يتشارك مدّعي حماية الشعب السوري، وأصحاب شعارات الديمقراطية أو الخلافة، وحتى بعض المحررين، رذيلة السرقة، محققين فائدتهم الشخصية أو الفصائلية أو القومية، على أرزاق الناس، ولأن لا سلام بلا عدالة، وأساس تحقيق العدالة هو توثيق الجرائم.
فنظام الأسد ومليشياته، عقب طرده من الرقة في بدايات عام ٢٠١٣، عمدت حواجزه على التربص بالخارجين من الرقة، والقيام بابتزازهم وسرقة ما يحملون، عن طريق ما يمسى “لجان الدفاع الوطني”، التي تقيم حواجزها على طريق الرقة- سلمية، حيث فرضت أتاوة بمبلغ ١٠٠٠-٥٠٠٠ ليرة سوريا، على كل مدني خارج من الرقة، ناهيك عن سرقة الهواتف المحمولة وبعض الأمتعة أحياناً، كما ويتم فرض مبلغ يتراوح بين ٢٥-١٠٠ ألف ليرة سوريا على الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والتموينية، تبعاً لنوع البضائع وثمنها وكميتها، الأمر الذي تسبب بارتفاع أسعار المواد الغذائية والتموينية في مدينة الرقة.
ومع تقدم ميليشيات النظام، في ريف الرقة الجنوبي على حساب تنظيم داعش، بدأ الجسم الجديد للنظام تحت مسمى “قوات العشائر”، بعمليات سرقة طالت كامل المنازل وحتى الموالين أصحابها للنظام، إذ تمت عمليات السرقة تحت أعين مالكيها في ريف الطبقة الغربي، دون أنّ يكون لهم الحق في الاعتراض.
وخلال الشهر المنصرم، تقدمت ميليشيا “قوات العشائر” المدعومة بوحدات تابعة للنظام، والتي يتم الإشراف عليها من قبل السفارة الإيرانية في دمشق، في مناطق ريف الرقة الشرقي، عن طريق البادية، إذ تم التقدم عقب عمليات قصف وغارات جوية كثيفة من الطيران الحربي الروسي، ما دفع الأهالي إلى الفرار وإخلاء مناطقهم، لتبدأ تلك المليشيات بالسرقة ونهب المحصول، كما طالت عمليات السرقة السيارات المدنية والآلات الزراعية، فيما برر المدعو “تركي البوحمد” قائد مليشيا “قوات العشائر” تلك العمليات، بأنّها فردية وأنّه عاجز عن مراقبة كامل قواته، وأنّه لا يستطيع السيطرة على وحدات الجيش السوري في المنطقة، وتابع بأنّ هذا الأمر اعتيادي، وبأنّه سيتم إعادة المسروقات إلى أصحابها، فيما حاول البوحمد التغطية على السرقات في المنطقة، عن طريق دعوته الأهالي إلى العودة إلى قراهم، تلك الدعوات لم تلقى أذناً صاغية عند المدنيين المتخوفين من الاعتقال، والسوق الإجباري إلى الخدمة في صفوف النظام، والتجاوزات على النساء.
وبحسب أهالي المنطقة، فقد توقفت العمليات العسكرية التي يقوم بها النظام في المنطقة، عقب انشغال عناصره بالنهب والسرقة، حيث يتم افراغ المنازل من محتوياتها كاملة و”تعفيشها” نحو ريف حلب الشرقي ومناطق سيطرة النظام الأخرى.
فيما لم يكن هذا الأمر مستغرباً على عناصر النظام وجيشه، والذي قاد عمليات سرقة ممنهجة طالت عموم المحافظات السورية وحتى لبنان سابقاً، والتي هي جزء من عقيدة جيش أمتهن السرقة وسفك الدماء، لتصبح ظاهرة “التعفيش” أسلوباً لجمع المال، الذي تقوم بها ميليشياته المنضوية تحت أسماء مختلفة من دفاع وطني وقوات رديفة.