الرقة تذبح بصمت
ما أشبه اليوم بالأمس، هذا مايقول أهالي منبج على أطلال مدينتهم في إستعارة لأحداث تاريخة جرت قبل 80 عام في مدينة برلين الألمانية التي لاتكاد تفرقها عن منبج اليوم إلا بموقعها الجغرافي والفترة الزمنية، بعد احتلالها من قبل كل جيوش العالم التي جائت “محررة”.
هناك روس وفرس، عرب وأكراد، سنة وشيعة، شيوعيون ومؤمنون، هناك من هناك إلا اهلها، بعد “تحرير” المدينة من اهلها قبل محتليها “داعش” هكذا يبدو المشهد العام للمدينة التي تبدو فيها “حربا عالمية” على النازية الجديدة “داعش” التي جاء كل العالم لمحاربتها كما فعلوا قبل 80 عام في المانيا، قتل الجميع إلا النازية، وقتل الجميع إلا داعش.
تهافت العالم وبدت الدول تتبجح في الحرب على التنظيم الإرهابي وكلُ يقدم مساعدته العسكرية او اللوجيستية او المادية للحصول على إمتيازات دولية تخوله من “الوصاية” المفتوحة لأمد طويل على هذه المنطقة وفق القاعدة الرائجة ” من يحرر يرث” وهكذا تجري الامور وهكذا جرت في سابقها بريف الرقة الشمالي الذي أصبح إقليما كردياً بحكم الأمر الواقع ولا ينقصه إلا الاعتراف الدولي العلني، وكذلك في ريف حلب الشرقي الذي اصبح نصف تركياً نظرا لما تقوم به هذه الدولة من “تتريك” للمدينة في اشارات المرور واللافتات الى اللغة والخدمات العامة وأسماء الشوارع والمدارس والمشافي.
وفي منبج كذلك الأمر إلا أنها اصبحت منطقة متنازع عليها “دوليا” بعد سيطرة ميليشيات حزب الاتحاد الديمقراطي متحديةً بذلك التهديدات التركية التي تأمرهم بالإنسحاب او المواجهة العسكرية، ما أجبر روسيا حليفة “حزب الاتحاد” و تركيا من التدخل بقواتها هو الأمر الذي لم يجدي نفعاً ما أتاح الفرصة للتدخل الامريكي لحماية مصالحها او إن صح القول لمنع تركيا من التقدم غربا لكن بقوات محدودة لاتستطيع كبح الغضب التركي الذي أدى في نهاية المطاف لإدخال “قوات الاسد” من قبل روسيا وجعلها على خط مواجهة مباشر مع “درع الفرات” الأمر الذي أحرج تركيا التي عقدت صفقات خفية وقعت بموجبها على تعهدات وضمانات بعدم المواجهة مع “نظام الاسد” مقابل الحصول على أمتيازات في سورية.
وفي دخول قوات النظام إلى منبج أُتيحت الفرصة لدخول ميليشاته الإيرانية واللبنانية والعراقية وهذا مازاد الأمر تعقيدا للجميع، جميع المتمركزين “بالوكالة” في المنطقة بداية من الميليشيات العراقية والإيرانية واللبنانية، الى قوات النظام السوري وميليشيا وحدات حماية الشعب بالإضافة لفصائل درع الفرات وأستثناء الدول التي دخلت بشكل مباشر كروسيا وتركيا والولايات المتحدة الامريكية، مايجعل الوضع أكثر سوء فلا يمكن لأحد أن يتيخل من سوف “ينسحب” لحساب الأخر وهو في الأعراف الدولية خسارة كبيرة كما حصل في برلين خصوصا والمانيا عموما حين قسمت على العالم أجمع وحين انسحبت القوات الدولية بشكل مباشر تركت خلفها من يسيطر بالوكالة ويؤسس دول وولايات الى 80 عام وهذه المانيا قلب اوروبا وامتداد الأمن القومي الاوربي، فماهو الشأن بخصوص بقعة جغرافية لاتزيد عن 40 كم مربع في دولة منهارة من دول العالم الثالث؟.
الاسئلة كثيرة والأجوبة أكثر، وهذا العالم هو ذاك العالم قبل 80 عام لم يتغير فيه شيء، ومايحصل الآن في مدينة ثانوية في حسابات الحرب على الإرهاب فا ماهو قادم بالنسبة للرقة قد يكون أكثر تعقيدا او أغلى ثمنا لمن يدفع اكثر، فكل الإحتمالات نحو المدينة لايعول عليها والأقرب جغرافيا هو الأبعد سياسياً.