الرقة تذبح بصمت
الخوف على الأعراض في المرتبة الأولى والفقر والعوز في المرتبة الثانية وولاء البعض لتنظيم داعش في المرتبة الثالثة، أمورٌ دفعت بأهالي الرقة إلى تزويج بناتهم من عناصر التنظيم، الذي راح يغرق الأهالي بالأموال والمعونات الشهرية، فكانت النتائج مختلفة لردة فعل كثير من الفتيات، ومنها الانتحار، ولعل قصة الطالبة الجامعية فاطمة العبو -٢٢ عاماً- من قرية السحلبية، والتي رفضت قرار ذويها بتزويجها من مقاتل تونسي، فتجرعت السم منتحرة، مما أثار موجة غضب بين أهالي الرقة الذين أعلنوا تضامنهم آنذاك مع موقف الفتاة التي آثرت الحفاظ على شرفها على الزواج من داعشي.
ونذكر حادثة أخرى لفتاة زوجها والدها الذي روى لنا القصة، مبدياً ندمه على المصير الذي أودى بابنته إليه، فيقول: “نتيجة الفقر والعوز، لم أعد قادراً على سد احتياجات عائلتي من مأكل وملبس وذلك نتيجة ارتفاع الأسعار في الرقة، فعرض علي أحد مقاتلي داعش مهراً مرتفعاً، مقابل تزويجه ابنتي، فما كان مني إلا الموافقة على ذلك رغم رفض ابنتي وزوجتي للأمر، لقد وافقت على قرار إعدامها بيد عناصر التنظيم، إذ أقدمت ليلة زواجها على قتل زوجها بحربة البارودة التي كانت بحوزته، ونتيجة إرتباكها وخوفها قامت بتسليم نفسها للتنظيم الذي أقام عليها حد القصاص بالقتل”.
أما هديل الفتاة العشرينية، قالت للـ “الرقة تذبح بصمت” متحدثة عن قصتها: “أنا من أوصلت نفسي إلى ذلك، فبعد اقناعي من قبل العناصر النسائية في كتيبة الخنساء بالزواج من مقاتل كندي، ليقدمن عروض المال والذهب، وما كان من زوجي الكندي إلا الانشقاق عن التنظيم بعد عام ونصف من زواجنا والفرار إلى خارج سوريا، تاركاً إياي وطفلي وجنين في أحشائي، ليقوم التنظيم بعد ذلك بقطع الراتب الذي كان مخصصاً لنا، ولم يبق لي معيلٌ إلا أهلي رغم وضعهم الإقتصادي المتردي”.
ولم تكن بشرى أفضل حالاً من سابقاتها فتحدثنا: بأن أخوها الذي التحق بالتتظيم قام بتزويجها من داعشي من أبناء الرقة، والذي لقي حتفه في مدينة عين العرب نتيجة قصف التحالف الدولي عندما كانت حاملا بالشهر السابع، ليقوم أخوها بتزويجها بعد وضع طفلها من عنصر آخر من داعش، وبتنهيدة متحسرة تقول: أشعر بنفسي وكأني متاع موروث.