حلب تُباد، قسد تبشر بالديمقراطية!، ما فائدة الدعم؟، ماذا وراء تجديد العقوبات الأمريكية؟!، الطرق الآمنة.
تحليل هذه الأخبار وغيرها في”قراءة في أحداث الأسبوع”
حلب تُباد
تمكنت الميليشيات الطائفية والكردية مدعومة بالطيران الروسي من السيطرة على عدة أحياء (مساكن هنانو، جبل بدرو، الصاخور، الحيدرية، الشيخ فارس، الشيخ خضر، الهلك، بستان باشا وغيرها) في حلب الشرقية خلال فترة قصيرة.
صدَم التراجع الأخير للثوار الشارع الثوري، وخلّفَ حالة من الخوف والقلق على مستقبل الثورة السورية، وتطلعات السوريين للحرية، ولم يكن التراجع وليد يوم وليلة فقد سبقه انتكاسات كثيرة للثوار كان آخرها فشل معركتي فك الحصار عن حلب.
فقد بدأت المعركة أواخر عام 2013 م بداية 2014 م عندما سيطر النظام على السفيرة وبدأ حملة البراميل متبعاً سياسة دبيب النمل في تقدمه، فبدأ بقضم المناطق المحيطة بحلب واحدة تلو الأخرى حتى سيطر على طريق الكاستيللو الشريان الأخير لحلب المحررة، وبالمقابل حدثت بداية 2014م واستمرت للآن معارك دامية سقط فيها آلاف الشهداء من الثوار في الحرب مع داعش، واعتزل الآلاف منهم القتال، وذهب داعش بعد طرده من المدينة بالسيطرة على الريف فسيطر على الريف الشرقي وبدأ يقضم الريف الشمالي وبقيت مدينتا مارع وأعزاز على شفا السقوط، وتحرك الأكراد من طرف ثالث مدعومين بالطيران الروسي ليسيطروا على تل رفعت أهم مدن الثورة، وعدة قرى وبلدات، وخلال كل ذلك لم تتوحد بندقية الثوار تحت راية، ولم يفعل الأصدقاء شيئاً باستثناء الحديث عن حل سياسي ورحيل الأسد بينما الخارطة العسكرية يرسمها الروس والإيرانيين على الأرض.
وبالعودة للأسباب المباشرة فإن انسحاب الثوار في ظل الهجمة الداعشية على الريف الشمالي من حلب لمواجهة خطر داعش في مارع أفقد الجبهة الشرقية الشمالية ولا سيما في هنانو مئات المقاتلين الأشداء لتأتي عملية درع الفرات كقاصمة ظهر لثوار المنطقة الشرقية، فقد انسحب كثير من الثوار من هذه الأحياء التي تضم شريحة كبيرة من التركمان للمشاركة بدرع الفرات.
ولم يبق في هذه المناطق قوة بشرية من المقاتلين تستطيع تغطيتها، ولا سيما أن بعضها (مكشوف) يسهل فيه عمل الطيران والسلاح الثقيل الذي يفتقده الثوار.
فلم يجد الثوار بداً من التراجع أمام اختلال موازين القوى، ولا سيما أن الطرف الآخر لا يحترم القوانين الأخلاقية والإنسانية للحروب إذ بدأ بقصف المشافي والأفران والمدارس قبل المقاتلين
وانكفأ الثوار أمام القوة النارية الجهنمية للجنوب الشرقي من المدينة، وأعادوا ترتيب صفوفهم بعد امتصاص الهجمة، وبدأت نتائج ذلك بإحباط أكثر من هجوم للنظام على محاور صلاح الدين (الحشكل) بستان القصر والشيخ سعيد فأوقعوا عشرات القتلى في صفوف النظام وأسرى مقاتلين بينهم أفغان.
ويبقى السؤال أيستطيع الثوار الصمود أم سيتقدم النظام؟ وهل يمكن أن نكون أمام سيناريو داريا؟.
لا شك أن صمود المقاتلين له نهاية في مدينة محاصرة، لكن ذلك لا يعني سيطرة النظام أو سيناريو داريا. فالمقاتلون في حلب أكثر من عشرة أضعاف مقاتلي داريا، والسلاح المتوفر أضعاف، كما أن إمكانية فك الحصار ما زالت ممكنة وتصطدم أمام عقبتين، والعقبتان وضعهما ما يسمى أصدقاء الشعب السوري، وبالتالي فسقوط حلب في حال حصوله مرجعه ما يسمى أصدقاء سورية، ففك حصار حلب يتطلب وحدة بندقية الثوار والسلاح النوعي، وهذان الأمران ما زالا محرمين بدعوى هذا فصيل إرهابي لا يجوز الاندماج معه، وهذا متطرف لا تتوافق الرؤى المستقبلية معه، والسلاح النوعي (مضاد طيران) صار من المستحيلات عند الأصدقاء.
ويبقى هذا مجرد تحليل عسكري سياسي قد لا تقبله الثورات، فللثورات دائماً قوانينها ومنطقها الخاص، بل ومفاجأتها التي تخالف المنطق.
قصف مجهول النصدر لبلدتي نبل والزهراء المواليتين
مقتل وجرح العشرات في أربع غارات جوية على مدينتي نبل والزهراء المواليتين للنظام شمال حلب.
من الحمق أن يُقال أن القصف خطأ عسكري، ولاسيما أنه أُتبع في اليوم اللاحق بقصف موقع لميليشيا النجباء العراقية، فالقصف كان متعمداً ومدروساً، وعلينا البحث حول الجهة والدوافع، وتبدو الطائرات الروسية المتهم الأول، وذلك يعود لتمرد قامت به بعض الميليشيات الشيعية عندما ظنت أنها أصبحت دولة داخل الدولة، فيعرف المتابع للشأن السوري أن ثمة تناقضات كبيرة جداً داخل حلفاء النظام السوري، فسورية تحولت لدولة أمراء حرب، ولا يملك النظام أي سيطرة عليها، والغارات الروسية درس أراد الروس يفيد بأنّ الروس اللاعب الأكبر بل الأول والأخير، والبقية مجرد مرتزقة.
ويبقى الاحتمال الثاني وإن كان ضعيفاً متمثلاً بالطيران التركي في إطار الانتقام من النظام الذي قتل وجرح قرابة 12 مقاتلاً شمال مدينة الباب.
لا شكّ أن اللاعبين الكبار يعرفون من قصف؟ ولماذا قصف؟ ولا شك بالتالي أن الرسالة وصلت.
قسد تبشر بالديمقراطية!
حالة هلع وخوف في منبج بعد أن قامت “قسد” بحملة اعتقالات طالت أقارب عناصر الجيش الحر المشاركين في عملية درع الفرات.
وزادت المخاوف بعد ورود معلومات تشير لتسليم “قسد” المعتقلين للنظام أو تجنيدهم في صفوفها ليقتل القريب قريبه عند اقتراب المعارك لمنبج، وتعد خطوة قسد تحولاً خطيراً في ظل الصراعات الدائرة في سورية، ويُخشى أن تكون فاتحة لقانون جديد، وممارسة جديدة لم يستخدمها أي طرف من الأطراف المتصارعة بما في ذلك النظام وداعش، فما زال للثوار إخوة يعملون في مناطق النظام، ومنهم من يمارس عملاً وظيفياً رفيعاً، وكذلك الأمر في مناطق داعش، وما حصل خلاف ذلك بقي محدوداً، وفي إطار ضيق دون أن يصبح سياسة كما هو الحال في ممارسات “قسد”.
لن نشير لعمالة “قسد” وارتباطها الوثيق مع النظام السوري، فالأدلة أكثر من أن تعد، وليس آخرها معارك الأحياء الشرقية في حلب مؤخراً حيث لعبت “قسد” ممثلة بالكرد دور الخنجر الغادر المسموم الذي لم يترك فرصة دون أن يطعن فيها الثوار.
اعتقال أقارب الثوار يتنافى تماماً مع كل الشعارات الكاذبة التي ترفعها الميليشيات الكردية، وتتماشى مع الحرية التي التي صدّع بها البعث السوري رؤوس السوريين طوال حكم آل الأسد، وعندما نعرف أن “قسد” لم تقم بهذه الخطوة تجاه أقارب الدواعش ندرك أن “قسد” تستشعر الخطر الحقيقي المتمثل بالثوار لامتلاكهم مشروعاً حضارياً وحاضنة شعبية.
الاعتقالات التعسفية توضح أن “قسد” ليس لها من الديمقراطية ليس لها إلا اسمها، وأنها تسعى لتقسيم سورية، فيجب ألا تسمى “قوات سورية الديمقراطية” بل “ميليشيا الإرهاب الانفصالية”.
ماذا وراء تجديد العقوبات الأمريكية؟!.
جدد مجلس الشيوخ الأمريكي العقوبات الأمريكية بالأغلبية العقوبات المفروضة على إيران عشر سنوات جديدة.
تعطي العقوبات الجديدة مؤشراً لما ستكون عليه السياسة الأمريكية الجديدة التي يسيطر فيها الجمهوريون على مجلسي النواب والشيوخ فضلاً عن منصب الرئاسة، فالعقوبات الأخيرة تثبت صعوبة بناء علاقات وديّة بين الولايات المتحدة وإيران من جهة، وتثبت أن الولايات المتحدة ستعود لسياسة العصا، فما حصل إليه أوباما من خلال سياسة الجزرة لا يلغي البرنامج النووي إنما يجمده.
وفرق شاسع بين الإلغاء والتجميد، فإيران ذات نظام زئبقي لا يؤتمن، وليس أدل على ذلك من التقارير الدولية في هذا الصدد فضلاً عن تصريحات المسؤولين الإيرانيين بإعادة تفعيل برنامجهم النووي، وبالتالي فإن الولايات المتحدة بحاجة ماسة خلال الفترة القادمة لترميم العلاقات الاستراتيجية مع الحلفاء التقليديين، وهنا يحضر الملف السوري بقوّة باعتباره ملف أمن قومي لدول الإقليم، وهذا ما يفسر الهجمة الهستيرية للإيرانيين والروس على حلب، فثمة أمور في الكواليس ستتكشف خلال الأسابيع والشهور القادمة، لكنّ المؤكد أنّ إيران ستكون الخاسر الأكبر فيها.
الطرق الآمنة
النظام يقيم معتقلات للخارجين من أحياء حلب الشرقية، والميليشيات الكردية تعدم ميدانياً عدداً من الشباب.
طالما تحدث النظام والروس عن الممرات الآمنة للمدنيين والعسكريين، وتحدث النظام عن العفو عن كل من حمل السلاح لكن الممارسات على أرض الواقع كذّبت كل ذلك، فالطائرات الروسية تستهدف الخارجين من المدنيبن الفارين بأرواحهم من جحيم الجوع والقصف وليس أدل على ذلك من مجزرة جب القبة التي راح ضحيتها قرابة 25 مدنياً معظمهم أطفال ونساء.
ومن نجا لم يسلم من مخيمات الاعتقال للتأكد من زمرته الدموية، فكل من ثبت وجود صلة ما له بالثورة من قريب أو بعيد يُحال لفروع الأمن حيث جهنم جديدة تنتظره، وهذا يتناقض تماماً مع مرسوم العفو، ويثبت أن القوانين والمراسيم عند نظام الأسد لا تساوي ثمن الحبر الذي كتب بها.
ومن فضّل البقاء في بيته ضمن الأحياء التي سيطر عليها الكرد لم يسلم من القتل بدعوى التعاون مع الثوار، ومن نجا من القتل لم ينجُ من الإهانات والشتائم.
ما حدث في حلب الشرقية يوضح حقيقة الروس والنظام والقوات الكردية، ويرسم مستقبلاً أسود لسورية.
ما فائدة الدعم؟
قطر تعلن مواصلتها دعم المعارضة السورية حتى إن تخلى “ترمب” عنها.
يثير التصريح القطري حقيقة الاستغراب، ولا سيما أنه يأتي متزامناً مع الهجمة الوحشية على حلب، والتقدم الكبير الذي يحققه النظام من خلال دعم الروس والإيرانيين له، فمن يسمع التصريح القطري يعتقد أن الولايات المتحدة في إدارتها الحالية كانت تدعم المعارضة السورية، وبأن ما يحصل في سورية خارج عن الإرادة الأمريكية..
لا ينكر أحد الدعمين السعودي والقطري للثورة السورية، وكذلك التركي لكنه دعم خجول زاد المعاناة وأطال الأزمة، وربما يؤدي لسحق الثورة والسوريين إذا استمر بالوتيرة ذاتها دون تغيير، فدعمهم كحال من يعالج السرطان بحبوب الأسبرين، ولم يتقدم النظام خلال العامين الماضيين بل لم يصمد حتى الآن إلا بفضل الدعمين الروسي والإيراني، ولو قدم أصدقاء الشعب السوري 10% للثورة مما قدمه الروس والإيرانيين للنظام لانتصرت الثورة وانتهت المعاناة.
لا يحتاج الثوار سوى للتذخير، وصواريخ مضادة للطيران، وغير ذلك ذر للرماد في العيون، ولا نعتقد أن الولايات المتحدة كانت عاجزة عن ذلك، ولكن العجز عند الداعمين للثورة الذين استجابوا للضغوط الأمريكي، وامتنعوا عن دعم حقيقي يغير المعادلة.
سورية مقبرة الغزاة
كشف “المجلس الوطني للمقاومة الإيرانيّة” أنّ عدد قتلى الحرس الثوري الإيراني والميليشيات التابعة له، أو الممولين من قبلهم تجاوز عتبة 10 آلاف مقاتل.
يوضح هذا الرقم مقدار الدعم الذي تقدمه إيران للنظام السوري، ويوضح بالمقابل ضآلة وتواضع الدعم المُقدم للثوار السوريين، كما يكشف الرقم بجلاء أنّ الجيش السوري لم يعد له وجود على الأرض السورية، فمن يحقق الانتصارات خلال السنوات الماضية هذه الميليشيات الطائفية على الأرض بدعم روسي من الجو.
فلم يعد ثمة مجال للشك والإنكار أن سورية تقع تحت الاستعمار المباشر، وميزة هذا الاستعمار أنه طائفي عفن يستهدف النسيج الوطني والهوية الوطنية خلافاً لكل أنواع الاستعمار التي وحدت النسيج الوطني السوري، ويثبت هذا الاعتراف وطنية الثورة السورية، وشعبيتها الجارفة، فلم يستطع الاستبداد رغم سطوته وجبروته سحقها فلجأ للطائفيين الحاقدين لينقذوه.
وينبغي على الداعمين للثورة مراجعة حساباتهم تجاه الثورة السورية، فدعمهم خجول لا يسد الرمق، ولا يفي بالغرض، وينبغي التذكير هنا أن الغالبية الساحقة من غير السوريين عرباً وأجانب ممن جاء لنصرة الثورة تلقفته داعش ليتحول خنجراً مسموماً في ظهر الثورة، وداعماً رئيساً للأسد.
وما حصل في حلب مؤخراً سببه الدواعش الذين استنزفوا المدينة، والميليشيات الطائفية والطيران الروسي، أما إرادة الثوار فصلبة لم تُكسر ولن تكسر حتى لو خرجوا من حلب، فلا يمكن لمكتوف الأيدي أن يسبح في بحر لجي. فالهزيمة لمن كتّف يديه من خلال منع السلاح النوعي، ومنع وحدته.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.