الرقة تذبح بصمت
في كلّ يومٍ تواصل فيه قوّات سوريا الديمقراطيّة التي تشكّل الوحدات الكرديّة عمودها الفقريّ ، تواصل تقدّمها في قرى الرقّة لتبدأ بشنّ حملة من الاعتقالات بحقّ شباب المناطق التي يتمّ السيطرة عليها، وذلك بهدف زجّهم ضمن صفوفها خلال معاركهم مع تنظيم داعش.
وأكّد بعض المدنيين من أهالي ريف الرقّة الشماليّ أنّ قوّات “قسد”تقوم بين الفينة والأخرى بحملة اعتقالات عشوائيّة تطال الشباب، تاركين الأطفال مادون ال15عامًا، أمّا البقيّة فيتمّ سوقهم ضمن صفوف ميليشيا “قسد” ، والزجّ بهم على جبهات القتال مع تنظيم داعش، وتقديمهم على أنّهم متطوعين.
هذا وقد قامت قوات قسد بشنّ حملة اعتقالات في اليومين الفائتين ضمن حملة التجنيد الإجباريّ في كلّ من مدن تلّ أبيض، وسلوك، وعين عيسى، شمال مدينة الرقّة، حيث أقدمت على قتل شاب وإصابة آخر أثناء مطاردتهم للتجنيد جنوب قرية الحويجة قرب مدينة تلّ أبيض.
كما أشارت بعض العائلات التي نزحت من الرقّة باتجاه الريف الشماليّ للمدينة، جرّاء القصف المتواصل والمكثّف عليها منذ بداية شهر رمضان، أشارت إلى أنّه بمجرّد وصولهم تقوم قوّات “قسد” بالاستفسار عن إذ ما كان معهم شباب، وذلك من أجل سوقهم إلى الخدمة في صفوفهم.
ولم يكن الشباب في مدينة الرقّة والمناطق الواقعة تحت تنظيم داعش بأوفر حظًّا من الشباب في مناطق سيطرة
ميليشيا “قسد” حيث ومنذ إحكام التنظيم سيطرته على الرقّة يقوم أيضاً بإجبار الشباب ومن هم قادرين على جمل السلاح في الانخراط ضمن صفوفه، خاصّة وأنّ لديه ما يكفي من الأساليب للإيقاع بهم، وذلك عن طريق إغراقهم بالرواتب ، والجوائز، والمكافآت، وغسل أدمغتهم من خلال تسليمهم. مناصب في التنظيم، وما يوعدون من جنان عليين وحور عين بعد موتهم.
ولكن واليوم مع ضعف إمكانية التنظيم القتالية نتيجة ما يتلقاه من قصف واستهداف لنقاط قوته من قبل طيران التحالف جوًّا، وقوّات ميليشيا “قسد” برًّا ضعُف تأثير داعش في الضغط على الشباب فيما يسميه الجهاد ضمن صفوفهم، خاصّةً وأنَّ جسد التنظيم أصبح خائر القوى، وعاجزًا عن التصدّي للقوى المهاجمة.
فالتنظيم اليوم يقوم بتسليم المناطق المسيطر عليها في حال وجد نفسه لا يستطيع مواصلة التصدّي لقوّات “قسد” ، فأنّه أثناء انسحابه يقوم بحملة اختطاف تطال العشرات من شباب المناطق المُسلّمة، واقتيادهم إلى جهات مجهولة، وهذا ما حدث في قرية رطلة قبل عدّة أيام، واقتيادهم إلى جهات مجهولة، إذ يرجّح ناشطون بأنّه يتمّ اقتيادهم إلى جبهات القتال، من أجل سدّ الثغور في مناطق تعاني من نقص عناصره، خاصّة وأنّ التنظيم فصد الكثير من عناصره وقادته خلال الهجمة الشرسة على الرقّة.
وليس الشباب وحده في مناطق التنظيم ضحيّة التجنيد،
وأنّما الأطفال مادون ال15عامًا، إذ يُعتبرون بالنسبة لداعش ، أسهل تغريرًا بهم من الشباب، حيث يستغلهم لسهولة حركتهم ، وتسللهم، وتفجير أنفسهم داخل التجمعات .
فلم يكن امام شباب الرقّة لعتق أنفسهم من التجنيد في صفوف “قسد” او الانخراط في صفوف تنظم داعش ،سوى أن يلوذوا بأرواحهم ، فلم يكن لهم إلّا الفرار باتجاه الحدود التركيّة ، ليُقابلوا أحياناً بنيران الجيش التركيّ ، وبذلك فإمّا تجدهم في مواجهة الاعتقال ، والقتل في حال رفضهم الانصياع للقوى المسيطرة على مناطقهم ، والانخراط ضمن صفوفهم، أو تجدهم فرّوا باتجاه الحدود التركيّة ليواجهوا بصدورٍ عارية نيران الجيش التركيّ، فيكونون في مرمى نيرانهم، أو تجدهم شقّوا طريق الهجرة باتجاه القارة العجوز (أوروبا) ، مُبعدين عن ديارهم وأهاليهم ، ليواجهوا في هجرة الموت إلى الموت مصيراً مجولًا أكثر ممّا هو عليه الآن .