معاكسة بدأها بتفجير أربع عربات ملغمة، من استعادة السيطرة على قرى مغلة صغيرة ومغلة كبيرة، والنمصية، وسالم الحمد، والبو حمد، وغانم العلي، ما أجبر قوات النظام على الانسحاب تجنباً للوقوع في فخ التنظيم ومحاصرته لعناصره.
واشنطن تنأى عن ملف إعمار الرقة
وفي سياق آخر حسم مبعوث الولايات المتحدة الأمريكية بريت ماكغورك، موقف بلاده من المشاركة في عمليات إعادة إعمار المناطق المُدَمَّرة في محافظة الرقة.
وقال ماكغورك: «إن واشنطن لا ترى أنه يتعين عليها تحمل أعباء إعادة إعمار المناطق المُدَمَّرة، كونها مهمة دولية ومحلية»، ونأى ببلاده عن مسألة إعادة الإعمار على المدى البعيد.
جاء ذلك خلال اجتماع وفد من التحالف الدولي مع ممثلين عن “مجلس الرقة المدني” التابع لميليشيات “سوريا الديمقراطية” في مقره ببلدة عين عيسى.
وأوضح “المجلس المدني” أن «الوفد ضم المبعوث الأمريكي الخاص لدى التحالف، ونائب القائد العام للتحالف الجنرال روبرت جونز، ومسؤولين من وزارة الخارجية الأمريكية وممثلين عن دول أخرى في التحالف».
المصدر : سوريتنا