الرقة تذبح بصمت
فتحت سيطرة قوات درع الفرات على مدينة الباب من تنظيم داعش الإرهابي مؤخرا مرحلة جديدة من الصراع العسكري في مناطق الشمال السوري خصوصا بعد قيام مليشيات سوريا الديمقراطية بتسليم مناطق في مدينة منبج لقوات النظام السوري و التي كانت مقصد قوات درع الفرات بعد مدينة الباب كي تكون قاعدتها الجديدة ما قبل افتتاح معركة الرقة التي تحدثت عنها تركيا في وقت سابق.
و تأتي التطورات الأخيرة بالتزامن مع سيطرت الجيش الحر المدعوم من تركيا على قرى جديدة حول مدينة الباب بعد معارك مع مليشيات سوريا الديمقراطية حيث جاء تقدم قوات درع الفرات بعد تصريحات من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تريد العمل مع حلفائها لاستعادة مدينة الرقة دون مشاركة القوات الكردية السورية، مشيرا إلى أن الجيش الحر سيتحرك صوب منبج بعد إكمال عمليته في الباب. و قد هددت تركيا بضرب وحدات مليشيات وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة أميركيا إذا لم تنسحب من مدينة منبج في ريف حلب الشرقي.
النزاع حول مدينة منبج
تشكل مدينة منبج شمال سوريا في الوقت الراهن محطة أساسية في النزاع العسكري الذي يجري في الشمال السوري بين عدة أطراف عسكرية و هي قوات النظام و ميليشيات سوريا الديمقراطية المتحالفان ضد قوات درع الفرات. و كانت مدينة منبج تقع تحت سيطرت ميليشيات سوريا الديمقراطية لكن مجلس منبج العسكري الذي يشكل واجهة عسكرية لهذه القوات و تدعمه أمريكا أعلن يوم الخميس الماضي بأنه توصل لاتفاق مع الروس بخصوص تسليم القرى الغربية في ريف المدينة الواقعة على خط التماس مع قوات عملية “درع الفرات” إلى حرس الحدود التابع للنظام السوري و التي ستقوم بمهام حماية الخط الفاصل بين قوات مجلس منبج العسكري و مناطق سيطرة الجيش التركي و درع الفرات. و يعتبر المجلس العسكري لمدينة منبج وريفها هو واجهة لـ ميليشيات سوريا الديموقراطية التي تشكل وحدات حماية الشعب عمودها الأساسي. مما سيؤدي ذلك إلى احتمالية اصطدام قوات درع الفرات مع قوات النظام السوري المدعومة من روسيا.
و لم تكن هذه المرة الأولى التي تقوم بيها ميليشيات قسد بتسليم مناطق للنظام السوري لكن منبج تشكل الآن ذروة التصارع العسكري و فق تحالفات مختلفة ما قبل معركة الرقة مما سيرسم أبعادا جديدة بخصوص التحالفات الدولية في هذه المنطقة خصوصا بما يتعلق حول تحرير مدينة الرقة.
علم النظام و روسيا يرفرفان في منبج
وبعد تسليم ميليشيات قسد القسم الجنوبي الغربي من مدينة منبج لقوات النظام أجبرت هذه المليشيات أهالي مدينة منبج على رفع علم النظام السوري فوق مبانيها الأمر الذي استنكره الأهالي و اصروا على انزال علم النظام. و في سياق أخر أقدم المجلس العسكري لمدينة منبج التابع لميليشيات قسد على رفع العلم الروسي في مناطق سيطرته بريف منبج الغربي إلى جانب رايته لكن المجلس العسكري التابع لقوات قسد في المدينة نفى في بيان له بأنه لن يسلم المدينة بشكل كامل للنظام وأنه سيبقى الحاكم الفعلي لمنبج تحت حماية قوات التحالف وإن الاتفاق الدولي الذي حصل بخصوص قوات النظام يشمل فقط شمال غرب العريمة وجنوب الخفسة.
إن الأحداث الأخيرة في مدينة منبج تسلط الضوء مجددا على تعاون ميليشيات سوريا الديمقراطية مع قوات النظام بالتحالف مع أمريكا و روسيا حيث يعتبر تسليم مناطق للنظام السوري في منبج محاولة لتشكيل خط دفاع جديد لهذه القوى خوفا من تقدم قوات درع الفرات باتجاه مدينة الرقة و ردا على تهديدات تركيا بضرب وحدات حماية الشعب الكردية إذا لم تنسحب من مبنج و التي تريد تطهيرها من هذه القوات و تنظيم داعش و من ثم تسليمها لقوات درع الفرات ضمن خطة تركية تعمل من خلالها على إنشاء مناطق أمنة في شمال سوريا بحسب تصريحات تركية متكررة بخصوص ذلك.