الرقة تذبح بصمت
منذ إعلان معركة “غضب الفرات” ضدّ تنظيم داعش بقيادة قوّات سوريا الديمقراطيّة “قسد”، المدعومة جوّاً من قبل طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، ولا تزال موجات النزوج من مدينة الرقّة تتضاعف يوماً بعد يوم نحو مناطق سيطرة ميليشيا “قسد” في الريف الشماليّ للمدينة، حيث تجبر النازحين إليها بالتوجه نحو مراكز تجميع، أو ما يُسمّى بالمخيّمات في بلدة عين عيسى شمال الرقّة نحو ٦٠ كم، وهي مخيّمات بدائيّة لا يتوفر فيها أدنى مقوّمات الحياة، والرعاية الصحية والأولية.
كما ويخضع نازحو الرقة الذين يتوجهون نحو تلك المخيمات، لإجراءات أمنية مشدّدة، ناهيك عن التحقق المفصّل، والإجراءات المعقّدة، قبل دخول المخيّم، خاصّةً وأنّهم قادمون من مناطق سيطرة التنظيم، كما وتحظر إدارة المخيّم التابع لمليشيا “قسد” على الأهالي مغادرته إلّا في ظروف هم يرونها مناسبة.
وفي مسح أجرته “الرقة تذبح بصمت”: يوجد في بلدة “عين عيسى”، مجمّعين يضمّان أكثر من ٤٠ ألف نازح، ٢٠٪ منهم فقط لديهم خيام تؤويهم، أمّا الآخرون فيبيتون في العراء، وذلك نتيجة لارتفاع أجرتها، وقلّة ذات اليد، وسط شحّ في الحاجيّات الرئيسيّة، من مياه، وطبابة، فضلاً عن انتشار الأمراض الجلديّة، وإصابة الأطفال بأمراض سوء التغذية.
كما وتمنع ميليشيا “قسد” خروج المدنيين النازحين من المخيّمات باتجاه بلدات الريف الشماليّ، إلّا بكفالة كرديّة، وتسهّل أمور النازحين ممّن يريدون مغادرة الرقّة كليّاً، وذلك بغية التغيير الديمغرافيّ الذي تسعى إليه القوات المهاجمة.
وكانت منظمة “أطباء بلا حدود” قد حذّرت في وقت سابق من ارتفاع أعداد النازحين المدنيين من الرقّة الواقعة تحت سيطرة داعش حتى اللحظة، حيث يصل إلى مخيّم عين عيسى للّاجئين نحو ٨٠٠ شخص يوميًّا.
وأضافت المنظمة: أنّ إمكانيّات المخيّم معدومة، وأنّ الناس يبقون عالقين داخله، وذلك بسبب إجراءات المراقبة التي تستغرق وقتًا طويلًا من قبل قوّات قسد، مضيفةً أنّ ظروف المخيّم صعبة للغاية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ونقص المياه، وأعداد الخيم، كما وبلغت أعداد اللّاجئين في الأسابيع الأخيرة أكثر من ١٣٠٠ عائلة في مخيم عين عيسى.
وفي سياقٍ متّصل، كشفت صحيفة “الديلي بيست” الأميركيّة الشهر الفائت عن قيام قوّات “قسد” المدعومة أميركيًّا، بعمليّات تهجير واسعة في الشمال السوريّ، بحجّة التدرّع بالحرب على تنظيم داعش، كما أنّ مليشيا “قسد” ترفض وبعد السيطرة على قرية أو مدينة، إعادة أهلها وأبنائها إلى، بيوتهم، بحجّة قيامها بعمليّات تمشيط، إذ يؤكّد ناشطون، ما الهدف من ذلك إلّا هو تهجير بحقّ العرب من أبناء الرقّة.
واليوم نجد أنّ المخيّم يعتمد في توفير النقص من فُرش ً وطعام، وشراب، على، التبرّعات التي يرسلها أبناء الرقّة ممّن هم مقيمين في الخارج، والمنظمات الداعمة، وذلك ضمن حملة مطابخ الرقّة الخيريّة، لتكون تلك المخيمات أشبه بمعسكرات الاعتقال النازية، دون قتل أو حرق، متروكٌ فيها المدنيون للموت مرضاً أو من الحر، وفي بعض الأحوال كمداً.