اعلنت مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية الـ YPG، في الـ ١٢ من حزيران هذا العام، عن اطلاق عملية عسكرية تهدف من خلالها إلى عزل تنظيم داعش في الرقة، وجاء في الإعلان أنّ القوات المشاركة في العملية ستكون قوات الـ YPG بشكل رئيسي وبنسبة مقاتلين تزيد عن 80%، فيما اقتصر تواجد حلفائها من قوات سوريا الديمقراطية، بنسبة لاتزيد عن 20%، الأمر الذي يتناقض مع ما يسمى بقوات سوريا الديمقراطية، باعتبار أنّ قوات الـ YPG تعتبر جزءً منها.
بالمقابل امتنع لواء ثوار الرقة أحد مكونات قوات سوريا الديمقراطية، والمعروف بكونه لواء تابع للجيش الحر وعناصره من الرقة نفسها، من المشاركة في العملية، بالرغم من كونها معركته الأساسية بحسب تصريحات مسؤوليه، وكان رفض المشاركة بسبب الخلافات التي حدثت بين قيادة اللواء ومليشيا الـ YPG، حيث كان من المتفق عليه سابقاً أنّ ينحصر دور مليشيا وحدات حماية الشعب الكردية، على الدعم اللوجستي والإمداد والتغطية النارية فقط، فيما يصار إلى اللواء القيادة وإدارة المعركة بشكل كامل، إلا أنّ قيادة مليشيا الـ YPG كانت قد تراجعت في اللحظات الأخيرة للإعلان عن الإتفاق وفضلت إدارة المعركة بنفسها، ومن اللافت أنّ المعركة كانت بإدارة وإشراف مباشر من قبل خبراء قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والتي قامت بتدريب المجموعات العربية المشاركة في المعركة على عجل، بخلاف الإعداد الجيد الذي تقلته قوات الـ YPG في معسكرات مخصصة في كل من مدينة عين عيسى وعين العرب “كوباني”، خلال الستة أشهر الأخيرة، والتي تم الإشراف عليها من قبل حوالي ٢٥٠ خبير ومدرب من الولايات المتحدة الامريكية وفرنسا وألمانيا.
هذا وقد حققت المرحلة الأولى من عملية “غضب الفرات” التقدم بقرابة ١٠ كم باتجاه مدينة الرقة، خلال الأيام العشرة الاولى من العملية، والتي استطاعت خلالها السيطرة على عدة قرى وبلدات اهمها بلدة تل السمن التي تبعد عن مركز مدينة الرقة قرابة 30 كم، ثم ما لبثت الجبهات توقفاً للقتال حتى اليوم.
وفي سياق متصل، صرح عدد من قيادات الـ YPG أنّ الهدف من العملية بمرحلتها الأولى كان تأمين مناطق سيطرتهم في شمال الرقة أو ما يطلقون عليه منطقة “روج أفا”، من نيران تنظيم داعش، والتي كانت تستهدف أماكن تواجد قوات الـ YPG في مدينة عين عيسى بشكل شبه يومي بصواريخ محلية الصنع أو عمليات التسلل والعربات المفخخة التابعة للتنظيم، وبهذا مهدت تلك القوات إلى المرحلة الثانية من العملية.
وكان من ميزات المرحلة الاولى، المبالغة بأعداد القوات المشاركة في العملية، حيث تم الإعلان عن مشاركة ٤٠ ألف مقاتل، في حين كان العدد الحقيقي لا يتجاوز الـ 2000 إلى 2500 مقاتل، في محاولة من قوات الـ YPG اظهار نفسها كقوة كبيرة أمام وسائل الإعلام العالمية، التي اهتمت بالخبر فقط لكونه موجه ضد تنظيم داعش في الرقة المعقل الرئيس للتنظيم في سوريا، كما لوحظ النقص الواضح في عدد القوات المهاجمة كسبب رئيس لتوقف المعركة بغية تأمين مزيد من القوات.
كما وقد غلب على المعركة في مرحلتها الأولى، ضعف التنظيم والتحضير بالنسبة لموضوع نزوح المدنيين من مناطق الإشتباك، الأمر الذي ربما يكون مقصود من قبلهم، حيث عمدت إلى تجميع العائلات الهاربة من نيران الاشتباكات ونيران الطائرات في منطقة عين عيسى داخل حرم مديرية الأقطان ضمن أراضٍ خالية لا يتواجد بها اي نوع من وسائل مساعدة النازحين كالنقاط الطبية أو مركز الإيواء، وترك المدنيين في العراء يوجهون برد الشتاء، فيما اقتصر تقديم الخدمات للنازحين على بعض الأطراف المحلية والمبادرات الفردية، هذا وعمدت قوات الـ YPG على منع نزوح العائلات باتجاه الريف الشمالي للرقة، في تخوف واضح من قبلها من دخول المكون العربي إلى مناطق سيطرتها.
إضافة إلى ذلك، سُجل حدوث عدد من المجازر بحق المدنيين، بواسطة قصف المواقع المدنية بواسطة طيران اللتحالف الدولي، اعتماداً على معلومات خاطئة من قبل قوات الـ YPG.
كما ولعب القصف الجوي بواسطة طيران التحالف الدولي الدور الأكبر في حسم المعركة، لتجنب دخول القوات المهاجمة في أي اشتباك مباشر مع تنظيم داعش.
وفي ظل المتغيرات الدولية والتصريحات الإقليمية، يبدو أنّ قوات الـ YPG بدأت بتغير ترتيب أوراق المعركة، وربما ستحاول التثبيت في المناطق ذات البنية العرقية التي انطلقت منها، بغية إعادة ترتيب أولوياتها، ولعب لعبة التناقض بين الفرقاء لكسب حلفاء لها بحسب كل مرحلة.