تعددت أسباب الموت في الرقة، لتتحول وسائل التواصل الإجتماعي مقابر لمن لا يستطيعون وصل موتاهم، فمن السماء تحالف يقتل دون حسيب، وعلى الأرض مدافعٌ تدك كلّ حي، وسكينُ داعش ما ارتوت من دماء المحاصرين، وألغام التنظيم تحصد الفارين.
إلا أنّ الموت عطشاً أو في سبيل الماء، في مدينة يقطعها نهرٌ روي منه كل السوريين، يمر بعتبة أبواب ساكنيها، فكان الموت قهراً هنا، فمنذ أكثر من 10 أيام توقفت المياه عن الوصول للمدينة، مع خروج محطة المياه عن سيطرة داعش، التي كانت بالكاد تعمل، وخلال هذه الأيام عاشت المدينة شحاً كبيراً في المياه لأكثر من 100 ألف مدني لازالوا عالقين هنالك، فما كان من الأهالي إلا الخروج نحو النهر للتزود بما يسد عطش أطفالهم، ليكونوا هدفاً لطائرات التحالف الدولي.
فقد قضى حتى الآن ومنذ بدأ الهجوم على مدينة الرقة، قرابة ال ٢٧ شهيداً مدنياً وعشرات الجرحى، على ضفة الفرات، إلا أنّ دمائهم المختلطة بماء النهر، لم تثن من تبقى للسعي من جديد في محاولة الشرب من الموت، والتزود بالمياه لمنع الموت عطشاً ليكون الموت على ضفاف الفرات.
مدينة من تغنوا بفراتهم تكوت عطشاً، ومن تغنى السائرون بموائدهم تموت جوعاً، ومن عالجت جرحى المظاهرات وعناصر الثورة تقضي بنقص الدواء، فلا سوقٌ في المدينة يكتض بأهلها منذ ٢٠ يوم، ولا مخابز ترق العجين وتطعم الجياع، ولازال من هناك يردد “لانزال على قيد الحياة”، حياة ليست كالحياة.