يتلقى تنظيم داعش هزائم متلاحقة ومتتالية في كل من سوريا والعراق، خلال العام الأخير، والتي خسر بموجبها مساحات كبير من مناطق سيطرته، ذات الكثافة السكنية العالية، بينما لا تزال الرقعة الجغرافية المسيطر عليها من قبل التنظيم كبيرة، إلا أنّها حالياً مناطق صحراوية خالية من السكان.
وبالتدقيق أكثر بالوضع السوري، وخصوصاً محافظة الرقة المعقل الأهم والرئيسي للتنظيم في سوريا، يظهر جلياً أنّ التنظيم منذ منتصف عام 2015، خسر في بدايته الريف الشمالي للرقة، وبعدها بدأت الخسائر بالتوالي، وخصوصاً خلال الشهور السبعة الماضية، فتوسعت مناطق سيطرة مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية YPG على حساب صاحب شعار “وتتمدد”، فخسر التنظيم الريف الشمالي الشرقي للرقة بالكامل، وكذلك ريف المدينة الشمالي ومعظم منطقة بئر الهشم، والريف الغربي والطبقة البوابة الغربية للرقة، واللافت خلال خسارة التنظيم لمدينة الطبقة هو الاتفاق الذي عُقد بين التنظيم وما يُطلق عليه مصطلح “الملاحدة والصليبية”، والذي بموجبة انسحب ذليلاً نحو الرقة، حاملاً شعار “باقية” معه في العربات التي اقلت مقاتليه المهزومين من المدينة.
هذا ولم يقف الأمر عند هذا الأمر، فالخسارة لازالت مستمرة والقرى تتساقط كما أحجار الدومينو من يد التنظيم، المشغول حالياً بسرقة ما يستطيع نقله خارج الرقة والمناطق التي ينكمش منها، وفرض الضرائب لجمع أكبر قدرٍ ممكن من المال، ومن جهة أخرى التضييق أكثر على المدنيين عبر أحكام الإعدام والجلد واطلاق يد الأمنيين أكثر تجاه المدنيين.
ومن المتوقع أنّ يحمل النصف الثاني من عام ٢٠١٧، شعار البقاء للتنظيم في الرقة إلى غير عودة، خصوصاً مع اقتراب معركة المدينة المزمع البدء فيها مع بداية هذا الصيف، وانقشاع السواد عن محافظة عانت ما عانته، ليحل محله مستبدٌ جديد، مانفك في انتهاكاته ضد المدنيين في المناطق التي سيطر عليها، لكن بحلة تحمل اسم الديمقراطية وهي أبعد ما تكون عنه.