الرقة تذبح بصمت
في ظل الظروف المأساوية التي تعيشها دير الزور خصوصا مع تدني الخدمات الصحية و الاجتماعية في المنطقة و ذلك بعد هيمنة تنظيم داعش عليها في صيف 2014 يبدو أن الواقع العسكري لم يشهد أي تطورات فعلية منذ انسحاب فصائل الثورة السورية عنها بعد اقتتال دام قرابة السبعة أشهر ضد تنظيم داعش و نتج عنه سيطرته الكاملة على دير الزور مع بقاء مناطق في يد النظام داخل المدينة و على أطرافها.
حاول تنظيم داعش منذ البداية التخلص من كل أعدائه داخل دير الزور حيث صاحب سيطرته على المحافظة حملات اعتقال و اعدامات ميدانية طالت المئات من الشباب المنتمين لفصائل الثورة في محاولة منه للتخلص منهم خوفا من أي ثورات داخلية و عمليات عسكرية سرية تشن ضده في مدن و بلدات دير الزور.
مع ذلك شهدت مواقع لتنظيم داعش عمليات عسكرية حيث هاجمت مجموعات تابعة لـ “الجيش الحر” مواقع له على أطراف المحافظة و شهدت محاولات للتقدم و السيطرة على مدينة البوكمال لكن هذه الهجمات العسكرية كانت غير منسقة و غير مستمرة.
أما على الصعيد العسكري المتعلق بالتنظيم فقد هاجم التنظيم مواقع لقوات النظام في عدة مناسبات لكنها لم تصل إلى رغبة جدية لدى التنظيم من التخلص من تواجد النظام هناك على العكس تماما خسر التنظيم مواقع لصالح النظام و بالمقابل كسب مواقع في أماكن أخرى حيث تقدم التنظيم خلال اليومين السابقة في جبهة حي الموظفين في المدينة و كسب مواقع عسكرية هناك فيما تبدو الاشتباكات موضعية و ليست ذات طابع تحرري شامل.
مجالس عسكرية وهمية و حشد شعبي في دير الزور
في ظل الأحداث الأخيرة و التي يشهدها الشمال و الشرق السوري متمثلا بعملية درع الفرات التي تقودها تركيا بتحالف مع فصائل من الجيش الحر وعملية غضب الفرات التي تقودها ميليشيات قسد بالتحالف مع القوات الأمريكية دخلت بعض التغيرات العسكرية على خارطة دير الزور رغم أن هذه التغيرات لا تعد بأي تقدم على الساحة العسكرية. إذ ظهر مؤخرا مسمى جديد و هو المجلس العسكري في دير الزور و الذي انضم لميليشيات قسد في عملية غضب الفرات و هدف هذا المسمى إفضاء شرعية عرقية على مكون ميليشيات سوريا الديمقراطية في حالة كانت لديها النية لمهاجمة تنظيم داعش في دير الزور رغم أن كثير من نشطاء المنطقة يشككون في مثل نجاح هكذا خطوة خصوصا أن هذا المجلس هو عبارة عن مجلس وهمي و لا يملك أي ثقل عسكري أو قيادي في المنطقة.
من ناحية أخرى يسعى النظام أيضا لتدعيم جبهات قتاله داخل دير الزور خصوصا مع التطورات الأخيرة التي شهدتها مدينة الموصل و إعلان الحشد الشعبي الشيعي لنيته في دخول الأراضي السورية و دحر داعش من مناطق سيطرته في دير الزور و الرقة مما يعطي للنظام أملً جديدا في إعادة سيطرته على مناطق دير الزور بمساندة الميليشيات الإيرانية و العراقية فيما لو تحققت مزاعم الحشد الشعبي الشيعي في نيته للقيام بذلك، لكن النظام و في خطوة استباقية لنتائج معركة الموصل عمل على تشكيل ميليشيات جديدة في منطقة الجزيرة و الفرات تحت مسمى ” حشد الجزيرة و الفرات ” و هو عبارة عن تشكيل شعبي هدفه تجنيد الشباب في المنطقة لمواجهة تنظيم داعش و يعتبر رديفا لقوات النظام في المنطقة الشرقية و خصوصا في دير الزور.
القوى الفاعلة و غيابها عن المشهد العسكري
رغم دق ناقوس الخطر في المنطقة الشرقية بسبب التجاذبات الأمريكية و التركية حيث يعمل الأول على تمكين الميليشيات الكردية في المنطقة تحت مسمى محاربة داعش. بينما يسعى التركي لقطع الطريق على الأكراد في بناء كونتون كردي و حماية الخاصرة الجنوبية لدولة تركيا مع اطلاق عملية درع الفرات، إلا أن القوى الفاعلة سواء العسكرية أو النخبوية في دير الزور ما زالت غائبة عن المشهد و عدم قدرتها على طرح مشروعها الخاص و رؤيتها المحلية لحماية دير الزور و المنطقة الشرقية من الخطر الكردي أو بقاء تنظيم داعش أو استعادة النظام لدير الزور مستعين بالمليشيات الإيرانية و العراقية. و يعزى هذى الغياب لفصائل المعارضة في ديرالزور لعدم قدرتها على التفاهم فيما بينها للوصول إلى مشروع و خطوة جادة كي تكون هي البديل الحقيقي و الفاعل لإنقاذ المنطقة من خطر التمدد الإيراني أو الكردي أو حتى بقاء التنظيم و النظام في المنطقة مما يجعل تداعيات غياب مكون عسكري قوي و متماسك خطيرة على ديرالزور و الشرق السوري بكل محافظاته.