لم يشهد الوضع الميداني في الرقة تغيراً كبيراً من حيث السيطرة بين تنظيم داعش والقوات المهاجمة في الأسبوع الأخير من شهر رمضان، في حين يبقى الرقم الوحيد الأخذ بالازدياد هو عداد الشهداء من المدنيين، الذين يقضون بقصف طيران التحالف الدولي ومدفعيته، وما ترميه مليشيا قسد من الهاون بشكل عشوائي كل يوم، وما زرعه تنطيم داعش من ألغام في محيط الرقة.
حيث غلب على من قضوا في الرقة من المدنيين اسم “شهداء الماء”، ممن لقوا حتفهم وهم يحاولون جلب الماء لمنازلهم وعائلاتهم بعد قطعه عن المدينة المحاصرة.
شرقاً، لاتزال قسد تسيطر على كل من حي المشلب والصناعة والبتاني، والتي تدور على أطرافهما اشتباكات بين الطرفين، وما يرافقها من قصف عنيف لأحياء المدينة في تلك المنطقة، وسيارات داعش المفخخة مسببة دماراً كبيراً في الممتلكات.
غرباً، توسعت رقعة سيطرة مليشيا قسد في المنطقة، محكمةً سيطرتها على المساكن المطلة على دوار القادسية والإدخار، حيث تسعى للتقدم شرقاً، إلا أنّ التنظيم بدأ باتباع أسلوب العمليات الانتحارية في محاولة منه للتسلل واختراق دفاعات مليشيا قسد، حيث نفذ التنظيم عدداً من العمليات الانتحارية ما تسبب بقتل عددٍ من عناصر قسد، في حين بدأت قسد محاولة التقدم أكثر نحو منطقة شارع القطار والبريد الجديد، عقب تعذر اقتحام الحي من الجهة الشمالية، والتي شهدت عمليات كر وفر بين الطرفين.
جنوباً، لم تكمل قسد حصارها للرقة، تاركة منفذاً لفرار عناصر التنظيم وانسحابهم، فبعد وصول القوات المهاجمة إلى الجسر الجديد والسيطرة عليه، توقفت العمليات قبل السيطرة على منطقة الجسر القديم، لتقتصر على مناوشات نارية بين الطرفيين، ومنع داعش أهالي المنطقة من مغادرتها حتى اللحظة متخذاً منهم دروعاً في وجه المهاجمين.
في المدينة، لا يزال مشهد القصف اليومي هو الغالب طيلة شهر رمضان المبارك، حيث شهدت المدينة سقوط أكثر من ٢٠٠ قذيفة مدفعية بشكل يومي، والتي امتازت بالعشوائية حاصدة أرواح العشرات من المدنيين يومياً، إضافة إلى استهداف الأحياء المدنية بالصواريخ متوسطة المدى بمعدل ١٤ صاروخ يومياً، والتي تطلق من قاعدة الجلبية شمال عين عيسى، في حين سُجل يومياً استهداف المدينة بنحو ٢٠ غارة جوية بواسطة طيران التحالف الدولي، كما شهدت الفترة الأخيرة هروب عددٍ من عناصر التنظيم وانضمامهم إلى صفوف قسد، ما قد يفسر هدوء الجبهات بين الطرفين في محاولة للرهان على انهيار التنظيم بزيادة عمليات الانشقاق من صفوفه.
ولم تكن مناطق سيطرة مليشيا قسد الخارجة من سيطرة تنظيم داعش بأحسن حال بالنسبة للنازحين وأبناء المنطقة من العرب، حيث تستمر انتهاكات ومضايقات مليشيا ال YPG ضدهم بشكل روتيني، هادفة إلى دفع الشباب للتجنيد في صفوفها، حيث أقدم عناصر من المليشيا المذكورة على الاعتداء بالضرب على شبان من مزرعة ربيعة غرب الرقة، عقب احتجاجهم على منع أهالي المنطقة وسكانها من العودة إلى منازلهم.
وفي سياق متصل، لازال نازحوا مخيم الكرامة يعانون من ظروف إنسانية مأساوية للغاية، مع قلة المواد الغذائية وانعدام المياه الصالحة للشرب، وانتشار الأمراض بين الأطفال، حيث غلب على المخيمات أسلوب العقاب الجماعي.