الرقة تذبح بصمت
مع بدأ المرحلة الثانية من عملية “غضب الفرات” بقيادة مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية YPG، والمدعومة بطيران التحالف الدولي، احرزت القوى المهاجمة تقدماً كبيراً في ريف الرقة الشمالي الغربي، واستطاعت خلال الأيام الأخيرة السيطرة على عشرات القرى في ريف مدينة الطبقة ومنها (نفيلة، تل عثمان، خاتونية الجرنية، المزيونة، الحرية، الجرنية، شمس الدين، المويلح، فلاح ربو، الرملة، بير شلال، الكنو، الكروان، جعيبر، أبو صخرة، جعبر غربي، جعبر شرقي، المحمودلي، أبو الكالات، بصراوي، الزريجية، بير حاج خلطاوي، طاوي، شهيد الله).
فيما طغى على طبيعة المعارك الأخيرة، غياب الإشتباك المباشر بين القوى المهاجمة وقوات تنظيم داعش، حيث اقتصر التقدم على عمليات التمشيط الجوي بواسطة طيران التحالف الدولي، الذي يعقبه انسحاب تنظيم داعش، الأمر الذي أدى لاستهداف المدنيين من قبل الطيران الحربي مسفراً عن ارتقاء عدد من الشهداء، كان آخرهم استشهاد ٣ أطفال في مدينة الطبقة، ناهيك عن عدد كبير من الجرحى المدنيين.
هذا وفي حال تمكن القوات المهاجمة من السيطرة على مدينة الطبقة، ستكون قوات التنظيم المتواجدة في ريف حلب الشرقي محاصرة بالكامل، وبالتالي سيكون أمام التنظيم عدة خيارات، أولها التحصن في مدينة الطبقة، والإنسحاب الكامل من ريف حلب الشرقي، والإستفادة من طبيعة المدنية ومن سد الفرات كنقاط استراتيجية مهمة وبوابة لعبور القوات المهاجمة نحو المدينة، أما الخيار الثاني، فهو ترك المنطقة كاملة من خلال تنفيذ انسحابات متتالية تبدأ من ريف حلب الشرقي نحو الطبقة ثم سحب القوات من مدينة الطبقة وريفها، حيث يتفادى التنظيم فتح جبهتين في المدينة في نفس الوقت، الأولى مع قوات الـ YPGمن جهة الشمال، وقوات النظام السوري من جهة الجنوب، والتي حاولت سابقاً التقدم باتجاه المدينة، ولا يخفى التنسيق الواضح بين قوات النظام وميليشيات سوريا الديمقراطية.
هذا وتتمركز قوات النظام السوري حالياً في منطقة مفرق الزكية -٤٠ كم عن مدينة الطبقة-، فيما تبعد ميليشيات سوريا الديمقراطية حوالي ١٢ كم عن المدينة، وتواردت تصريحات لقوات قسد بأنّ فتح النظام لجبهة في جنوب الطبقة ربما يكون عاملاً مسرعاً للطرفيين للسيطرة على المدينة.
وفي سياق متصل، لم يلاحظ حتى الآن أي مقاومة حقيقية من قبل تنظيم داعش ضد القوات المهاجمة، حيث اكتفى التنظيم بتفخيخ وتلغيم القرى التي ينسحب منها، وذلك كون المناطق في ريف الطبقة الشمالي الغربي هي مناطق سهلية مفتوحة يصعب التمركز فيها وتأمين خطوط الإمداد إليها في ظل التحليق المكثف للطيران الحربي في المنطقة.
وتعتبر مدينة الطبقة من أهم مدن محافظة الرقة، وتقع على الجانب الغربي لمدينة الرقة، وتتميز بوجود سد الفرات أهم السدود السورية وأكبرها، والذي يستخدم لتنظيم مجرى النهر إضافة إلى توليد التيار الكهربائي، إضافة لوجود مطار الطبقة العسكري الذي سيطر عليه تنظيم داعش في منتصف عام ٢٠١٤.