الرقة تذبح بصمت
يمتلك تنظيم داعش ماكينته الإعلامية لكن و كما يراها كثير من السوريين و الذين يعيشون في مناطقه فإن هذه الماكينة الدعائية لا تختلف كثيرا عن إعلام النظام السوري. فالتظليل و الدعاية الكاذبة هي جزء من وسائله التي يستخدمها في استقطاب مزيدا من الأنصار إلى مناطقه. لكن سرعان ما يكتشف حتى هؤلاء المغرر بهم بأنهم وقعوا في فخ التنظيم و بأن حقيقة الواقع هي بعكس ما يروج له التنظيم في دعايته العامة.
بعد أن قامت قوات التحالف الدولي بقصف غالبية الجسور و المرافق العامة في مناطق سيطرة التنظيم و بحجة تواجد التنظيم فيها تسبب تدمير هذه المرافق إلى شلل حركة النقل في تلك المناطق مما أنتج أضرار عامة على حياة الناس اليومية خصوصا في حوض الفرات و بالتأكيد فإن غاية التحالف هي تدمير البنى التحتية في سوريا بحجة محاربة الإرهاب لكن هذا التدمير يستخدمه التنظيم من أجل اقناع الناس في الانضمام إليه و يحاول استغلال معاناتهم دون مراعاة حالة المدنيين الاقتصادية التي تدهورت بسبب الأوضاع الميدانية في المنطقة و منذ عدة سنوات حيث مازال التنظيم يفرض الضرائب و الغرامات المالية و يمنع السفر و يصادر الممتلكات و يتحكم بمصادر الرزق لكن هذا كله يغيب عن إعلامه الموجه لتلميع صورة خلافته المزعومة.
أنتج داعش خلال الأعوام الماضية سلسلة من التقارير الميدانية يصور فيها الحياة اليومية للناس مستغلا بأنه الجهة الإعلامية الوحيدة و القادرة على حمل الكاميرة للتجول بين الناس و رصد معاناتهم من خلال تقاريره لكنه أيضا كان إعلامه موجه لصالحه حيث يركز التنظيم على استمرار الحياة هناك و كأن الحياة اليومية في مجال دائرته هي الحياة الأفضل للمسلمين في العالم مع أن الواقع الخدمي بكل قطاعاته هو الأسوء في سوريا منذ انطلاق الثورة السورية حيث يعمل التنظيم كما اللصوص و قطاعي الطرق بمصادرة أموال الناس و ارغامهم على دفع الضرائب بدون خدمات مقدمة لهم لا في القطاع الصحي و لا في قطاع التعليم أو المصالح العامة.
أيضا و مع استمرار مشكلة الهجرة و نزيف الكوادر الذي تسبب به التنظيم في هذه المناطق فإن الشلل في القطاع الطبي و التعليم و غيرها هو الناتج عن سياسته القمعية و المتوحشة في اضطهاد الناس و لكن إعلامه يصور ذلك بطرق غبية و ساذجة مثل تصويره إقبال الناس على التداوي بالحجامة رغم أن القطاع الطبي يعيش حالة سيئة بسبب ضعف الإمكانيات و المراكز الصحية وهرب الأطباء مما تسبب في انتشار الأمراض و عجز الناس عن إيجاد حلول لمشاكلهم الصحية لكن التنظيم لا يعترف بهذا الواقع المتردي و مازال يروج لعكس ذلك و يعمل على نشر الأكاذيب من خلال إعلامه كي يصور الحالة على خلاف ذلك.
من جهة أخرى يعيش الأهالي في مناطق سيطرة التنظيم حالة من البطالة و قلة الإمكانيات المالية المتوفرة خصوصا مع هيمنة التنظيم و أمرائه على الحياة العامة و الاقتصادية هناك بحجة تنظيم حياة الناس من خلال القوانين لكن الحقيقة عكس ذلك حيث يجمع قادة التنظيم الأموال و يسيطرون على التجارة و يتقاضون الرشاوي لأن لديهم جشع كبير للمال لكن التنظيم لا يتحدث عن ذلك و لا عن طرق الابتزاز التي يستخدمها لإرغام الناس على دفع الضرائب بشكل مستمر.
و رغم خطابه الديني إلا أن التنظيم يسوق لنفسه من خلال الكذب ” الذي حرمه الله على المسلم ” و بأنه يمتلك مؤسسات قوية و لديه خطط تنظيمية هائلة و هذا ما تعودنا عليه من خلال إصدارته المرئية كما روج سابقا من أجل إصدار عملته الذهبية لكن التنظيم يستخدم هذه الأساليب كي يقنع الناس بقوته و سيطرته على كل الجوانب الحياتية و قدرته على إدارتها لكنه في الحقيقة عاجز عن إدارة الأمور الهامة للناس كالتعليم و الصحة و بناء المرافق العامة و تقديم الخدمات للناس بشكل مجاني أو دعم الفقراء و النازحين و مما لا شك فيه أن أمراء التنظيم و قادته لا يعملون إلا على تجنيد المقاتلين و سرقة أموال المسلمين بحجج دينية واهية و كاذبة و هذا كله يصوره التنظيم في منابره الإعلامية كصورة زهرية لحياة الناس هناك و يعمل على خداع جمهوره بهذا الأسلوب الرذيل و المفتعل بدون المخافة من الله.