تتجه أنظار المتابعين للأزمة السورية إلى مدينة الرقة المعقل الأهم لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، حيث تتعارض مصالح وتلتقي أخرى.
وتشير الخريطة الميدانية حتى اللحظة إلى القوة الأهم في معركة الرقة وهي ما تسمى “قوات سوريا الديمقراطية” التي ترابط في محيط المدينة استعدادا لانتزاعها من تنظيم الدولة، بينما أكدت تركيا مجددا أنها لن تسمح لقوات كردية بالسيطرة على مدينة عربية.
وعلى أبواب المدينة، تقف الآن قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المسلحون الأكراد قوامها الرئيسي، والتي تتلقى دعما بريا وجويا من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، بانتظار ما أطلقت عليه مرحلة إكمال الطوق حول المدينة، قبل البدء في معركة السيطرة عليها وانتزاعها من قبضة التنظيم.
وباتت هذه القوات على مسافة خمسة كيلومترات في الجهة الجنوبية الشرقية من الرقة، أما الجهة الشمالية فتبعد بمسافات متفاوتة تتراوح بين عشرة وعشرين كيلومترا، وفي الجهة الغربية ما يزال التنظيم قادرا على إيقاف زحف هذه القوات عند بلدة هنيدة على بعد قرابة ثلاثين كيلومترا غرب الرقة، بينما تبقى الجهة الجنوبية للمدينة مفتوحة نحو بقية مناطق سيطرة التنظيم في دير الزور والبادية السورية.
ويبدو في المدى المنظور أن قوات سوريا الديمقراطية ستتفرد بقتال التنظيم في الرقة، رغم سعي كثير من الأطراف المحلية والإقليمية لإيجاد دور في المعركة المرتقبة وكسر استئثار الأكراد بها.
من جانبها، سعت تركيا لإقناع الولايات المتحدة بالتخلي عن دعم الأكراد، والاعتماد على قوات درع الفرات المشكلة من مقاتلين عرب سوريين، لكن جغرافيا وجود هذه القوات التي تفصلها قوات النظام السوري والمسلحون الأكراد عن أي تماس مباشر مع التنظيم خذلت المساعي التركية، بينما تصر واشنطن على الاستمرار في دعم الأكراد وتسليحهم لمعركة الرقة مع ضمانات للجانب التركي.
ويبدو أن ارهاصات معركة الرقة المرتقبة وما بعدها بدأت تظهر جليا، حيث قالت مصادر محلية إن مجلسا مدنيا مكونا من عرب وأكراد يجري التجهيز له من قبل قوات سوريا الديمقراطية، ليتولى تسيير أمور المدينة بعد السيطرة عليها إن حصلت، وهي تجربة دأبت تلك القوات على تطبيقها، وذلك ما قد يثير تبعات لا تقل أهمية عن الجدل في هوية أطراف معركة الرقة، خاصة أن الرقة مدينة عربية صرفة يقطنها بعض الأكراد من ريفها ومن محافظات أخرى.
ويثور سؤال عن مدى إمكانية تكرار سيناريو معركة الموصل في الرقة من حيث طول مدتها ونتائجها المحتملة، فتنظيم الدولة قادر حتى الآن على تأخير تقدم المهاجمين نحو الرقة، وإن كان خسر مساحات واسعة ومدنا هامة كالطبقة وغيرها، كما يتضح أيضا النقص البشري في صفوفه، حيث بث قبل أيام إصدارا يحث على الانتساب إلى قواته، كما أنه للمرة الأولى يتعرض لهجمات متزامنة من كل خصومه وهو ما يضطره للبقاءء في موقع الدفاع.
المصدر : الجزيرة