الرقة تذبح بصمت
منذ بداية الثورة السورية قبل ست سنوات والنظام السوري يطلق شعارات رنانة تنبذ الطائفيه وتدعوا الى “الفسيفساء” السورية ليبرر حربه على الشعب السوري الذي لم يعرف الطائفية إلا من بعد إستلامه السلطة وتكريس حكم العائلة والطائفة العلوية التي تتحكم بمفاصل البلاد الحيوية والامنية. وكذلك خلفاء الأسد على نهجه ماضون بهذه الشعارات لكن بشكل مختلف ولغة مختلفة جاءت من خلف الحدود، جعلتهم محط سخرية عند أبناء المنطقة.
العيش المشترك هو أحد الشعارات التي تطلقها مايسمى الإدارة الذاتية وميليشياتها المسلحة بغية إقناع أهل المناطق التي يستولون عليها بقوة السلاح على أنهم شركاء في التاريخ والجغرافية التي وضعتها الأنظمة الديكتاتورية، لكن البنية الديمغرافية واللغة ماذا عنها؟ كما يتسأل أهالي المناطق الذين يقبعون تحت سلطة أصحاب شعارات “العيش المشترك”!!.
في العام الأخير وبعد توسع المساحة التي تسيطر عليها عصابات “وحدات حماية الشعب” كان قبل كل عملية سيطرة او معركة هناك بيان بدء او سيطرة يتمضن مباركات من أهالي المنطقة وشيوخها وقبائلها وعشائرها وسط ترحيب حار من الوجهاء واصحاب الكلمة العلية.
قبل مايقارب ثلاثة أشهر نشرت “وحدات الحماية” بيان تؤكد فيها سيطرتها على عدد من المناطق في ريف الرقة الغربي حيث قالت فيه أن شيوخ قبائل “الوزة” كانوا على مقدمة الأهالي الذين رحبوا بدخولهم مضيفة عليه “البيان” مقتطفات من كلمات هؤلاء الشيوخ.
قبيلة “الوزة” التي رحبت بدعاة العيش المشترك كما يدّعي البيان لا وجود لها في المنطقة ولا أي منطقة أخرى على ظهر هذا الكوكب لكنها تعيش وتتكاثر في بيانات الإحتلال المشترك! كيف لمن يحملون هذه الشعارات حاملين معهم التاريخ على هذه الأرض قائلين أن الأنظمة الديكتاتورية هي من فرقت بينهم أن يجهلوا أسم قبيلة الولدة كما تبين لاحقاً وأن يحدث خطأ كهذا في بيانتهم كما كنّا نعتقد في بداية الأمر.
فقبيلة الولدة التي يفوق عدد أبنائها المليوني نسمة في منطقة جغرافية تمتد من ريف حلب الشرقي وحتى مدينة الرقة وريف مدينة الحسكة وغيرها من المناطق التي على احتكاك مباشر مع المكونات الأخرى التي تعيش في “الجزيرة السورية”، ولو أن احداً سأل عن أسم هذه القبيلة في اقصى جنوب الجزيرة العربية لعرفها وعرف تاريخها، لكن من يأتي من جبال قنديل حاملاً بندقيته على ظهره وحقد دفين في صدره بالطبع لن يعرفها.
بعد ذلك البيان الذي إن أتفقنا “جدلاً” أنه خطاء مطبعي تأتي بيانات أخرى شبيهة ببيان “قبيلة الوزة” لكن هذه المرة في ريف الرقة الشمالي، حيث اعلنت “وحدات الحماية” مجدداً سيطرتها على قرى في شمال الرقة قالت أن أهالي المنطقة وشيوخها رحبوا “بالوحدات “ودعوا أبنائهم للإنضمام اليهم حيث تجاوز عدد المنتسبين الـ 5000 الأف من أبناء العشائر.
هذا البيان الأخير قال أن شيوخ قبيلة “الزا” كانوا على رأس المرحبين “بوحدات الحماية” وفي البحث والإستقصاء عن هذه القبيلة أجمع كل باحثي المدينة خصوصاً والمنطقة عموماً أن هذه القبيلة أيضاً لا وجود لها على سطح الأرض وإنما المقصود “قبيلة عنزة” وبالطبع هذا خطأ مطبعي من المكتب الإعلامي للإدارة الذاتية الذي يسمع لأول مرة بهذه القبيلة.
قبيلة عنزة الذي يبلغ عدد أبنائها عشرات الملايين ينتشرون في الخليج العربي وبلاد الشام والعراق ومنهم كافة أمراء الخليج وملوكه، حيث تعدّ أكبر وأضخم القبائل العربية، لكن دعاة التعايش المشترك في جبال قنديل بالتأكيد لن ولم يعرفوها ولن يعرفوها.
في متابعة للبيان الذي ذكر أيضا ترحيباً حار من قبل شيخ قبيلة “الفدان” !! وكما سبق أيضا في البحث والإستقصاء لم يتم التعرف على هذه القبيلة، لكن لا يمكن أن احدا لم يعرف او يسمع بقبيلة “الفدعان” التي تنتشر بالملايين في كل المناطق العربية على أمتداد الجزيرة العربية وبلاد الشام والعراق، وأيضاً للعيش والتاريخ المشتركان والقادمان من خلف الحدود زلاتهم وأخطائهم وليس جهلهم!!.
في السياق ذاته كان مقتطفات لكلمة أحد شيوخ قبيلة “التركم” يثني فيها على “الوحدات الكردية” داعياً لهم بالنصر والثبات، وتبع كلمة الشيخ كلمة لقائد عسكري يشكر فيها السكان على حسن الأستقبال والضيافة.
عند ذكر أسم الشيخ والقائد العسكري تبين أنهما من “التركمان” الذين ينتشرون في شمال البلاد ومناطق شاسعة من الدولة التركية، فهذا العرق الذي يعيش في المنطقة منذ مئات السنين وربما أكثر بعد هجرتهم من وسط أسيا بعد حرب المغول عليهم، لم يعرف صاحب البيان أسمهم بشكل جيد ولا شيء عنهم ولا ضير في ذلك على من تقوقع في “قنديل” ولم يعرف من هذه الأرض وتاريخها ألا قوميته وعصبيتها، وأفكار الشيوعية البائدة التي ورثها عن عرابه المعتقل في سجون “التركم” منذ زمن طويل.
ولم يقتصر هذا الأمر على أسماء القبائل فقط، بل أيضاً على أسماء المدن والبلدات العربية بقصد وذلك بدلائل على أنها ذات اصول كردية ومن دون قصد او بجهل إن صح القول، حين ينشر أحد المواقع الغير رسمية والمقربة من مركز القرار في “الوحدات الكردية” خبراً مفاده تحرير قرية “صنينة” في ريف الرقة، فاعلم أنها قرية “شنينة” قبل أن يتم “تحرير” الهوشة كما يسمونها، وكما نسميها “الهيشة”، هذا إن تجاوزنا المناطق التي سميت بقصد كـ ” كري سبي وسري كاني ومابوك وروكا” نسبة لتاريخها قبل الالف السنين كما يدعون.
هكذا يكون التاريخ المشترك بين شعوب المنطقة منذ الاف السنين، يتجاهلون أسمائهم تارة ويخطئون تارة اخرى ويتعمدون ذلك في نهاية الأمر، او ربما يسقط الكلام منهم سهوا و تنكشف الاقنعة مع مرور الأيام بداية من الأسماء وثم أنكار التاريخ والجغرافية وأشياء كثير لا يعلم بها الا الله.