الرقة تذبح بصمت
بدأ قبل ثلاثة اشهر سباق بين قوات “غضب الفرات” و “درع الفرات” للسيطرة على مدينتي الرقة والباب في ريف حلب الشرقي في تقدم ملحوظ يزداد يوماً بعد يوم الى أن جُمدت المعارك بشكل نسبي دون اسباب تذكر من الطرفين، وكانت الاراء والتحليلات تقول بناء على تسارع الاحداث أن احدى المدينتين وإن لم يكون ((كليهما)) ستخضع لسيطرة غضب الفرات أو درع الفرات قبل بداية العام 2017. فالحكومة التركية كانت قد اعلنت في وقت سابق بدء اقتحام مدينة الباب وتلاها اعلان لغضب الفرات بدء المرحلة الثانية لحملتها لعزل مدينة الرقة وحصارها لكن شيء ما حصل حال الى التوقف دون اعلان ذلك.
ولا يخفى على احد ان القوتان تطمحان لتحقيق نصر معنوي أكثر مما هو عسكري وأرتفاع اسهم إحداهما على الاخر في الرأي العالمي نظراً للجهود التي بلغت في الحرب على الارهاب الذي اصبح تجارة عالمية، وايضا لايمكن القول أن اسباب توقف المعارك هي اسباب عسكرية بقدر مايمكن أنها سياسية بعد تطور الاحداث الدولية والاجتماعات الاخيرة بين الدول المعنية بهذه القوى “روسيا- ايران- تركيا” والتي كانت من اسباب احتلال حلب على يد قوات تنظيم الاسد وتغيير احجار الشطرنج في الشمال السوري. غضب الفرات والتي بدأت بضغط روسي وامريكي رغم رفض القوات الكردية لهذه المعركة التي لاتعنيهم لكن اجبروا عليها اولا لتحقيق نصر معنوي وثانياً لأخذ حصتهم من الإقليم الكردي التي وعدت به روسيا في ظل غياب الامريكان عن الساحة السورية.
درع الفرات والتي ايضاً بدأتها تركيا بمشاركة فصائل محلية لأسباب عدة منها المنطقة العازلة والحفاظ على أمن تركيا القومي ومنع الميليشيات الكردية من وصل عفرين بالجزيرة السورية والتي من شأنها ان تفصل تركيا عن سوريا باستثناء ادلب وهذا مايشكل خطراً على تركيا.
التطورات الأخيرة في حلب والتي كانت سبباً مباشرة لتوقف هذه المعارك او تجميدها نوعاً ما بعد إيجاد حل أخر “لم يعلن عنه” لكن بالتاكيد لم يتخلى الاتراك عن حلب بعد 5 اعوام من دعمها دون مقابل وهي التي تعتبر إمتداداً لتركيا ويعتبرها كثير من الاتراك غازي عنتاب السورية.
تفاهمات روسية تركية ادت الى اضعاف حلب وايقاف معارك داعش دون وضوح المقابل لهذه التفاهمات والتي الى الان تصب في مصلحة روسيا وتنعكس على تركيا التي لاشك ان لها شيء مقابل حلب قبل ان تتلقى ضربة موجعة بمقتل سفير روسيا على ايدي عنصر امن في انقرة وهو ماقد يشكل ورقة ضغط على “تركيا” التي قد تتنازل عن نصيبها في ماقد تحصل عليه مقابل حلب لارضاء روسيا التي تلقت ثاني ضربة بعد مقتل طيارها قبل عام.
يدعي كتاب ومحللون أن الاتراك حصلوا على مايريدون مقابل حلب، منها اسقاط نظام الاسد وايقاف المد الكردي عند نهر الفرات ومنها مايقول ان شرقي حلب بالاضافة للرقة من نصيبهم مقابل تنازلهم عن “حلب” لكن في نهاية الامر كلها خفايا لايمكن الدراية عنها وإن اعلن عنها لايمكن ان تبقى كما هي بعد مقتل السفير الروسي.
ويأتي إعلان استئناف معركة “درع الفرات” للسيطرة على مدينة الباب الاستراتيجية اليوم بعد اسابيع من التوقف شاهداً على التفاهمات الدولية خاصة بين تركيا وروسيا، إذ شنت فصائل الجيش الحر بدعم جوي كثيف هجوماً من الشمال والشمال الغربي وتمكنت من السيطرة على نقاط مهمة في أطراف المدينة ومحيطها.
على الجانب الآخر تستمر المعارك في الريف الغربي لمدينة الرقة حيث تقدمت ميليشيات سوريا الديموقراطية لتسيطر على عديد من القرى بالقرب من قلعة جعبر في تقدم غير مسبوق لتكون على مشارف مدينة الطبقة.