الباب خارج سيطرة داعش، هل نشهد مواجهة إيرانية تركية؟، تمويل المنطقة الآمنة، ماكين في عين العرب. لماذا؟!، جنيف 4.
تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”
الباب خارج سيطرة داعش
سيطرت قوات “درع الفرات” المدعومة على مدينة الباب بالكامل.
يذكر هنا أنّ السيطرة شملت إضافة للباب بلدتي بزاعة وقباسين، ويجري العمل على مدينة تادف جنوب الباب، وتقدم الثوار في تادف يدحض مزاعم الروس والنظام السوري حول السيطرة على المدينة المذكورة قبل أيام، وجاءت السيطرة على المدينة بعد معارك وصفت بالشرسة إذ استبسل تنظيم داعش بالدفاع عن المدينة لآخر لحظة مما تسبب بإلحاق دمار كبير بالمدينة التي أُنهكت قبل عملية درع الفرات ببراميل النظام وصواريخه.
وتعد السيطرة على مدينة الباب نقطة مفصلية ثانية بعد السيطرة على مدينة جرابلس، وتفتح الباب للمضي قدماً نحو النقطة الثالثة المتمثلة بمعركة الرقة، ففي حال تم الاتفاق مع الأمريكان على دخول الأتراك وقوات درع الفرات للرقة فإن خروج الأكراد من منبج تحصيل حاصل، وينبغي على قوات درع الفرات لفرض الأمر الواقع على الجميع التوجه شرقاً لا التقوقع داخل مدينة الباب أو التوجه لمنبج. فالنظام السوري يسابق الزمن للسيطرة على المناطق الشرقية ليفرض نفسه لاعباً أساسياً في الحرب على الإرهاب.
ولعل ما يميز قوات درع الفرات عن غيرها يتمثل بالحفاظ على التركيبية الديمغرافية للسكان من جهة، وتأمين عودة الأهالي لبيوتهم من جهة أخرى خلافاً لقوات النظام والقوات الكردية اللتين تمارسان عمليات تهجير، وتغيير ديمغرافي ممنهجة، فمعظم المناطق التي سيطر عليها النظام والكرد في أرياف حلب مهجورة إذ يمنع أهلها من العودة من جهة كحال تل رفعت أو يتخوف السكان من الرجوع لها في ظل سيطرتهما.
ولا تكمن معركة السيطرة على الباب بوضع بداية النهاية لداعش في ريف حلب وحسب بل في كشف جزء كبير من مستقبل الحل في سورية، فسوف يتضح قريباً الموقف الأمريكي من معركة الرقة بداية، ومستقبل الحل ثانياً، وبناء على هذا الموقف سترسم بقية الدول المؤثرة في الملف السوري سياستها.
لواء الأقصى يلحق بركب الدواعش
أبرمت هيئة تحرير الشام اتفاقاً مع لواء الأقصى يقضي بخروج مقاتلي اللواء من ريفي إدلب وحماة إلى الرقة معقل داعش.
أصدرت هيئة تحرير الشام بياناً وصفت فيه جماعة لواء الأقصى بـ”الخوارج” وتحدث البيان عن إجرام اللواء، وغلوه، وكشف الواقع عن صدقية البيان فقد ارتكب اللواء مجزرة بحق أكثر من 140 مقاتلاً من الجيش الحز قبل خروجهم “أذلاء ضعفاء” كما وصفهم البيان، وأعادتنا أحداث جند الأقصى لأحداث داعش بداية 2014م فما زالت خناجر الغدر تطعن الثورة السورية مستغلة حالة الانقسام والتشرذم في صفوف الثوار، وغياب خط ونهج واضح ينبغي إلزام الجميع به.
يذكر هنا أن جند الأقصى لم يكن يخفي فكره الداعشي، بل ممارساته الداعشية بخطف الثوار، وعمليات الاغتيال مما دفع حركة أحرار الشام وغيرها من الفصائل لشن حملة لاستئصال الفصيل المذكور، لكنّ جبهة فتح الشام حينها قبلت بيعة صورية للواء الأقصى. بيعة أمّنت له الحماية، حيث توقفت الحركة خشيت الدخول في صراع دموي مع جبهة فتح الشام يكون وبالاً على الثورة.
ويبدو غريباً أن “جبهة فتح الشام” التي حمت جند الأقصى كان لها الدور الأبرز في اجتثاث اللواء بعد تشكيل هيئة تحرير الشام، فقد كفّر “لواء الأقصى” قادة النصرة، ولم تنفع المناظرات في ثني الجند عن منهجهم المنحرف الضال، وينبغي أن تستفيد الثورة من درسي داعش والأقصى، أي ينبغي على الجميع الضرب بيد من حديد على كل فصيل يخرج عن خط الثورة قبل أن يشتد ساعده، ويقوى عوده، فعدد جند الأقصى كان أقل من مئتي مقاتل قبل عامين ليصبح عشرة أضعاف ذلك عند اجتثاثه.
هل نشهد مواجهة إيرانية تركية؟
الرئاسة التركية: لا يمكن غض النظر عن جهود إيران للحصول على نفوذ خارج حدودها، لا نريد تصعيد الموقف مع إيران لكن عليها أن تعيد حساباتها.
رغم حجم التبادل التجاري بين البلدين، والعلاقات الاقتصادية الكبيرة، وتبادل الزيارات على أعلى المستويات فإن ذلك كله لا ينفي وجود صراع خفي بين الطرفين، وقد أخذ هذا الصراع الخفي يطفو للسطح بعد التقارب الروسي التركي لإدراك إيران أن ذلك سيكون على حسابها، فقد حاولت إيران عرقلة الاتفاق الروسي التركي في حلب، واستهدفت ميليشياتها في ريف الباب قوات درع الفرات في قرية أبو الزندين. والهدف ضرب الخطط الروسية التركية المشتركة.
وللصراع التركي الإيراني عمق تاريخي يعود لخمسة قرون عندما وضع العثمانيون حداً لسيطرة الصفويين على المشرق العربي، ويعيد التاريخ نفسه إذ هناك صراع على المشرق العربي، وقد نجحت إيران بالسيطرة على العراق دون استقرار الأمر، وتسعى للأمر ذاته في سورية، وهذا ما ترفضه تركيا باعتباره تهديداً لأمنها القومي، فالرئاسة التركية في تصريحها تريد القول بأننا حاضرون ولن نسمح بذلك، وتبدو حظوظ تركيا جيدة في وضع حد لإيران عقب وصول ترمب الحاقد على إيران، والراغب بعلاقات طيبة مع تركيا، وهذا سيدفع الروس لتعزيز قنوات التواصل مع تركيا على حساب إيران.
ولن تسلم إيران بسهولة للواقع الجديد، ومن هنا يفهم كلام وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف عندما يقول: سياسات تركيا الخاطئة في الماضي هي التي تدفعها لتحميل الآخرين مسؤولية فشلها، ويتوقع أن يزداد التصعيد السياسي، ومنسوب التصريحات العدائية في حال وضوح رؤية ترمب للوضع السوري، واتفاق روسيا وتركيا على طبيعة الحل في سورية.
ماكين في عين العرب. لماذا؟!
زار السيناتور الأمريكي جون ماكين مدينة عين العرب. والتقى قادة أمريكيين، وقادة أكراد.
يذكر أن جون ماكين يشغل منصب عضو لجنة الخدمات العسكرية، ويعد من الصقور، ودعا أوباما سابقاً للتدخل عسكرياً، ودعم المعارضة السورية، كما زار سورية عام 2013م والتقى قادة في الجيش الحر.
وتأتي زيارة ماكين عقب زيارته لتركيا ولقائه بالمسؤولين الأتراك وعلى رأسهم الرئيس التركي، حيث تصر تركيا على مشاركتها في عملية تحرير الرقة، واستبعاد الأكراد باعتبارهم يتبعون لتنظيم إرهابي من جهة، وللرفض الشعبي لهم من جهة ثانية باعتبار الرقة مدينة عربية خالصة.
وزيارة ماكين لعين العرب بعد لقاء أردوغان وغياب تصريحات للسيناتور الأمريكي بخصوص زيارتيه تركت كثيراً من التكهنات، فالإدارة الأمريكية في موقف لا تحسد عليه، إذ جعل أوباما من الكرد لاعباً أساسياً في الحرب ضد داعش، وأنشأ قواعد أمريكية في مناطق سيطرة الكرد، وقدم لهم دعماً عسكرياً وسياسياً، وبالتالي تجد إدارة ترمب حيرة بالتعامل مع هذا الوضع، فترمب مستعجل بالقضاء على داعش، ويريد في الوقت عينه إعادة بناء علاقات قوية مع تركيا، لذلك تجهد بالتوفيق بين الأتراك والكرد من أجل معركة الرقة، فالولايات المتحدة تدرك صعوبة نجاح معركة الرقة من خلال الكرد وحدهم.
وهذا يرجح أن يكون الهدف من زيارة ماكين رسم خارطة وسط بين الطرفين بحيث تنسحب القوات الكردية من مدينة منبج وغيرها إلى شرق نهر الفرات مقابل السماح لهم المشاركة بمعركة الرقة بشكل محدود على أن تسلم المدينة لاحقاً لسكانها، وبالتالي تدخل الرقة ضمن المنطقة الآمنة، ويضمن الأمريكان للكرد عدم امتداد العمليات العسكرية لمناطقهم.
ولا يستطيع الكرد حقيقة رفض العرض الأمريكي المتوقف على قبول الجانب التركي به. إذ يتخذ الأتراك موقفاً متصلباً من أي مشاركة للكرد إذ يقولون لا يجوز الاستعانة بالإرهابيين للقضاء على إرهابيين، وقوي الموقف التركي عقب سيطرة قوات درع الفرات على مدينة الباب، فأثبت الأتراك من خلال عملية درع الفرات فاعليتهم بالحرب على الإرهاب، فهل تنجح المساعي الأمريكية وتبدأ معركة الرقة قريباً، أم تؤجل لحين.
السيادة الوطنية مُصانة؟!
الطيران العراقي ينفذ غارات جوية في الأراضي السورية، والنظام يدعي التنسيق معه.
أعلن رئيس وزراء العراقي حيدر العبادي عن تنفيذ قواته غارات جوية على منطقة الحصيبة ومدينة البوكمال التابعتين لمحافظة دير الزور، ولم يذكر العبادي شيئاً عن وجود تنسيق ما مع الجانب السوري.
وتأتي الغارات العراقية بعد أيام من غارات إسرائيلية، وقبلها بأيام غارات للأردن على مواقع لداعش ناهيك عم الطيران التركي الداعم لعملية الفرات وطيران التحالف الدولي الذي يضم دولاً عدة، طبعاً ولا يغيب هنا الروس حلفاء النظام، فقد أصبحت السماء والأرض السورية مباحتين للقاصي والداني في ظل نظام المقاومة والممانعة، ولا بأس أن يرتكبوا مجازر بحق السوريين كحال الطيران الروسي الذي ارتكب عشرات المجازر ودمر حلب وتدمر وغيرهما، وطيران التحالف الذي ارتكب مجزرة توخار وغيرها كثير.
بعد كل هذا يتشدق النظام السوري بالسيادة الوطنية في إعلامه والمحافل الدولية فكان أشبه بعاهرة تدعي الطهر والعفاف وتحاضر بهما.
وبالعودة للغارات العراقية التي ادعى النظام كذباً تنسيق العراق معه بخصوصها، إذ تقتضي الأعراف الدولية أن يكون الإعلان من الجانب السوري أولاً.
وتحمل الغارات العراقية دلالات ورسائل سياسية تماماً كالغارات الأردنية التي تمهد لمنطقة آمنة. فالعبادي والأسد يتبعان للسيد الإيراني أي قد تكون هذه الغارات مؤشراً على قرب دخول الميليشيات الطائفية لسورية بدعوى محاربة الإرهاب، وربما يحدث ذلك عقب انتهاء عملية الموصل. وستدعي حكومة الأسد أن ذلك تم بالتنسيق معها لا لشيء فقط للحفاظ على السيادة الوطنية.
تمويل المنطقة الآمنة
المتحدث باسم البيت الأبيض: ستظهر مستجدات إضافية حول مسألة تمويل المناطق الآمنة في سورية، ومعظم قادة الحكومات سجلوا التزامهم بالإسهام في تمويل هذه المناطق.
يبدو أن المنطقة الآمنة تسير بخطًى سريعة، وما هي إلا مسألة وقت، وخلافاً لما يعتقده كثيرون فإن المنطقة الآمنة لا تحتاج لمصاريف كبيرة جداً من حيث المتطلبات العسكرية، فبمجرد إعلانها لن يجرؤ النظام السوري وحلفاؤه على مهاجمتها لأنهم أجبن من القدرة على مواجهة أمريكا، وتطرح المنطقة الآمنة أمرين مهمين أحدهما جديد والآخر قديم، فيبدو أن إدارة ترمب تجري اتصالات مع الحلفاء في المنطقة لرسم خارطة جديدة لسياساتها تجاه الملف السوري تختلف عن إدارة أوباما، ويستشف من الارتياح التركي السعودي أن الأمور تسير لصالح السوريين، وبما لا يرضي إيران.
وتكشف المنطقة الآمنة في حال تطبيقها أن أوباما لم يسع يوماً ما لحل حقيقي للأزمة السورية، ولم يحرص يوماً على إنقاذ السوريين، ولم ينظر لما يحدث فيها من منظار إنساني ألبتة.
وتمويل المنطقة الآمنة من قبل الخليج وتركيا سيجعل لهم كلمة مسموعة، وسيعيدهم بقوة للملف السوري. ولكن يبقى الأسئلة الكبيرة بلا إجابة؛ هل ستنهي المنطقة الآمنة مأساة السوريين؟ وهل ستكون بداية لحل الأزمة أم ستدخلها في مرحلة تأزيم؟ وهل خرج السوريون لمنطقة آمنة صغيرة أم خرجوا لتكون سورية كلها آمنة؟.
جنيف 4
بدأت الخميس الماضي الجولة الرابعة من المفاوضات في جنيف 4 حول الأزمة السورية.
لا يمكن وصف ما جرى في جنيف 4 بالمفاوضات، ولا حتى بالمشاورات. فقد غابت القوى الدولية الفاعلة في الأزمة السورية عن المؤتمر مما يعني عدم وجود رغبة دولية في إيجاد حل سياسي للأزمة السورية على الأقل في الوقت الراهن، فالغموض يكتنف الموقف الأمريكي الجديد حول آلية الحل، ومآلات الصراع.
وأدى غياب الولايات المتحدة لتحييد مواقف الدول الداعمة للثورة، مما سمح للروس بتسيير المؤتمر وفق هواهم تمهيداً لحل يناسبهم.
فقد أدت الضغوط الروسية لجلوس أطراف موالية للنظام السوري في منصة المعارضة، وما يؤسف له أن المعارضة الممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات رضيت بجلوس منصتي موسكو والرياض باعتبارهما منصات معارضة للنظام السوري، وما يؤسف له أنها رضيت بذلك بناء على وعود “وهمية” من دي ميستورا، فالمعارضة تدرك جيداً أن وعود دي ميستورا لا وزن ولا قيمة لها، وليس بموقف القادر على تنفيذ وعده حتى لو كان صادقاً في وعده.
والخطأ الثاني تمثل بإجرائها مفاوضات مع وفد القاهرة لضمه لوفد الهيئة العليا بالمفاوضات رغم علم الهيئة أكثر من غيرها أن المنصتين يمثلان الوجه الخلفي للنظام السوري. فمجرد قبول الهيئة العليا للمفاوضات بالأمرين يشكك بمصداقيتها كمعارضة أولاً، وقدرتها على الدفاع عن مواقف الثورة ثانياً، فالثورة لم تقم من أجل أن يجلس “قدري جميل والمقدسي” الموالين للنظام حتى النخاع في صفوف المعارضة، فما هذه المعارضة التي تصر على بقاء الأسد، وتصفق وتمجد العدوان الروسي على السوريين.
ويهدف الروس من إدراج منصتي موسكو والقاهرة القول أنّ المعارضة مشتتة، وليس لها رأي واحد حول مستقبل الحل، وبالتالي فالمعارضة السورية إما إرهابية وإما مائعة، وبالتالي فإن الانتقال السياسي يستلزم بقاء الأسد لمحاربة الإرهاب، ولا بأس بإعادة صياغة الدستور وإجراء انتخابات صورية.
وتتحمل المعارضة السورية ممثلة بالهيئة العليا للمفاوضات جزءاً كبيراً مما يخطط له الروس سواء في أستانة أو جنيف. فالمعارضة الوطنية لا تخضع للضغوط بعد كل هذه التضحيات، ولا تساوم على الثوابت.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.