ما بعد الباب، مستقبل العرب في الميليشيات الكردية، مسلخ بشري، هل فهم الأتراك الرسالة الروسية، مصالحات الريف الشمالي.لماذا الآن؟.
تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”
هل فهم الأتراك الرسالة الروسية
قصف جوي روسي تسبب بمقتل ثلاثة جنود أتراك وإصابة آخرين في محيط مدينة الباب في الشمال السوري.
وصفت وزراة الدفاع الروسية الحادثة بالخطأ غير المتعمد، وأرجعته للأتراك الذين أعطوا إحداثيات خاطئة، فيما أكدت تركيا أن جنودها موجودون في الموقع منذ عشرة أيام.
لا يمكن وصف ما حدث بأنه حادث عرضي، أو خاطئ وفق الرواية التركية التي أكدت وجود الجنود منذ عشرة أيام، كما لا يمكن وصف الحادثة عن مجمل التطورات الميدانية للمعارك التي تشهدها مدينة الباب، فقد دخلت قوات “درع الفرات” المدعومة تركياً مدينة الباب، وباتت تسابق قوات النظام التي باتت على مشارف المدينة من الجهة الجنوبية، وسارعت قوات “درع الفرات” من عملياتها لأن دخول قوات النظام يعني نهايتها عند النقطة التي وصلت إليها.
ويبقى ما بعد الباب هو الرسالة التي أراد الروس إيصالها من خلال “الغارة الخطأ” فقد سارع الأتراك من عمليات التنسيق مع الأمريكان، وتندرج زيارة رئيس المخابرات الأمريكية في هذا السياق، ومن المؤكد أن الحديث لا يشمل الباب إنما ما بعد الباب، وتتمثل الخشية الروسية من دعم أمريكي لا محدود في حرب داعش عموماً، ومعركة الرقة خصوصاً، وذلك يعني حتماً تحييد الروس في الحرب على الإرهاب “المزعوم” وبالتالي إضعاف الدور الروسي لاحقاً فالإنجاز الوحيد للروس ضد داعش يتمثل في تدمر “فقط” التي عادت للسقوط لاحقاً.
فهل فهم الأتراك أن الغارة الروسية رسالة احتجاج، وإثبات للذات أم صدقوا أنها خطأ عسكري؟!، إجابة الأتراك على هذا السؤال توضح جزءاً كبيراً من ملامح المرحلة القادمة.
مابعد الباب؟!
سيطرت قوات “درع الفرات” على مشفى الحكمة ودوار زمزم داخل مدينة الباب، وتوسعت السيطرة لتشمل معظم المدينة.
باتت معركة الباب شبه محسومة لصالح الثوار، وتمكنوا بذلك من قطع الطريق على قوات النظام التي استنفرت قواتها لدخول المدينة قبل الثوار، وفرض سياسة الأمر الواقع، فيما لم تنجح قوات النظام بالسيطرة على مدينة الباب لكنها بسطت سيطرتها على قرى على بالقرب منها، وبذلك تكون على مشارف المدينة.
وأصبحت قوات “درع الفرات” على تماس مع قوات النظام والميليشيات الداعمة لها مما ينذر بحدوث مواجهة بمجرد اختلاف الروس والأتراك، فالروس يضبطون قوات النظام، وينسقون لمنع الصدام، ورغم ذلك حدث اشتباك في قرية أبو الزندين، وبالمقابل يواجه الثوار احتمالين آخرين، الأول يتمثل بوصل الباب بجرابلس بالسيطرة على منبج، وطرد الأكراد فعلياً لشرق الفرات، وبذلك يتحقق الوعد الأمريكي، وتتحقق الخطوة الأولى في إنشاء منطقة آمنة.
أما الاحتمال الثاني والأهم فيتمثل بتوجه الثوار شرقاً نحو الرقة، ويبدو هذا الاحتمال ضعيفاً جداً دون الحصول على موافقات دولية ولا سيما من الولايات المتحدة، وهذا ما ناقشه الرئيس التركي أردوغان مع رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكي خلال زيارته، ومع الرئيس ترمب في اتصال هاتفي، إذ يدرك الأتراك أن تقوقعهم في مدينة الباب يعني سيطرة الميليشيات الكردية أو النظام على مدينة الرقة لاحقاً.
ويبدو أن قوات النظام تعمل على التوجه شرقاً لتطويق قوات “درع الفرات” في نقاطها الحالية، وقطع الطريق عليها نحو الرقة، وبالتالي تفرض نفسها كلاعب في الحرب على الإرهاب، وبالتالي فإن معركة الباب خاسرة استراتيجياً بالنسبة للثوار ما لم تتبع بالتقدم شرقاً قبل النظام، فتقدمهم شرقاً يقطع الطريق على النظام والميليشيات الكردية من جهة، ويثبت فاعليتهم بالحرب ضد داعش من جهة ثانية، وبذلك يفندون المزاعم حول عبثية دعم الثوار في مواجهة داعش.
مستقبل العرب في القوات الكردية
ناشطون: انشقاق 55 شاباً من أهالي قرية خنيز في ريف الرقة عن ميليشيات وحدات الحماية الكردية بعد شهر من تجنيدهم إجبارياً في صفوفها.
ينطوي الخبر السابق على دلالات لا ينبغي تجاهلها، ويوضح بالمقابل حقائق ينبغي توضيحها والكشف عنها، فيدلل الخبر أن الميليشيات الكردية لا تمثل الشعب السوري بل لا تمثل الكرد أنفسهم بدلالة تجنيد الشباب والفتيات قسراً، وهذا الأمر لم يلجأ له سوى النظام والوحدات الكردية، ودفعت هذه السياسة لتهجير الشباب عرباً وكرداً في المناطق الواقع تحت سيطرة الحماية الكردية.
ويدلل انشقاق الشباب العرب بهذا العدد دفعة واحدة على الرفض الشعبي لهذه الميليشيات العنصرية التي تحمل أجندة مختلفة عما يتطلع له السوريون، ويوضح الخبر عجز القوات الكردية البشرية، فهذه القوات تفتقد رصيداً شعبياً مما جعلها تعاني من نقص العنصر البشري، وهو ما دفعها لفرض سياسة التجنيد الإجباري. وهذا النقص يجعلها غير مؤهلة حقيقة لمحاربة داعش في مدينة الرقة، وهذا ما سيدفع اللاعبين الدوليين في النهاية لمراجعة حساباتهم، فوجود الكرد في مناطق عربية بهذا الشكل العنصري يجعلهم قنبلة موقوتة.
وتوضح تهديدات الوحدات لأهالي الشباب بالتهجير في حال رفض أبنائهم العودة لصفوفها سياسة التهجير الممنهج لهذه الوحدات، فالعرب في المناطق المسيطر عليها من قبلهم أمام خيارين؛ خيار الهجرة، وخيار العيش كمرتزقة لهذه الميليشيات، وهذا سلوك لم يلجأ إليه الدواعش أنفسهم.
ويثير تجاهل المنظمات الحقوقية والدولية لهذه القضية الشكوك حول المعايير المزدوجة التي يكيل بها المجتمع الدولي الذي يغض الطرف عن ممارسات هذه الوحدات باعتبارها تحظى بدعم أمريكي وروسي معاً.
مسلخ بشري
منظمة العفو الدولية: النظام السوري أعدم 13 ألف شخص معظمهم مدنيون في سجن صيدنايا بين عامي 2011 و 2015.
لن نتحدث عن تقرير منظمة العفو الدولية ومصداقيته وشفافيته، فالمنظمة لا تحتاج بداية لشهادة أحد، فقد أعدت تقريراً مهنياً موثقاً بالأدلة والشهادات مما لا يجعل لذي لب مجرد محاولة الإنكار، كما لن نتحدث عن ردة فعل النظام الذي نفى استخدام البراميل والغاز الكيماوي، كما نفى وجود مظاهرات في بداية الثورة، فهذا النظام استمرأ الكذب، ويعيش عليه، ولا يُعتد بما يقول، إنما الحديث يدور حول الصمت المريب والمخزي للمجتمع الدولي ولاسيما القوى المؤثرة فيه. أيعقل أن يصل الانحطاط الأخلاقي والاستهانة بالنفس البشرية لهذا الحد!.
إن النظام السوري قطع أشواطاً بعيدة في الإجرام عن داعش، فداعش رغم فظاعة جرائمها فإنها حمل وديع أمام وحشية النظام السوري، إن ما يحدث في سورية هولوكوست بموافقة أممية، وجرائم النظام لا تفرخ داعش فحسب، بل ستفرخ إخوة وأخوات لهذا التنظيم الإرهابي، فهذه الجرائم المسكوت عنها علناً، والمسموح بها ضمناً تدفع كثيراً لفقد عقولهم، وركوب سفينة الإرهاب.
إن جريمة “المسلخ البشري” رغم وحشيتها، وفظاعتها وتعبيرها عن ماهية النظام وتوضيحها لماذا ثار السوريون ضده فإنها تبقى نقطة في بحر إجرام يغرق فيه السوريون، فالنظام أعدم 13 ألفاً سراً، لكنه قتل أكثر من نصف مليون علناً وبالطائرات والصواريخ والمدفعية والكيماوي، ولم يترك سلاحاً محرماً إلا واستخدمه لقتل الشعب. فلماذا هدا الصمت الدولي، وماذا يخفي وراءه؟!.
إن ما يحدث يزيد السوريين قناعة أن العالم قاطبة لا يريد لثورتهم أن تزهر، ويريد لجلادهم الاستمرار، ولكن هيهات.
جنيف 4
المعارضة السورية تشكل وفدها لمحادثات جنيف برئاسة الدكتور نصر الحريري، والمبعوث الدولي دي مستورا يوجه دعوة لوفدي الحكومة والمعارضة السورية لاجتماعات أستانا يومي 15 و16 شباط.
يتفاءل كثيرون بمؤتمر جنيف 4 لاعتقادهم أن القطار سيوضع على السكة هذه المرة خلافاً للسابق، وينطلق المتفائلون من جملة أمور أولها استباق المؤتمر باجتماعات أستانة التي تُرعى من قبل اللاعبين المؤثرين على الأطراف المتنازعة، وثانيها ضم وفد المعارضة قوى لها وزنها على الأرض، وتستطيع تنفيذ أي اتفاق يتوصل إليه.
يُقبل هذا التفاعل، ويُعد مشروعاً لو أن المعارضة هي من وضعت العصي في عجلات المؤتمرات السابقة، وينسى المتفائلون أن إيران قبلت بمؤتمر أستانة على مضض، فهي وإن حضرت وادعت السعي لحل سياسي فإنها حقيقة لا تؤمن إلا بالحسم العسكري، ويسير الروس -فيما نزعم- على الخط نفسه، فروسيا تدعو لحل سياسي ظاهرياً لذر الرماد في العيون، وتسعى لحسم عسكري في الميدان، ويهدف الروس من المناورة القبول بهم من كل الأطراف، وإثبات أنفسهم كرقم صحيح في المعادلة قبل وضوح الدور الأمريكي الجديد، فالروس يدركون أن الإدارات الجمهورية ولا سيما بوجود رجل كترمب لن تكون كأوباما.
ومن هنا فإن جنيف 4 سيكون ساحة لتسجيل نقاط لا أكثر، وقيمة هذه النقاط تقدرها مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة، مواقف ما تزال ضبابية، ويلفها الغموض لكن الواضح منها رفض أي دور إيراني في سورية، وعودة الولايات المتحدة لحلفائها التقليديين في المنطقة.
لماذا يرفض الأهالي العودة للأحياء الشرقية في حلب؟
مقتل امرأة في حي مساكن هنانو في حلب على يد ميليشيات النظام بعد سرقة منزلها.
يكشف الخبر السابق السبب الرئيس لرفض الأهالي العودة لمنازلهم، فقد ترك النظام لقطعان الشبيحة الحبل على الغارب في أحياء حلب الشرقية باعتبارها حاضنة للإرهاب “للثورة” وفق تعبيرهK فعمل على تدمير ما يستطيع بداية، ثم قام بعمليات سرقة ممنهجة لما لم يدمّر، وأطلق يد الشبيحة في قتل واعتقال من يريدون. فتتحدث الأخبار عن عمليات قتل وتصفية واعتقال، وكلها بدافع الانتقام، ولم يعمل النظام، ولم يسمح حتى تاريخه بتوفير أدنى مقومات الحياة إذ تنعدم الكهرباء في الأحياء الشرقية، ويرفض إعطاء رخص لعمل المولدات، كما امتنع عن ضخ المياه لهذه الأحياء، وأوكل المهمة لمنظمة الأمم المتحدة عبر اليونيسيف من خلال وضع خزانات في نقاط معينة.
ورغم ذلك يبقى الهاجس الأمني العامل الأساسي في تأخر عودة الأهالي لبيوتهم، فكثير من الأهالي عادوا لبيوتهم لكنهم سرعان ما نزحوا بسبب تصرفات الشبيحة والانفلات الأمني، إذ كثيراً ما يتفاجأ الأهالي بالشبيحة ليلاً يطرقون الأبواب، أو يقتحمون البيوت من دون استئذان بدعوى التفتيش عن سلاح، والبحث عن إرهابيين، ويسرقون ما يجدونه ثميناً خلال عمليات التفتيش.
إن وضع حلب الشرقية يعطي صورة واضحة لحال سورية في ظل بقاء نظام الأسد، فهذه الحوادث تكاد تنعدم في مناطق الثوار التي انخفضت فيها معدلات السرقة والجريمة، بينما العقل والمنطق ينبغي أن يقولا عكس ذلك فالنظام يمتلك مقدرات وأجهزة دولة، ولكن ذلك يكشف حقيقة رعاية النظام للإرهاب والجريمة المنظمة.
صفقة مخزية للنظام السوري
النظام يطلق سراح 55 امرأة وطفل من سجونه، مقابل معتقلات وأطفال من الطائفة العلوية.
فضحت الصفقة حقيقة النظام الطائفية وتمييزه بين السوريين على أساس طائفي بغيض خلافاً لما يدعيه من شعارات مضللة.
ولئلا يصطاد أحد بالماء العكر فإنه ينبغي توضيح أمور منها أن الأخوات من الطائفة العلوية لم يكن أسيرات، ولم يعاملن من قبل الثوار على هذا الأساس بل تم معاملتهن بما يليق بكرامة أي مواطنة سورية، وحظين بكل رعاية وليس أدل على ذلك من صورهن بعد الصفقة، ووجودهن كان ضرورة أمنية فرضها النظام على الثوار لتحرير أسيرات سوريات لم يرتكبن أي جرم سوى رفض الظلم، رغم تحفظنا ورفضنا لإتباع هذا الأسلوب من حيث المبدأ، ولا شك أن الأخوات العلويات سيتحدث لاحقاً لأهاليهن ومعارفهن عن ظروف غيابهن، وبالمقابل نجد النظام يتعامل مع السوريين كأعداء حيث ظروف اعتقال مذلة مهينة، وجرائم يندى لها الجبين.
شتان بين من ينظر للطرفين كسوريين من حقهم الحرية، وبين من ينظر بزاوية طائفية ضيقة، ونقول هل كان النظام سيوافق على الصفقة لو كان من بيد الثوار من غير الطائفة العلوية؟!.
مصالحات الريف الشمالي.لماذا الآن؟
إعلام النظام: توقيع اتفاقيات مصالحة، ووقف إطلاق النار مع عدد من القرى والبلدات في ريف حلب الشمالي برعاية وزارة الدولة لشؤون المصالحة الوطنية بممثلها فادي إسماعيل و مركز المصالحة الروسية في حلب. ومن ضمن بنود الاتفاق على المصالحة رفع العلم السوري في تل رفعت.
يندرج الخبر السابق في سياق خطاب الدجل والكذب، فالبلدات التي يتحدث عنها النظام لا تخضع بداية للثوار، ولا يوجد فيها حالياً أي ثائر، وتخضع حالياً لاحتلال الميليشيات الكردية.
يذكر هنا أن الميليشيات الكردية سيطرت على هذه البلدات بمساعدة الطيران الروسي الذي استخدم سياسة الأرض المحروقة، ومن أبرز ما تم السيطرة عليه مدينة تل رفعت التي رفض الأكراد حتى تاريخه عودة أهلها إليها، في حين عاد عدد قليل من سكان القرى الصغيرة، فالمصالحة الوطنية تتم بين النظام السوري ووحدات الحماية الكردية فلا علاقة للأكراد والأهالي بها من قريب أو بعيد.
ولا يمكن فصل الخبر عما يحدث في مدينة الباب، حيث جهد الروس في تأمين موطئ قدم للنظام في مدينة تادف جنوب الباب، ويحاول الروس إثبات أنفسهم كرقم صعب في الحرب “تادف” والسلم “تل رفعت”، كما يرتبط الخبر بالمفاوضات التي تجري بين النظام والكرد برعاية روسية، وربما تسلم وحدات الحماية الكردية هذه البلدات والقرى للنظام بضغط روسي، ولا تبدو الأمور سلسة فالاتفاق يبدو ينص على استلام القوات النظامية للحواجز، وهذا ما ترفضه الميليشيات الطائفية مما أدى لحدوث اشتباكات بين النظام وهذه الميليشيات.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.