الولايات المتحدة باقية في سورية، الجولان يحرر من طهران، الانشقاقات دليل عافية، هل أنهى حزب الله نفسه أم أنُهي، اجتماع للقسمة وخطوات عملية، السياسة التركية تخبط بالرؤية أم فن الممكن؟.
تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”
الولايات المتحدة باقية في سورية
قائد القوات المركزية الأمريكية الوسطى جوزف فوتيل يقول: إن قوات بلاده ستبقى طويلاً في سورية لضمان الأمن والاستقرار، ومساعدة السوريين على الانتقال السلمي للسلطة.
يعد تصريح المسؤول الأمريكي غريباً لمن لا يعرف خبايا الأمور في سورية، فالتصريح يتنافى تماماً مع سياسة أوباما التي ادعت كذباً الانسحاب من المنطقة، فالقوات الأمريكية التقليدية دخلت لسورية في عهد أوباما، وفي عهد أوباما أُسست القواعد العسكرية في سورية، ويفضح التصريح ما حاولت أمريكا إخفاؤه على مدى سنوات، فـ للولايات المتحدة مشروعها الخاص، ووجدت في القوات الكردية خير من ينفذ هذه السياسة، فالولايات المتحدة كانت قادرة على مساعدة السوريين في الانتقال الديمقراطي لكنها امتنعت ومنعت السوريين من ذلك.
فهي تريد أن تبقى إلى أن يتم نقل السلطة بشكل سلمي، وهذا تصريح مبشر من ناحية، ومحبط من ناحية، فالتصريح يؤكد على انتهاء صلاحية بشار الأسد وضرورة انتقال السلطة، ومحبط من ناحية ضبابية السلطة التي تسعى لها الولايات المتحدة.
الجولان يحرر من طهران
قال هاشم الموسوي المتحدث باسم حركة “النجباء” خلال مؤتمر صحفي من العاصمة الإيرانية طهران: “بعد الانتصارات الأخيرة، شكلنا فيلقا لتحرير الجولان، هذا الفيلق مدرب ولديه خطط دقيقة، ومكون من قوات خاصة، مسلحة بأسلحة استراتيجية ومتطورة، وإذا طلبت الحكومة السورية، فنحن مستعدون إلى جانب حلفائنا لتحرير الجولان”.
يندرج الخبر ضمن البروباغندا الإعلامية لما يسمى “محور المقاومة والممانعة” فلم تقم الحركة ومثيلاتها في سورية إلا بما يخدم إسرائيل فقتلت السوريين، ودمرت مدنهم، ومزقت النسيج الوطني من خلال نشر الفتن الطائفية، والتعصب المذهبي مما يهدد مستقبل السوريين، ويدخلهم في صراعات لا تخدم إلا إسرائيل، وكان لافتاً حديث الموسوي عن جاهزية لوائه لتحرير الجولان متى طلبت الحكومة السورية ذلك. وهنا نطمئن الموسوي ونقول له منذ عام 1967م أي منذ نصف قرن ونظام الأسد الممانع يحرس حدود الجولان، فكيف تريد منه أن يفرط بهذا الإرث ويطالب بالجولان، فالمطالبة بالجولان اقتصرت على الكلام فقط، لكن أفعال النظام كانت تصم آذان إسرائيل عن أقوال النظام.
وكان لافتاً أيضاً حديثه عن التغيير الديمغرافي والذي يثبت كسابقه أن أقوالهم خلاف أفعالهم، فنفى الموسوي السعي لتغيير ديمغرافي متجاهلاً تغير الخارطة الديمغرافية لسورية، ومتناسياً ما حلّ بالقصير وحمص ودمشق، كما أنّ تحرير الجولان لا يكون من طهران، ولا يكون في حلب وريف دمشق ودير الزور، فموضع الجولان معروف لكن بوصلتهم الطائفية تعرف كل الطرق إلا إسرائيل.
إن هذه الخطابات تندرج في إطار حملات التعبئة الشعبية، وتضليل الشيعة البسطاء من خلال تصوير الثوار على أنهم إرهابيون يخدمون المشروع الصهيوني.
الانشقاقات دليل عافية
-درع الفرات: انشقاق خمس عناصر من قوات النظام بالقرب من مدينة الباب وتسليم أنفسهم لقوات الجيش السوري الحر.
للخبر مؤشرات ودلائل عدة، أبرزها:
– استمرار الرفض الشعبي لنظام الأسد، فما زالت الغالبية الساحقة ترفض الانخراط في جيشه، ومن يمتلك الإرادة يتحين الفرصة للخروج من عباءة الاستبداد.
– الثورة لم تهزم، ولن تهزم، فالثورة فكرة تقوم على رفض الظلم، والرفض في الثورة السورية له مظاهر متعددة منها الانشقاق عن جيش الأسد، وهذا سبب رئيس لهجرة معظم الشباب السوري من المناطق الواقعة تحت سيطرة النظام، فهم غير مستعدين أن يكونوا شركاء في الجرائم.
– أثبتت الانشقاقات أن النظام السوري لا يمثل السوريين، فهو نظام مافيوي طائفي، حيث انحاز الغالبية لخيار الوطن مما دفع النظام لاستئجار مرتزقة طائفيين، والاستعانة بحثالة المجتمع لمحاربة الثورة.
– الانشقاق كان سلاحاً فعالاً إذ سحب الشرعية من النظام وأثبتها للثورة.
– استمرار الانشقاقات تؤشر على استحالة بقاء النظام،فالمرتزقة والغزاة لا يستطيعون حماية النظام إلى ما لا نهاية.
– ازدياد أعداد المنشقين مؤخراً يرجع للسياسة الحمقاء التي يتبعها النظام في تجنيد الشباب فالنظام يسوق شباباً على مشارف الأربعين من العمر لتغطية النقص، مما يؤشر على إفلاسه.
– استمرار الانشقاق يثبت فشل البروباغندا الإعلامية للنظام السوري.
– استمرار الانشقاقات دليل على عافية الوطن، وحس الانتماء الوطني، فرغم التقدم العسكري الذي يحققه النظام تستمر الانشقاقات، وهذا دليل صارخ على نجاح الثورة التي أخرجت الشعب من الانتماء للفرد وتقديسه إلى الانتماء للوطن والعمل على بنائه، ورفض المشاركة في هدمه، وقتل أهله.
هل أنهى حزب الله نفسه أم أنُهي
مصدر مقرب من نتنياهو: موسكو تسمح لنا بالتحرك بالمجال الجوي السوري ضد حزب الله.
والكرملين يفنّد: لا صحة للتصريحات عن موافقة روسيا على عمليات إسرائيلية ضد حزب الله بسورية.
تثبت الوقائع صدق الإسرائيليين وكذب الروس، فقد قصفت إسرائيل أكثر من عشر مرات خلال الثورة مواقع في سورية وغالباً ما كانت تخص حزب الله دون أن تلقى أية مقاومة من المنظومة الدفاعية الروسية المتطورة، ولكن لماذا يصرح الإسرائيليون بتلك الحقيقة الآن؟
المرحلة القادمة مقبلة على إنهاء وجود حزب الله بداية، والوجود الإيراني ثانياً، وذلك كان بنداً رئيساً في زيارة نتنياهو لموسكو، وتلعب إسرائيل همزة الوصل بين أمريكا وروسيا.
أدى حزب الله المهمة على أكمل وجه من خلال منع سقوط النظام السوري، والمساهمة في تدمير سورية، فبدد مخاوف إسرائيل من أية حكومة قد تأتي بعد الأسد، كما أسعد إسرائيل نفسها من خلال تدمير الحزب حيث قتل قادة كبار للحزب في المكان الخطأ ناهيك عن الأفراد، والاستنزاف المادي، والتململ الشعبي في الشارع الشيعي، وبالتالي يتوقع قريباً زيادة الغارات الإسرائيلية الهادفة مع الروس إخراج الميليشيات الطائفية المرتبطة بإيران من سورية، وهذا مطلب أمريكي من روسيا التي ستجتهد في تنفيذه للتقارب من أمريكا من جهة، ولكي يسمح لها أخذ الكعكة السورية وحدها.
لقد أخطأ الحزب عندما بداية عندما راهن على النظام دون الشعب رغم علمه أن النظام حامي حدود إسرائيل، ورغم علمه وطنية السوريين، ودور الأسدين في منع السوريين من تحرير الجولان وما بعد الجولان. لكنها النظرة الطائفية القاصرة التي أعمت الحزب، وجعلته أسيراً للمشروع الفارسي.
أيتفق الروس والأتراك؟
بوتين: نسعى مع تركيا لإطالة فترة الهدنة في سوريا ونتطلع لحلول جذرية للأزمة السورية.
لا شك أن العلاقات التركية الروسية عادت أقوى مما كانت قبل حادثة إسقاط الطائرة الروسية، ولم يعد التعاون مقتصراً على الجانب الاقتصادي إذ بات تعاوناً أمنياً عسكرياً انعكست نتائجه على الأرض من خلال خطوات عدة منها تأمين خروج الثوار من حلب، وإكمال السيطرة على الباب، وتوّج التعاون بمباحثات أنقرة التي مهدت لمحادثات أستانة، ومن هنا ينبغي فهم كلمة “حلول جذرية للأزمة السورية” فثمة طبخة روسية تركية بموافقة أمريكية للوضع السوري، ويبدو أن مهمة السوريين الأكل من هذه الطبخة دون إبداء الرأي.
ولا شك أن الطبخة لا تصب في صالح إيران، فالولايات المتحدة طلبت من روسيا وضع حد للنفوذ الإيراني في سورية، ولا شك أن روسيا لن تحد من النفوذ الإيراني مجاناً، فهناك مكاسب كثيرة ستجنيها، وتستشعر إيران الخطر لكنها بلا حيلة، فهي لا تستطيع بمفردها حماية النظام السوري، ويبقى السؤال: أيكون الحل الجذري ببقاء الأسد ؟!
الإجابة عن هذا السؤال تؤكد أن الطبخة أكبر من الأسد والمعارضة وإيران، طبخة الحل الجذري يبدو أنها لا ترضي بالضرورة السوريين.
اجتماع للقسمة، وخطوات عملية
– اجتماع لرؤساء أركان تركيا وروسيا وأمريكا في أنطاليا يبحث ملفي سورية والعراق.
– نشر نحو 400 جندي أميركي وبطارية مدفعية في سورية خلال الأيام الماضية.
أخذت الأزمة السورية مسارات بعيدة لم تخطر في بال السوريين، فكل ما أراده السوريون التخلص من نظام الاستبداد، والتطلع لنظام ديمقراطي لكنهم يتفاجؤون اليوم ببلد مزق تنهشه الأطماع وتذبحه الصراعات بدءاً من إيران والميليشيات الطائفية مروراً بداعش وأخواتها من قوات كردية انفصالية، وليس انتهاء بالولايات المتحدة وروسيا وتركيا وغيرهن كثير، والكل يتخذ من الإرهاب مبرراً وشماعة لوجوده، وللأسف فإن الكل يبدو حريصاً على بقاء رأس الإرهاب ومنبعه (نظام الأسد) فهو الذي يمنحهم الشرعية، وزواله يسقط أوراق التوت، وبدا واضحاً أنّ الجميع تناسى أصل المشكلة، ومضى باحثاً عن حصته في الكعكة السورية، فأمريكا وروسيا وتركيا وإيران بنوا قواعد عسكرية، ويخططون للبقاء طويلاً في سورية.
السياسة التركية تخبط بالرؤية أم فن الممكن؟
وزير الخارجية التركي: سنضرب وحدات حماية الشعب الكردية إن بقيت في مدينة منبج.
يتنافى تصريح الخارجية التركية تماماً مع ما صدر عنها قبل أيام بأن أي تحرك نحو منبج لن يكون إلا بالتنسيق مع الروس والأمريكان. وسبق ذلك تصريح رئيس الوزراء يلدريم حول وجود قوات لنظام الأسد في منبج وهو تصريح يتناقض تماماً مع المواقف التركية من نظام الأسد خلال عمر الثورة السورية.
فهل ما يصدر عن الأتراك استسلام لإرادة القوتين الدوليتين (الولايات المتحدة، روسيا) أم مراوغة تركية للحصول على أكبر قدر من المكاسب؟.
عاشت الحكومة التركية لحظات صعبة ما زالت ارتداداتها للآن نتيجة الوضعين الداخلي والخارجي، فشبح محاولة الانقلاب ما زالت آثاره تصبغ السياسة الخارجية، وقد وجدت الحكومة التركية أن قوّة تأثيرها محدودة في الملف السوري، وتتناقص يوماً بعد آخر رغم عملية “درع الفرات” فقد وضح تأثير اللاعبين الكبيرين وتأثيرهما، ولكن في الوقت عينِه لا تستطيع تركيا تجاهل ما يحصل على حدودها الجنوبية الشرقية لما له من ارتدادات خطيرة على الأمن القومي التركي، لذلك تبدو تركيا مضطرة لتقديم تنازلات معينة حفاظاً على أمنها القومي، وهذا ما يفسر اضطراب الموقف التركي إذ تعيش الحكومة بين الرغبات المكبلة وبين الواقع الممكن، فهي لا تستطيع التحرك في سورية إلا ضمن الهوامش التي يتركها الآخران، ولاسيما أنها تعيش أسوأ علاقات مع الغرب الأوربي.
ولاشكّ أنّ سياسة اللاقرار أضعفت تركيا، وجعلتها تتحول من فاعل مؤثر في الوضع السوري إلى مفعول به.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.