تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”
الولايات المتحدة تعترف بقتل مدنيين
اعترف عسكريون أمريكيون بأن سلاح الجو الأمريكي قصف مسجداً شمال سورية مطلع آذار الماضي.
هل يعيد الاعتراف الأمريكي السوريين الذين قتلوا؟ بل هل يمنع الاعتراف الأمريكي حدوث أخطاء مماثلة؟، من يتابع قصف الطبقة والرقة وكل المناطق التي مهد فيها طيران التحالف لقسد لا يشك أنّ الاعتراف الأمريكي جاء لتجميل الأفعال القبيحة التي تقوم بها الولايات المتحدة أثناء طرد الدواعش، ويبقى السؤال الأخلاقي مطروحاً: أيبرر طرد وهزيمة تنظيم داعش الإرهابي دعم تنظيم إرهابي وتدمير مدن كاملة وتشريد أهلها.
ولا تتوقف مسؤولية الولايات المتحدة عند قصف مسجد بالخطأ كما ادعت، فالولايات المتحدة باعتبارها الدولة الأقوى في العالم تتحمل جزءاً من كل الجرائم التي تحدث في سورية، فهي قادرة على لجم الروس والإيرانيين والنظام، وقصف الشعيرات دليل على تلك القدرة، ولا يقُبل من الولايات المتحدة استبدال إرهابي بآخر، ولا يقُبل منها تكرار الأخطاء، ولا يقُبل منها السكوت على إجرام الآخرين.
جيش الإسلام يعيد أمجاد الإسلام؟
أعلنت قيادة جيش الإسلام انتهاء العملية العسكرية ضد “هيئة تحرير الشام” في الغوطة بعد تحقيق الحملة الأهداف المرجوة منها وفق بيان جيش الإسلام.
لم تستطع قيادة “جيش الإسلام” إقناع الشارع الثوري ولا سيما أبناء الغوطة بصدقية خطابها، وليس أدل على ذلك من خروج المظاهرات في الغوطة ضد جيش الإسلام. مظاهرات ضاق صدر بعضهم ولم يستطع تحملها فقام بإطلاق الرصاص الحي مباشرة على المتظاهرين.
أعطى جيش الإسلام مبرراً شرعياً للأسد، فالأسد عندما استهدفت قواته المدنيين فإنه كان يدافع عن نظام حكم سورية نصف قرن، يدافع عن بلد حوّله لمزرعة شخصية، أما جيش الإسلام فيدافع عن مدن محاصرة تدخل إليها حبة الرز تهريباً، يدافع عن بلدات يقصفها الطيران صباح مساء، ويهددها كل يوم بالاقتحام، يدافع جيش الإسلام عن زعامة كرتونية فقوات الأسد والميليشيات الطائفية على مرمى حجر.
كان بالإمكان تصديق دعوى جيش الإسلام لو أن بغيه اقتصر على ما يسميهم “الغلاة” لكن بغيه امتد لإخوانه الثوار الذين يرفعون علم الثورة، ويؤمنون بمبادئها، من يتابع الصفحات الموالية للنظام يشعر بمرارة ما يحدث، فقد فرحت هذه الصفحات بالاقتتال الداخلي أكثر من فرحتها بانتصارات النظام.
عندما تنحرف البوصلة، وتخوض الفصائل قتالاً لأجل زيد وعمرو فإن ذلك يعني بلا شك أن هناك مسافة بعيدة تفصلنا عن النصر، والبحث عن زعامة كاذبة يعني أننا لم نتخلص بعد من نظام الأسد فما زلنا نمارس دون أن نشعر عمالته وأفعاله.
الدفاع الروسية تنشر خريطة اتفاق أستانا
نشرت وزارة الدفاع الروسية خريطة للمناطق التي شملها اتفاق مناطق”خفض التوتر” في أستانة، وقد نشرت وزارة الدفاع الروسية الخريطة بتسمية مغايرة لما تم تداوله عبر وسائل الإعلام إذ وصفت هذه المناطق بـ “المناطق العازلة” أو “مناطق أشرطة الأمن”.
قبل مناقشة التسمية الروسية لابدّ من بيان حقيقة مهمة لم تعد خافية على أحد، وإن كنّا نحاول غض الطرف عنها، أو إقناع أنفسنا بخلافها.
الحقيقة تقول: إن النظام والمعارضة العسكرية الحاضرة في أستانة لا يملكان من أمرهما شيئاً فما تقرره الدول المجتمعة يطبق على الأرض، ولا ينبغي الانخداع بخطابات الجعفري الرنانة عن السيادة الوطنية، كما لا ينبغي الذهاب بعيداً في تفسير اعتراض المعارضة على كون إيران ضامن أو غير ضامن، هذه الحقيقة مهمة لمعرفة ما سيحدث لاحقاً، فروسيا تهدف من خلال أستانة وغير أستانة تكريس احتلالها لسورية كأمر واقع، فهي بعد أن سيطرت النظام وكبلته تحاول السيطرة على المعارضة السورية، ومن هنا تفهم التسمية الروسية. فروسيا تمسك العصا من المنتصف فهذه مجرد مناطق عازلة لا آمنة، وبالتالي قد تشتعل في أية لحظة.
وهذه المناطق “العازلة” خطوة لقطع الطريق على المناطق الآمنة التي تحدث عنها ترامب مؤخراً، وخطوة مبدئية لخروج إيران من سورية تمهيداً للسيطرة الروسية الكاملة على سورية، ونستبعد أن تكون هذه المناطق نواة لتقسيم سورية فهي أشبه بمناطق تقسيم النفوذ لا الجغرافيا، فالمناطق الواقعة تحت سيطرة الكرد غير مشمولة بالاتفاق.
كما تهدف روسيا من هذه الخطوة تفتيت المعارضة العسكرية من الداخل من خلال الاقتتال الداخلي، وهذا يسهل بلا شك سيطرة روسيا على المعارضة العسكرية السورية، وعليه نتوقع عرقلة إيران للاتفاق لأنها تدرك أن نجاحه يعني بداية النهاية لدورها في سورية لصالح الدور الروسي.
المخاوف التركية من الدويلة الكردية
المدفعية التركية تستهدف مواقع قوات حزب الاتحاد الديمقراطي في القرى المحيطة بمدينة اعزاز في ريف حلب الشمالي.
لا يشكّ أحد أن الملف الكردي في سورية بات مصدر قلق حقيقي للأتراك، فلا تخلو مناسبة دون أن يعرب الرئيس التركي ضرورة وحدة الأراضي السورية، فالحكومة التركية تمتلك ما لا نمتلكه عن وجود خطوات عملية تستهدف تقسيم سورية رغم التصريحات العلنية للجميع عن وحدة سورية أرضاً وشعباً، والقصف التركي المتقطع لمواقع السيطرة الكردية عبارة عن رسائل متقطعة لكنها دائمة تذكر بأن تركيا موجودة، ولن تسمح بإنشاء إقليم كردي شمال سورية.
والحقيقة أن الدويلة الكردية شمال سورية حلم تركي غير قابل للولادة خلافاً للإقليم وإن قُدّم دعم أمريكي وروسي لها، فالمحيط الجغرافي رافض لهذه الدولة، كما أن المكونات السورية الأخرى الموجودة داخل الدويلة المزمع إقامتها ستنتفض عليها، ويضاف لذلك العوامل الجغرافية والاقتصادية كلها تمنع قيام الدولة خلافاً للإقليم.
ويأتي استثناء المناطق الخاضعة لسيطرة الأكراد من اتفاق “خفض التوتر” دليلاً على أن خيار التقسيم غير مطروح بشكل جدي حالياً، وإنشاء دويلة كردية شمال سورية لا يقل خطراً عن تنظيم داعش، وستكون مشابهة لدولة داعش من حيث أنها مؤقتة، وستستنزف المنطقة وتجلب الدمار، والقتل لأبناء الإقليم، فهل يفهم الإخوة الأكراد درس داعش ولا ينخدعون كما انخدع كثيرون سابقاً بداعش؟!
معركة الطبقة
تداولت وسائل الإعلام خبر سيطرة قسد على كامل مدينة الطبقة بعد اتفاق مع مقاتلي داعش ينص على انسحابهم.
تشير المعلومات الواردة من الطبقة لخلاف ذلك فما زال الحي الأول والثاني إضافة لسد الفرات تحت سيطرة داعش، وتضاربت الأنباء حول حقيقة الاتفاق الذي دار بين قسد وداعش، فذكرت بعضها أن داعش أرسل مجموعات لاختبار جدية قسد، وهذه المجموعات عبارة عن جرحى ونساء من التنظيم ثم توقف الانسحاب بعد ذلك فعدها كثيرون خدعة من التنظيم لقسد فيما قال آخرون أن قسد أخلت بالاتفاق، وأن داعش لا يأمن قسد وطيران التحالف، ويخشى أن يساق عناصره أسرى.
أياً تكن الحقيقة فإن ما لا شك به أن معركة الطبقة لها أكثر من شهر ونصف، ودفع فاتورتها المدنيون، وكشفت عن الوجه القبيح لقسد وداعش معاً، كما أثبتت معركة الطبقة أن معركة الرقة لن تكون نزهة، وربما لن تكون قسد قادرة على القيام بها ودفع فاتورتها رغم دعم التحالف، ومعركة الموصل شاهد حي على ذلك.
فهل تصر الولايات المتحدة على قسد بعد كل ذلك أم تقوم بمراجعة حساباتها، ولاسيما بعد احتقان الشارع العربي بسبب ممارسات قسد بعد أن أصبحوا غرباء على أرضهم مما ينذر بصراع أخطر من الصراعات الحالية؟. هذا ما ستكشفه الأيام القادمة.
أتصمد هدنة المناطق الآمنة؟
النظام يخترق اتفاق “خفض التوتر” في المناطق المتفق عليها.
اخترق النظام كعادته الاتفاق الذي تم له التوصل في أستانة، ولم يقتصر الخرق على المناطق التي تتواجد فيها هيئة تحرير الشام، فقد خرق النظام الاتفاق في ريف حلب الشمالي، وفي درعا حيث سقط شهداء من الجيش الحر، وستكشف الأيام ليس مدى التزام النظام بالاتفاق بل مدى قدرة الروس على ضبط الإيقاع، ولجم الميليشيات الطائفية، فيدرك الجميع أن الميليشيات الطائفية تخضع لسلطة إيران لا النظام، وعليه فإنّ استمرار الخروقات يؤكد عدم رضا إيران عنه من جهة، وعدم قدرة روسيا على إدارة الموقف الميداني من جهة ثانية.
وفي حال إفشال الاتفاق من قبل إيران فقد يراجع الروس حساباتهم، وسيدخل الصراع مع الإيرانيين مرحلة متقدمة، وربما يدخل الروس بقوّة أكثر على الأرض، وقد يكون ذلك بدعم أمريكي وخليجي ما دام يجتث الوجود الإيراني. وتبقى تلك مجرد تكهنات يصدقها الواقع أو ينفيها.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.