الأمان للدواعش يخفي مخاوف قسد، السيادة الوطنية مقدمة على كل شيء، الدماء المباحة، اعرف عدوّك.
تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”
الأمان للدواعش يخفي مخاوف قسد
قسد: سنحمي حياة مقاتلي تنظيم الدولة في الرقة إذا سلموا أنفسهم وسلاحهم قبل نهاية شهر أيار الجاري.
تدرك ميليشيات سورية الديمقراطية أنّ هذا الإعلان لن يُقدِّم أو يؤخر شيئاً بالنسبة للدواعش، ويجزم كثيرون باستحالة استجابة الدواعش لهذا النداء لانعدام الثقة بين الطرفين، وتفضيل معظم الدواعش الموت على الوقوع بيد قسد، وبالتالي فالنداء لا يُصنّف ضمن الحرب النفسية لانعدام أثره على الدواعش من هنا بل ربما له أثر عكسي على ميليشيات سورية الديمقراطية، فالتصريح لا يوحي بالثقة عند قسد بمقدار ما يوحي بالخوف والقلق.
تعرف “قسد” أكثر من غيرها أن انتصاراتها وتقدمها على داعش تمّ بفضل التحالف الدولي لا شجاعة عناصره، ومهاراتهم القتاليّة.
فالمخاوف التي تنتاب قسد من معركة الرقة كثيرة جداً، فهي لن تكون مفروشة بالورود، فهي بالنسبة لداعش معركة كسر عظم، وسيقاوم حتى الرمق الأخير، لذلك قد تكون ثقباً أسود لقسد، ولاسيما أن قسد لا تملك حاضنة شعبية ترفدها بالمقاتلين لذلك تلجأ لفرض التجنيد الإجباري.
ومن هنا نجزم أن انتصار قسد في الرقة سيحمل في الوجه الآخر هزيمة له، فإذا خسرت قسد 500 مقاتل في منبج فإنها بلا شك ستخسر أضعافهم في الرقة، ومن ينظر لمعركة الموصل يعرف الضريبة التي ستدفعها قسد، ولن تنتهي خسارة قسد هنا، إذ ينظر أهل الرقة لقسد باعتبارها قوة احتلال تطيح باحتلال. ولم تفعل قسد حتى الآن يجعلها مقبولة أو مرضي عنها في الرقة فسياستها العنصرية لم تبق لها صاحباً، فالعفو عن الدواعش يخفي وراءه مخاوف قسد أكثر مما يظهر قوتها.
اعرف عدوّك
تنظيم داعش يتبنى هجوم محافظة المنيا في مصر والذي أسفر عن مقتل نحو 30 شخصاً.
رغم كل القمم والاجتماعات والزيارات والمباحثات والمشاورات فإنّ قطار الحرب على الإرهاب لم يوضع على سكته الصحيحة، وبالتالي فإنّ الحرب على الإرهاب ما زالت في النقطة صفر، بل إن الإرهابيين الحقيقيين يستفيدون من كل ما سبق ويظفونه لصالحهم لأنّه فعلاً يجري لصالحهم.
فالروس والإيرانيون جاؤوا لسورية بدعوى محاربة الإرهاب وداعش لكننا نراهم يحاربون القوى الوطنية، ومن تراهم أمريكا وحلفاؤها إرهابيون يراهم الروس حلفاء بالحرب على الإرهاب.
والسيسي اليوم بدل أن يتوجه لمحاربة داعش التي تفتك بالمصريين، وتستهدف نسيجهم الوطني نراه يستخدم داعش شماعة لقمع القوى الوطنية المعارضة، ولتصفية الخصوم السياسيين، ولتسويق نفسه دولياً كرجل الساعة في الحرب على الإرهاب فيقصف مدنيين في ليبيا لا علاقة لهم بداعش، بل يعانون من ويلات داعش، تماماً كما فعل الأسد طوال السنوات السابقة.
إن المتبصر في الواقع العربي يجد أن داعش عقد زواج متعة مع أنظمة الاستبداد على أساس المتعة والمنفعة المتبادلة فالأنظمة تزيد من استبدادها وقمعها لرفع منسوب التطرف، والإرهاب ينشط ليبرر هذا القمع، وتضيع القوى الوطنية بين سندان الاستبداد ومطرقة الإرهاب.
السيادة الوطنية مقدمة على كل شيء
فرنسا تؤكد وجود قوات فرنسية خاصة في سورية.
الخارجية السورية: تعيد سورية التأكيد على ضرورة وقف أعمال هذا “التحالف” غير الشرعي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية وعلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتصلة بمكافحة الإرهاب بما في ذلك القرار 2253 لعام 2015.
أصبحت سورية بلداً مستباحاً ينهشه الجميع بدءاً من النظام الذي تحول لسلطة احتلال تخدم أجندة خارجية مروراً بداعش وإيران وروسيا والولايات المتحدة والميليشيات الكردية والطائفية، فغدا السوري غريباً في وطنه على أرضه.
ومن المضحك المبكي أن النظام السوري الذي جلب كل هذه الاحتلالات وباع الوطن بثمن بخس يتحدث عن السيادة، وتزداد الغرابة حين نعلم أن هذا النظام الذي يستنكر أعمال التحالف نسي أن هذا التحالف يدعم قوى “انفصالية عنصرية” وصفها وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم بأنها قوى وطنية، فكيف يستقيم عند هذا النظام وصف أفعال التحالف بالعدوان علماً أن هذه الأفعال العدوانية وفق وصفه هي من مهدت لتقدم القوى التي وصفها بالوطنية.
إنه العهر السياسي الذي عودنا النظام السوري عليه، فهو يتاجر بالقضية الفسطينية منذ عقود، وهو اليوم يتاجر بدماء السوريين ليسجل نقاطاً سياسية كيف لا وهو الذي أقام المحارق، وقتل أضعاف أضعاف ما قتل التحالف.
لا نبرر جرائم التحالف، إنما نوضح حقيقة شراكة الجميع في سفك الدم السوري. والشماعات (مكافحة الإرهاب، السيادة الوطنية) التي يعلق الجميع جرائمهم عليها لا تبرر الجرائم المرتكبة.
الدماء المباحة
مدينة الميادين: 23 قتيلاً وعشرات الجرحى في قصف روسي على مدينة الميادين في دير الزور.
صحيفة نيويورك تايمز: نحو 3100 مدني لقوا مصرعهم إثر الغارات الأمريكية على العراق وسوريا منذ بدء الحرب على تنظيم الدولة.
تُدلِّل الأرقام والأخبار أنّ الوضع السوري يتجه لمزيد من التعقيد، والشعب البريء يدفع فاتورة هذا التعقيد، حتى غدا دمه مباحاً، ولا حرج في هدره بدعوى شماعة الإرهاب، بعد أن كان الصراع مقتصراً على سلطة مستبدة ونظام توّاق للحرية أصبحت سورية ساحة لتصغية الحسابات على حساب الدم السوري.
ونرى هنا أن الحرب التي تستهدف الإرهاب عبثية لأسباب عدة أبرزها محاربة الإرهاب بإرهاب مماثل، وعدم استئصال الجذور الحقيقية والعوامل المفرخة للإرهاب، واعتقاد كثيرين خطأ أن التشدد الديني سبب رئيس للإرهاب هذه العوامل تجعل محاربة الإرهاب عبثية؛ فالإرهاب يولّد الإرهاب، والقضاء على داعش جغرافياً لا يعني زوال الإرهاب ما لم تزول العوامل التي فرّخت داعش، ومن يتتبع واقع داعش يعرف أن التشدد الديني وسيلة استخدمها داعش لتجييش مقاتليها لا سبب للإرهاب، فمعظم عناصر داعش قاعدتهم وفكرهم الديني ضحل.
وبالعودة للخبرين أعلاه نقول: كيف نقنع ذوي الضحايا أن قتلهم كان ضرورة، وكيف نجعلهم يرضون بالقوى المحاربة للإرهاب بديلاً لداعش، وكيف نضمن ألا يتحول ذويهم لمشاريع إرهابيين وهم يرونهم قتلوا بلا ذنب.
إن محاربة الإرهاب منظومة متكاملة وأي خلل وانتقاء سيأتي بأثر عكسي لا يريده إلا أنصار الإرهاب.
هُدنة أم تقسيم؟!
وزارة الخارجية الروسية: إن خبراء من روسيا وإيران وتركيا سيرسمون حدود المناطق تخفيف التصعيد في سورية.
يشير الخبر السابق أن محادثات أستانة لم تعد تهدف تخفيف التصعيد العسكري بل إطالة الوضع القائم، وإقناع السوريين بالتقسيم، فماذا يعني كلام وزير الخارجية الروسية ميخائيل بوغدانوف أن اتفاق تخفيف التصعيد ينص على أن الدول الضامنة ستشكل فرق عمل لتحديد خرائط ونشر حواجز بغية تأمين عبور آمن للمواطنين؟.
فهل تحولت المناطق السورية لدول تحتاج لقوى دولية لتأمين عبور السوريين من دولة لأخرى؟!، وهل تعد هذه الخرائط خطوة مرحلية للحل السياسي، أم أنها خطوة لتقسيم المناطق وفق السيطرة الحالية؟.
إن عمليات التهجير تدفعنا -للأسف- للاحتمال الثاني، وهذا الاحتمال تميل له هذه الدول في ظل رفض أي طرف التنازل، وعدم قدرة أي طرف حسم الأمر عسكرياً بعد أن أخذ الصراع أبعاداً إقليمية ودوليّة، ويخشى السوريون أن توافق الدول الأخرى على هذا الأمر مما يجعله أمراً واقعاً، وقد تبقى الأمور معلقة بالصيغة الحالية مما يعني استمراراً للنزف السوري، ودماراً لسورية المستقبل، فكلما تأخر الحل تعقدت الأمور وزاد الشرخ والدمار.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.