الرقة تذبح بصمت
مع تمدد واتساع سيطرة ميليشيات “وحدات حماية الشعب” في محافظتي الرقة ودير الزور بالضفة الشمالية لنهر الفرات “الجزيرة” وسيطرتها على ثلث الرقة حتى الآن وجزء واسع من دير الزور على حساب تنظيم داعش الذي ينسحب، وتراجعت قواه في الآونة الأخيرة الى حد كبير، هناك تمددا آخر واتساع لسيطرة قوات النظام في ريف حلب الشرقي بعد السيطرة الأخيرة على الخفسة وريفها والتقدم نحو مسكنة، كما تشير الوقائع.
هذا الحديث والتوقع يأتي عقب إلتحام قوات النظام بميليشيات “وحدات الحماية” في ريف منبج بعد تسليم العديد من القرى للنظام وذلك لقطع طريق “درع الفرات” نحو مدينة الرقة التي طالما طرحت تركيا خطة للسيطرة عليها وطلبها من الولايات المتحدة الأمريكية التي لم ترد بموافقتها او رفضها حتى اتضحت ملامح خريطة جديدة في ظل انطلاق المرحلة الرابعة لغضب الفرات التي تقودها الوحدات الكردية وتهدف للسيطرة على الرقة، وهذا مايشير الى ضوء اخضر امريكي للوحدات الكردية بالسيطرة على الرقة وآخر روسي لقوات النظام للتقدم إلى مسكنة ومن ثم ريف الرقة الغربي والجنوبي والشرقي من ضفة الفرات الجنوبي “الشامية”.
وهذا الاحتمال الأقرب والأقوى كما تشير الوقائع العسكرية حيث وضعت الرقة بين إحتمالين لا ثالث لهما، إما “الميليشيات الكردية” وهي الأقرب، او “قوات النظام” حيث أن الأمل الأخير في عودة الرقة “للثورة” كان في “درع الفرات” التي أغلقت جميع الطرق في وجهها بعد وضعها في المواجهة مع قوات النظام، وأصبح الحصر بين “الوحدات و النظام” أمر لامفر منه فالطرفان على أبواب مدينة الرقة والأقرب اليها من أي أحد آخر.
إذا ماتمعنا في خريطة السيطرة على المنطقة، نجد أن “الميليشات الكردية” تسير مع نهر الفرات “الجزيرة” في كل مناطق تقدمها ولم تتجاوز النهر اطلاقاً وبإمكانها ذلك في عدة أماكن بكل سهولة كمعدان والمغلات وريف الرقة الشرقي “الشامية” حيث لا رادع لهم ولا مواجهات تذكر مع تنظيم داعش الذي ينسحب دون أي رصاصة تطلق، وفي هذا الأمر يتبين أن لا نواية لـ “الميليشات الكردية” في تجاوز الفرات ولايمكن لأن تستمر هذه الحالة في الاعراف العسكرية التي تجبرهم على تأمين ظهورهم من ضفة الفرات الأخرى، وبذلك هناك بديل منتظر في المستقبل القريب ولا شك أن هذا البديل سيكون قوات نظام الأسد.
بالإضافة لعدم تجاوز “قسد” ضفة الفرات الجنوبية “الشامية” هناك عدة اهداف تجعل قوات النظام تسيطر على منطقة “الشامية” بأكملها، كمطار الطبقة العسكري وسد الفرات الذين يعتبران من أهم وأكبر المواقع الاستراتيجية الروسية في المنطقة كلها، وإستعادتها بمثابة نصر كبير لروسيا التي قامت على بنائها، وسيطرة قوات النظام عليهما، هو بالطبع نصر عسكري للروس ومعنوي أمام العالم كله، ويؤخذ به كوسام شرف في محاربة “الإرهاب”.
إن قسمة النصر على الارهاب في الرقة لا تقبل الرقم 3، فهي أمريكية روسية ولا يمكن دخول أحد ثالث فهما المعنيان بالأمر بشكل مباشر وهذا يتبين من خلال الدعم المبالغ به من قبل امريكا لوحدات حماية الشعب في التقدم السريع الى الرقة التي باتت على أبواب السقوط وأيضا من خلال تقدم قوات النظام الى مواقع لم يتخيل أحد أن يعود اليها النظام وان سيطرته على “سد الفرات ومطار الطبقة” هذا يعني التوغل في البادية وحماية ظهره من اي هجمات محتملة من التنظيم، هذا بالتزامن مع معاركه في تدمر، وآبار النفط التي تعج في المنطقة حتى دير الزور التي يستميت النظام من أجل الحفاظ على ماتبقى منها، وهذا ايضاً إضافة للمؤشرات السابقة التي تؤيد سيطرته على “الشامية” او البادية.
هذا ما قد يمكن أن ينتهي به الحال في الشمال السوري عقب دخول داعش إلى المنطقة التي إستولى عليها بالغدر والخيانة ثم بدأ يسلمها للنظام الذي لم يكن يجرؤ على التفكير بها.