بات من الواضح حدود ومناطق سيطرة الأطراف الدولية على الجغرافية السورية، وبشكل لا يقبل الشك، خصوصاً بعد التسويات والمصالحات التي فرضها النظام السوري انطلاقاً من قاعدة حميميم، على مر السنوات الأربع الماضية، والتدخل التركي لصالح عملية “درع الفرات” في ريف حلب الشرقي، ليكون أخرها ما يجري حالياً في ريف الرقة الشرقي، والذي فُتح أمام مليشيات نظام الأسد وطيرانه، بعد أنّ كان محرماً عليهم أمريكياً.
إذ أخذت مليشيات النظام السوري، بالدخول في الجغرافية الإدارية لمحافظة الرقة، بدأ من ريف الرقة الغربي والسيطرة على قرى غربي مدينة الطبقة في ناحية الدبسي، ومن ثم التوغل نحو الريف الجنوبي والبادية، والسيطرة على حقول النفط المنتشرة فيها، وصولاً إلى منطقة العكيرشي، والتي تشكل حدود السيطرة مع مليشيا قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، إذ تم عقد عدد من اجتماعات التنسيق وتقاسم الكعكة بيها وبين مليشيات الأسد، متفقين على حصول قسد على بلدة العكيرشي والمنطقة الشمالية منها، بينما يسمح للنظام السوري على دخول البادية كاملة، وبموجب الاتفاق توقف استهداف طيران التحالف الدولي لريف الرقة الشرقي، لتتحول إلى مجال جوي للطيران الروسي المساند لمليشيات الأسد، فيما نفذ تنظيم داعش عدداً من الانسحابات المتتالية نحو بلدة التبني أولى قرى ريف دير الزور الغربي.
وفي الوقت الذي ارسل النظام ميلشياته تحت مسمى “جيش العشائر” بقيادة المدعو “تركي البوحمد”، وهو من أهالي المنطقة، وعناصره من أبناء الجزيرة السورية “الرقة، دير الزور، الحسكة”، إضافة إلى بعض وحدات جيش النظام والمليشيات الرديفة به، والمدعوماً جواً من قبل الطيران الروسي، الذي نفذ بدوره مئات الغارات الجوية العشوائية حتى اللحظة، مخلفاً وقوع العشرات من أبناء المنطقة بين شهيد وجريح، ونزوح معظم سكانها باتجاه مناطق سيطرة مليشيا قسد، عبر نهر الفرات ما أوقع عدداً من الغرقى في صفوفهم.
لتكون تلك التفاهمات الدولية، والتي كانت نتائجها عودة سيطرة مليشيات النظام على أجزاء واسعة من ريفي الرقة الشرقي والجنوبي، بعيدة عن تطلعات أهالي المنطقة، الذين عانوا لسنوات طويلة من سوط داعش وقصف نظام الأسد، مفضلين الفرار باتجاه مناطق سيطرة مليشيا قسد، وفي نفس السياق اصدر مجموعة من نشطاء المنطقة، نداءات للتحالف الدولي، يطالبونه بالتدخل والسيطرة على ريف الرقة الشرقي وعدم تركه لمليشيات النظام ولكي لا تكون الرقة مستقبلا مقسمة من حيث مناطق السيطرة بين مناطق تتبع للنظام وميليشياته، وآخرى للميلشيات الكردية، والتي رغم عيوبها يحال أن تقارن بإجرام النظام السوري، الذي ثار عليه الأهالي سابقاً وقاموا بطرده من مناطقهم، إلا أنّه من الواضح أن النفط وأنابيبه أهم لدى القوى الدولية الفاعلة من سلامة الأهالي وتطلعاتهم.