الرقة تذبح بصمت
ارتكبت المليشيات الكردية انتهاكات جسيمة في منطقة الجزيرة السورية ضد مكونات كردية و عربية وغلب على هذه الانتهاكات الطابع العنصري و العرقي حيث استهدف المكون العربي على وجه الخصوص حتى باتت تعرف هذه المليشيات بالقوى الانفصالية التي تعمل على خلق و إنشاء كونتون كردي في منطقة الجزيرة السورية مستغلة حالة الصراع و تأزم مسارات الثورة السورية خلال الأعوام الماضية.
و في العودة إلى الوراء فلقد كانت أهم تلك الفظاعات المرتكبة ماثلة في مجزرة تل براك في الحسكة حيث أعدمت هذه المليشيات في فبراير 2014 عشرات من الأهالي العرب جلهم نساء و أطفال فيما هدمت أكثر من 80 منزل في بلدات و قرى عربية مختلفة ثم ارتكبت مجزرة أخرى في تل حميس في ريف الحسكة حيث راح ضحيتها 40 مدني قتلوا على أيدي هذه المليشيات. و في صدد ذلك أشارت منظمات دولية مثل هيومن رايتس وتش في تقاريرها أن القوات الكردية التي تدير مناطق في شمال سوريا مارست الاعتقال التعسفية و الانتهاكات أثناء الاحتجاز و وثقت تقاريرها أيضا حالات اختطاف و قتل ارتكبت على أيدي هذه القوات.
و مع استمرار ارتكاب هذه المليشيات فضائع عدة في مناطق سيطرتها وصفت هذه الانتهاكات بأنها عنصرية حيث ترتكب بشكل أكبر بحق المكون العربي في المنطقة خصوصا في الحسكة و الرقة مما يعزز رغبتها الواضحة من أجل تحقيق الانفصال و الذي دائما ما تنفيه هذه المليشيات معتمدة على تواطؤ قوى دولية معها مثل روسيا و أمريكا حيث يعملان على تذخير هذه المليشيات و إمدادها بالغطاء الجوي و الدعم العسكري و اللوجستي بحجة مكافحة الإرهاب.
لكن و رغم كل الدعوات و التقارير التي تشير للفظائع المرتكبة من قبل هذه المليشيات و تحذر من شرورها في المنطقة إلا أنها ما زالت تستمر في التواطؤ و ارتكاب المجازر بحق السوريين فعلى وقع المشاهد المؤلمة القادمة من حلب لا يمكن إغفال دور هذه المليشيات بالتحالف مع قوى الاحتلال الروسي و المليشيات الشيعية ضد السكان في حلب و ضد فصائل الثورة السورية و هذا ما يكذب ادعائها بأنها تعمل فقط على مقاتلة داعش حيث لا يتواجد الأخير في مدينة حلب مما يصور مشاركتها هناك بالخيانة الكبرى لدماء السوريين و العمل على سفكها بالتحالف مع القوى الأجنبية من أجل قتل الشعب السوري و الاستفادة من ذلك من أجل مصالح ضيقة و أمنياتها بمساندة الروس و الأمريكان لها من أجل الاستمرار في بناء الكونتون الكردي على حساب دماء السوريين وتطلعاتهم بنيل الحرية و الكرامة.
إلا أن هذه الوقاحة و الخيانة إلا جانب الفظاعات الميدانية المرتكبة بحق السوريين لم تقف لدى الجانب الميداني و حسب بل تعدتها لتكون تصريحات سياسية و إعلامية من أجل المساهمة في بروباغندا سقوط مدينة حلب بيد نظام الأسد حيث جاءت تصريحات على لسان صالح مسلم رئيس ميليشيا الاتحاد الديمقراطي بأن انتصار القوات السورية في حلب محسومة مما يؤكد مشاركتها في الهجمة الروسية و الشيعية على مدينة حلب و تحملها مسؤولية الدماء المسفوكة هناك و ضلوعها في جرائم ضد الإنسانية ترتكب في حلب.
و كذلك تسقط ادعاءات هذه المليشيات بادعاء الديمقراطية التي تتخذها وسيلة لإقناع القوى الغربية كخطاب تفاهم من أجل حصولها على مزيد من الدعم و التمثيل في المحافل الدولية. فإلى جانب ممارساتها العنيفة ضد مكونات الشعب السوري و خصوصا العرب في مناطق الجزيرة فإن هذه القوات تعمل أيضا على اضطهاد المكون الكردي في مناطقها من خلال سياسية كم الأفواه و اعتقالات تطال ناشطين و صحفيين أكراد معارضين لتوجهاتهم العنصرية وأيضا الاعتداء على المظاهرات السلمية كالتي خرجت ضد انتهاكاتهم في مدينة القامشلي منذ عدة أيام حيث قامت هذه المليشيات بالاعتداء على النساء و الرجال و تفريق التظاهرة بالقوة لتعيد ممارسات النظام بحق المتظاهرين الذي طالما نفت صلته به رغم أن كل الدلالات الميدانية و الممارسات التشبيحية العنيفة تدل على أن هذه المليشيات جزء لا يتجزأ من عنف نظام الأسد و حلفائه ضد الشعب السوري بكل مكوناته المختلفة.