هل ترى المنطقة الآمنة النور؟، النظام يتقدم غير مكترث بالهدنة، انتهاء المرحلة الثانية من عملية غضب الفرات، روسيا تصوغ دستوراً سورياً،
تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”
روسيا تصوغ دستوراً سورياً
لافروف يسلم ممثلين للمعارضة السورية مشروع الدستور الروسي لسوريا.
لم يجد الروس غضاضة في صياغة دستور سوري يوافق هواهم، ويتنكر للهوية السورية. ولا عجب في ذلك فسوريا اليوم تحت الوصاية الروسية بفضل تسليم نظام الأسد البلاد لهم، وقد فضح الدستور الروسي النظام السوري الذي أنكر سابقاً وجود دستور قدمه الروس، وعدّ ذلك حينها أكذوبة تروج لها المعارضة السورية.
يرفض كل سوري حر الدستور الروسي شكلاً قبل رفضه مضموناً، فالدساتير تُصاغ من قبل القوى الوطنية والخبرات القانونية لا من قبل قوى خارجية.
وبالعودة للدستور نجده يتنكر لعروبة سورية، فعلى 90% من السوريين التخلي عن عروبتهم إرضاء لـ 10% من غير العرب، كما يتنكر الدستور الروسي المقدم للهوية الإسلامية للشعب السوري، وهناك فرق شاسع بين التنكر لهذه الهوية وبين رفض التطرف، فالتمسك بالهوية لا غنى عنه، ورفض التطرف سواء أكان إسلامياً أو غيره مرفوض، ويقدم الدستور الروسي وصفة لتقسيم سورية، وتكريس العصبية الطائفية والعرقية، ولا نقصد هنا السماح للكرد الحديث بلغتهم، فذلك حق لهم لا منة لأحد عليهم به.
وبدا لافتاً رد النظام الباهت على الروس، فكان جل همه السماح لبشار بولاية ثالثة، وتعيين قضاة المحكمة بموجب مراسيم من الرئيس، وإعطاء صلاحيات أوسع له، إضافة لرفض محاسبة مجلس الشعب للرئيس على جرائمه، فالنظام السوري لا يهتم بالهوية والسيادة الوطنية بقدر اهتمامه بشخص معيّن، وهكذا الاستبداد يدمر الأوطان ويبيعها من أجل فرد.
إن الدساتير لا تصاغ من قبل دول خارجية لأنها تتحول لوصاية استعمارية، ولا توضع وفقاً لأهواء جماعات وأفراد وأقليات فذلك يؤدي لصراعات داخلية، فالدساتير تمثل هوية الأمة، وتلبي تطلعات الشعب، وذلك لا يعني تجاهل حقوق الأقليات العرقية أو الدينية.
خائن يلي بيقتل ثائر
خروج مظاهرات تحت شعار “خائن يلي بيقتل ثائر” وذلك تنديداً بالاعتدائات التي تشنّها بعض الفصائل على اخرى في الشمال السوري.
قد يكون هذا هو الأسبوع الأسوأ في تاريخ الثورة السورية، فبدلاً من اتحاد الفصائل في جسم عسكري واحد تحت راية الثورة السورية، ومطالبها الشعبية العادلة نقف اليوم أمام اعتداءات جديدة لبعض الفصائل.
تمر الثورة في منعطف خطير إذ تحاك المؤامرات والدسائس لسورية كوطن، حتى وصل الأمر لصوغ الآخرين دستوراً لنا، واختيارهم معارضين على مقاسهم للثورة السورية، وهذا يستدعي مراجعة المواقف، ووحدة البندقية في الداخل قبل الوحدة على طاولة المفاوضات في الخارج، وبدا لافتاً أن ثمة أياد تحاول الصيد في الماء العكر، وزرع الفتنة بين صفوف الثوار، وقد سُرّ النظام السوري بهذا الاقتتال أيما سرور، وكان من المساهمين بالفتنة من خلال تصريحه عبر الجعفري أن من مخرجات الأستانة محاربة فصائل معينة، وقد نفى أسامة أبو زيد ذلك جملة وتفصيلاً.
لا شكّ أن ثمة أياد خارجية، ونفوس مريضة تبحث عن زعامات وهمية تقف وراء الاقتتال الحاصل، ولا ينفي ذلك وجود أرضية ما مهدت لهذا الاقتتال، وبالتالي ينبغي العودة للمظاهرات الشعبية الأولى والأخيرة والتي تدعو للعودة بالثورة لمنطلقاتها الأساسية، وإسقاط كل الرايات والإيديولوجيات والارتباطات والمشاريع الخارجية.
إن الحل يتمثل برفع راية واحدة، وتأجيل الخلافات جميعها لما بعد الأسد، وحينها يحق للشعب السوري وحده اختيار ما يشاء بعيداً عن أجندات ومشاريع الفصائل الضيقة، ولاسيما تلك المرتبطة بالخارج، وبتنظيمات دولية لا تخدم أهداف الثورة، وغير ذلك خيانة للثورة، ودماء الشهداء، وتكريس للاستبداد.
هل ترى المنطقة الآمنة النور؟
ترمب يؤكد عزمه إنشاء منطقة آمنة في سورية.
يبدو الرئيس الأمريكي دونالد ترمب صادقاً ومتصالحاً مع نفسه في أيامه الأولى، فالمنطقة الآمنة إحدى وعوده بالحملة الانتخابية، وأفادت المصادر أن ترامب سيصدر أمراً لوزارتي الخارجية والدفاع لإعداد خطة المنطقة الآمنة، وذلك سيحتاج تسعين يوماً، والهدف وفق المصادر تأمين مناطق آمنة للسوريين الفارين من الحرب، وللمنطقة الآمنة تبعات سياسية وعسكرية، وهذا ما أثار مخاوف موسكو التي حذرت من عواقب المنطقة الآمنة، فذلك يتعارض مع سيادة الدول وفق مزاعم الروس، ويخشى الروس من مواجهة عسكرية مع أمريكا على الأرض السورية، ونعتقد أن الاعتراض الروسي لن يتجاوز الدبلوماسية ولا سيما أن المنطقة الآمنة لا تعني زوال حكم الأسد.
وتعد المنطقة الآمنة حلاً مؤقتاً لجزء من الأزمة السورية، فالسوريون لم يثوروا من أجل منطقة آمنة، بل من أجل بناء نظام ديمقراطي ودولة حديثة تودع الاستبداد بغير رجعة، وقد تكون المنطقة الآمنة مدخلاً لتأجيل الحل، ومفتاحاً لتقسيم سورية وفق أسس طائفية وعرقية.
ويبدو النظام وكأنه آخر من يعلم، فهو لا يتخوف من التقسيم بقدر تخوفه من أن تدعم المنطقة الآمنة معارضيه، فوجود منطقة آمنة حقيقية قد يفرّغ مناطق النظام مما بقي من الخبرات ورؤوس الأموال التي لم تجد بديلاً عن مناطق النظام في ظل الوضع الراهن، ناهيك عن الخوف الأساسي من سعي لتغيير النظام لاحقاً.
واختلفت ردود الفعل الدولية وفقاً لمصالح الدول، فتركيا تريد تخفيف عبء اللاجئين الذي أرهقها أمنياً واقتصادياً، والروس يمتعضون من أي دور أمريكي بعد أن أصبحوا اللاعب الأول والأخير في سورية، وبالتالي يخشى الروس أن تكون المنطقة الآمنة بداية لما بعدها، فهم يدركون أكثر من غيرهم أنهم يتحركون في الفراغات التي يتركها لهم الأمريكان، وهذا ما يفسر استعجالهم بأستانة، والدستور وغيره.
النظام يتقدم غير مكترث بالهدنة
سيطر النظام السوري والميليشيات الداعمة له صباح الخميس على بلدة القاسمية في منطقة المرج في الغوطة الشرقية.
تعد هذه السيطرة نموذجاً واضحاً لالتزام النظام بوقف إطلاق النار، فالنظام السوري يتخذ من الهدن فرصة لقضم مناطق الثوار، وإحكام الحصار عليهم لفرض التسوية التي يريدها، وتزامنت السيطرة على القاسمية باستمرار عمليات القصف على وادي بردى، ولا يشمل الخرق ريف دمشق بل يشمل محافظتي حلب وإدلب وحمص وحماة مما يؤكد عدم التزام النظام بالهدنة.
وبالعودة للقاسمية فإنها البلدة الثالثة سقوطاً بعد الميدعاني والبحارية، وذلك يعني السيطرة على مساحات واسعة من الأرض الزراعية، وبالتالي تهديد الأمن الغذائي للغوطة، وتشديد وطأة الحصار، واستخدم النظام سياسة القضم البطيء في مدينة حلب بداية عام 2014م مما مكنه السيطرة عليها نهاية عام 2016م، ويخشى أن ينجح السيناريو في ريف دمشق، وبقية المناطق، فالهدن تبرِّد الجبهات لمنح النظام هامش من المناورة لقضم جبهة بعينها، وما يؤسف له أن حيل النظام باتت تحظى مؤخراً بغطاء سياسي من دول محسوبة على المعارضة السورية!.
انتهاء المرحلة الثانية من عملية غضب الفرات
أعلنت ميليشيات قسد انتهاء المرحلة الثانية من عملية غضب الفرات الخميس الماضي.
يذكر أن المرحلة الثانية بدأت في العاشر من كانون الأول العام الماضي، وهدفت لطرد داعش من ريف الرقة الغربي، وسيطرت الميليشيات على عشرات القرى معظمها في الريف الغربي امتداداً من بلدة الجرنية وصولاً لقلعة جعبر، وقناة الري الرئيسية التي تفصل المزارع عن الريف الغربي، وادعت ميليشيات قسد قتلها 500 مقاتل من داعش في هذه المرحلة.ن
والجدير ذكره أن المرحلة الثالثة ستكون أشد دموية، فالمرحلة الثالثة سوف تستهدف مدينة الرقة، وقد تقسم المرحلة الثالثة لمرحلتين الأولى تستهدف سد الفرات، والثانية مدينة الرقة، وربما تتأخر معركة الرقة بانتظار التوافقات الدولية والإقليمية، فتركيا مازالت ترفض سيطرة قسد على المدينة بل ترنو بعينها نحو المدينة، ولاسيما بعد عزم ترمب إنشاء منطقة آمنة، وهو ما سيعطي دفعاً عسكرياً ومعنوياً للأتراك.
وبالمقابل فإن قسد غير جاهزة -فيما نعتقد- عسكرياً لمعركة الرقة التي تتطلب أعداداً كبيرة من المقاتلين، ولا سيما أن داعش يجيد حرب المدن، ومعارك الموصل ومنبج والباب، وعين العرب قبل ذلك شاهدة على براعة التنظيم في حرب الشوارع خلافاً للمناطق المفتوحة والقرى التي يلعب الطيران فيها دوراً حاسماً.
وتدرك “قسد” خطورة المعركة وتكلفتها البشرية، ولا سيما أن التنظيم سيكون أشد شراسة بالدفاع عن الرقة من منبج والباب وعين العرب، ويضاف لما سبق الرفض الشعبي لقسد، فالعرب في الرقة لا يريدون استبدال الاحتلال الداعشي باحتلال آخر، وقد تعمل الإدارة الأمريكية على صيغة توافقية ترضي الأطراف جميعاً.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.