الرقة تذبح بصمت
يبدو أن معركة الرقة أو حتى مصيرها لن يكون مرهونا بسبب تواجد تنظيم داعش فيها و حسب بل وأيضا من أجل تحقيق رغبات أمريكية و روسية لتوسيع نفوذهما في الشرق السوري مستفيدين من حليف كردي بدى مستعدا لتقديم كل شيء من أجل تحقيق مصالحه الانفصالية حتى و لو على حساب الأكراد و السوريين البقية. فماذا سيكون مستقبل الشرق السوري مع كل هذه القواعد العسكرية؟.
نقلت وكالة أسوشيتد برس في بداية الشهر الحالي بأن إدارة ترامب تريد منح وزارة الدفاع مرونة أكبر في اتخاذ قرارات روتينية في مناطق القتال ضد تنظيم داعش و أن القادة الميدانيين كانوا محبطين مما اعتبروه سوء إدارة من قبل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما مما يعني بأن هناك دعما مزيدا و منتظرا من أجل الحرب على الإرهاب بزعامة إدارة ترامب. فيما وردت أنباء أخرى بأن الولايات المتحدة تستعد لإرسال نحو ألف جندي إلى الكويت، كقوة احتياطية يمكن نشرها في المعركة ضد تنظيم داعش في سوريا و العراق إذا لزم الأمر وتوافقت هذه الأنباء مع ما نشرته وزارة الدفاع الأمريكية بأن الجيش الأميركي نشر عددا صغيرا من قواته داخل مدينة منبج السورية و حولها حيث أوضح المتحدث باسم البنتاغون جيف ديفيس أن نشر هذه القوات يأتي ” إشارة واضحة للردع و الطمأنة ” و لضمان عدم مهاجمة الأطراف المختلفة بعضها لبعض وإبقاء التركيز منصبا على قتال داعش.
إن منبج هي المكان الذي أعلنت فيه جميع الأطراف الدولية عن عراكها الواضح وفق مصالح مختلفة و أجندة متباينة كلها لا تتفق إلا باتخاذ الحرب على تنظيم داعش ذريعة كاذبة هناك، لكن بالتأكيد كان الموقف الأغرب من أمريكا والتي شكلت قواتها هناك حائط يمنع اصطدام قوات درع الفرات مع المليشيات الكردية المتحالفة مع النظام السوري. مما يبدو أن أمريكا تريد أن تستفرد بالرقة من خلال حليفها الكردي الذي كان مترددا في وقت سابق من إطلاق عملية غضب الفرات لكنه فيما بعد قبل بالإملاءات الأمريكية و الروسية من أجل خوض هذه المعركة بدعم تحالف عسكري تقوده أمريكا و بتدريب روسي و دعم لوجستي.
لقد حاولت تركيا مرارا إيقاف هذا الدعم لمليشيات ال PKK لكن أمريكا لم توقف ذلك حتى الآن و بدى واضح أنها لا تريده في منبج حيث تخشى من اصطدام حلفاءها الأكراد في منبج مع درع الفرات التركية و لهذا من الواضح أن أمريكا تريد قواعد عسكرية أكبر في المنطقة من خلال اللعب على وتر محاربة تنظيم داعش و دعم مليشيات سوريا الديمقراطية و هذا ما صرح به متحدث عسكري باسم التحالف مؤخرا جون دوريان بأنه تم نشر وحدة مدفعية من مشاة المارينز و نحو أربعمئة جندي آخرين، لينضموا إلى خمسمئة ينتشرون بالفعل في سوريا من قبل و التي ستعمل لدعم قوات سوريا الديمقراطية.
هذه التعزيزات التي أرسلت بها أمريكا جعل المليشيات الكردية تُصرح بأنها قادرة الآن على خوض معركة الرقة خصوصا مع التقدم الذي احرزته في الآونة الأخيرة على حساب تنظيم داعش في أريافها .
رغم الدعم الأمريكي الصريح لها إلا أن ميليشيات سوريا الديمقراطية ما تزال تنسق للروس أيضا حيث أعلنت بأن روسيا بصدد إقامة قاعدة عسكرية شمالي غرب سوريا من أجل تدريب مقاتليها. ونقلت وكالة رويترز عن ريدور خليل المتحدث باسم ميليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، قوله إنه قد أبرم اتفاق مع روسيا، وأن عددا، لم يحدده، من الجنود الروس قد وصلوا برفقة عربات مدرعة إلى عفرين وبدأوا في اتخاذ مواضع لهم فيها. فماذا تريد ميليشيات سوريا الديمقراطية ” الحضن الأمريكي أم الروسي ؟.