#الرقة_تذبح_بصمت
مع بداية العام الجديد، يصبح عمر دولة الخلافة المزعومة “داعش” ثلاثة سنوات، بعد رسمها للحدود الجغرافية من شرقي حلب في سوريا وحتى الموصل والمثلث السني في العراق، وكما يعلم السوريون والعراقيون كانت قبل “ترسيم الحدود” مجموعات صغيرة تنشط في كافة المناطق الثائرة في سوريا بالاضافة لبقايا “دولة العراق الاسلامية” في محافظة الأنبار العراقية، حتى تمكنت من الظهور علناً دون شريك على الأرض التي احتلتها، عقب قتالها للجيش الحر والفصائل الإسلامية في عموم سوريا، ولا يخفى على أحد أنّ مناطق سيطرة هذه “الدولة” ومكان نشوئها لم يكن عبثاً، بل كان بتدبير ضخم كما بينت الوثائق التي وجدت في حوزة حجي بكر بعد قتله في تل رفعت في ريف حلب، ونشرتها مجلة “ديرشبيغل” الألمانية قبل عامين، ليس حجي بكر فقط أو البعث العراقي وعدد من المخابرات العالمية، كانوا خلف هذا التخطيط والهيكلية كما يقال، من الواضح وحسب المعطيات خلال الاعوام الثلاثة الماضية، هنك دول كبيرة تقف خلف هذا التنظيم.
ثلاث سنوات مرت على قيام “الدولة” المزعومة، بحدود تنقص وتزيد كل يوم تبعاً للجبهات المشتعلة دون تمويل واضح لتلك المعارك، بحسابات بسيطة لا تحتاج أي دليل، إذ قلنا أنّ التنظيم يقاتل على 100 جبهة اليوم، وهذا على أقل تقدير، وفي كل جهة تطلق “داعش” ألف رصاصة، سيكون التنظيم بحاجة لـ 100 ألف رصاصة يومياً، -3 مليون رصاصة شهرياً-، هل من عاقل يستطيع الإجابة على هذه الاسئلة المستعصية؟ من يمول؟، من يبيع؟، من أين تدخل؟، كل تلك الأسئلة لا إجابة لها لا من داعش ولا ممن يدعي الحرب عليها، وقطع الدعم والتمويل والتذخير عن التنظيم هو أكبر معركة َتُشن عليه، دون إنشاء تحالفات دولية وغارات جوية، وحماية المدن وساكنيها من تخريب وقتل.
ماسبق ليس اتهاماً لداعش وهي لاتحتاج اثباتاً لإرتباطاتها المجهولة، بقدر ماهو اتهام لمن يدعون الحرب عليها لتحقيق أهدافٍ بان بعضها في مناطق ولازال بعضها مبهماً لنا في مناطق آخرى، ولن يكون حال تلك المناطق أفضل مما ألت إليه المدن العراقية بعد الحرب على الإرهاب فيها، والتي سُلمت للمليشيات الشيعية والتي عاثت فيها فساداً كبيرا.
في سوريا قد يكون الوضع مختلفاً عن العراق، والذي تحاول “إيران” بسط نفوذها على كامل أراضيه وتطهيره من العرب السنة أو كسر شوكتهم، حيث أنّ سوريا ليست على مقربة جغرافية من إيران، وعدد المليشيات الشيعية السوريا الأصل قليلً إذ ما قدر بالعراقية منها، إلا أنّ البديل موجود دائماً، والذي يحفظ مصالح إيران بالتمدد الشيعي وروسيا بإيقاف خطوط الغاز والنفط إلى تركيا، إضافة لعزل الاخيرة عن العالم السني بعد ظهورها كدولة اسلامية قوية وماهذا مايجعل امتدداها مع العرب السنة امراً غاية في الخطورة.
فكانت المليشيات الكردية في الشمال السوري، خير بديل وخير من ينفذ كل ماذكر بداية من إحداث تغيير ديمغرافي في الشمال وتهجير “السنة” بغية رسم حدود كيانهم الكردي المستقل، و عدائهم مع تركيا الذي تجاوز عمره الـ 50 عاماً.
وتبقى الرقة، عاصمة الخلافة المزعومة، والجغرافية الواقعة خارج خريطة الحلم الإنفصالي، التي يلوح بها حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي، وانعدام المكون الكردي في المدينة، والذي لا يتجاوز المئات من أصل 400 ألف نسمة، كما تم استبعاد العنصر العربي “لواء ثوار الرقة” من المرحلة الأولى لعملية “درع الفرات” والتي تهدف إلى طرد داعش من المدينة على مرحلتين! ناهيك عن التهديدات التركية حيال هذه المعركة و الرفض المطلق لأهالي الرقة المقيمين والنازحين والعسكريين في ريف حلب والسياسيين في تركيا وغيرها من الدول، إضافة للرفض المبطن للأكراد تلك المشاركة في معركة ليس لهم فيها ناقة ولا جمل، إلا أنّه وبعد عودة العلاقات التركية – الروسية اعلنت الوحدات الكردية انسحابها من مدينة منبج وشرقي نهر الفرات للمشاركة في “غضب الفرات”.
هل يمكن القول ان منبج مقابل الرقة!
قد يكون ذلك بقوة السلاح وارضاخ المدينة واهلها بحجة الارهاب كما حدث ويحدث في العراق، بعد صفقة بيع مع تركيا جراء منع الربط بين عفرين و “روج آفا” والقبول بكيان كردي غربي الفرات فقط، وهذا ماتشير له الوقائع من بناء جدار عازل على الحدود مع سوريا في تل ابيض وعين العرب ورأس العين والقامشلي، لكن إنّ كان ذلك صحيحاً هل الرقة مؤقتاً ستكون “للقوات الكردية”؟ أم أنّها بشكل دائم ستبقى تحت السيطرة الكردية؟ وهو مايعتبر أعلى درجات البلاهة والغباء، فكيف لها أن تدعي أنّ هذه المنطقة ذات غالبية كردية بعد حملات التهجير للعرب ثم تستولي على الرقة ذات الغالبية العربية، لينقلب السحر على الساحر وتصبح المنطقة ذات غالبية عربية ساحقة!
لايمكن القول إلا أنّ هذا “الإحتلال” إنّ حدث بشكل مؤقت حتى أخذ الضمانات لـ “روج افا”، ثم ترك المدينة وأهلها لمصيرهم بعد تحقيق وعود إيران وروسيا لحزب الإتحاد الديمقراطي بالكيان الكردي، وجلب اعتراف دولي له، لتبقى الرقة لمصير مجهول وتركها فزاعة للمنطقة تحكم فيها منطقة خضراء لقوات محلية موالية للكيان الجار وداعميه.
الاحتمالات محدودة بين قوات النظام التي لايمكن باي شكل من الأشكال أنّ تسيطر على الرقة نتيجة قلة العناصر وبعدها مئات الكيلومترات عن أقرب نقطة لمناطق سيطرته، وبين القوات التركية التي لا تملك الجرأة للتوغل في عمق الأراضي السورية دون منفعة للدولة وآمنها القومي وبين القوات الكردية التي هي أقرب الأعداء في جميع المعطيات.